ماذا تعني الثورتان: التونسية، والمصرية، بالنسبة للشعوب؟.....18
إهـــــداء إلـــــــى:
ـ كل من ساهم في حركة الشعوب، في البلاد العربية، ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ الشعوب، في البلاد العربية، التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
ـ إلى الشعبين العظيمين: في تونس، وفي مصر، الحريصين على الذهاب بثورتهما إلى أن تتحقق كل طموحاتهما.
ـ من أجل أن تستمر الثورة في البلاد العربية، حتى يتم القضاء على معاقل الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ من أجل الرفع من وتيرة تعبئة الشعوب، حتى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
دروس الثورتين التونسية والمصرية:.....1
وبعد مناقشتنا للثورة التونسية، وبدايتها، ومسارها، وأهدافها، ونتيجتها. وللثورة المصرية بدايتها، ومسارها، وأهدافها، ونتيجتها، نجد أنفسنا أمام طرح السؤال: ما هي الدروس التي تقدمها الثورتان: التونسية، والمصرية للشعوب في البلاد العربية؟
إن الدروس المستفادة من الثورتين: التونسية، والمصرية، كثيرة، ومتعددة، إلا أننا هنا، سنحاول حصرها في الدرس السياسي، والدرس الاقتصادي، والدرس الاجتماعي، والدرس الثقافي، والدرس الإنساني. وهذه الدروس مجتمعة، لا بد أن تكون لها دلالات عميقة، على مستوى الواقع، في تجلياته السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية. وتلك الدلالات العميقة، هي التي تعطي للثورتين، أبعادها التاريخية، والواقعية، والقومية، والكونية.
وحتى نزداد وضوحا أكثر، لا بد من أن نناقش الدروس المستفادة من الثورتين: التونسية، والمصرية:
الدرس الأول: الدرس السياسي، الذي يظهر من خلال ما قام به الشعبان: التونسي، والمصري، أن الحكام المستبدين، مهما كانوا، هم وحاشيتهم، ومساعدوهم، وأجهزة حكمهم، وأحزاب دولهم، مجرد نهابي ثروات الشعوب، وأن الشعوب تئن تحت عتبة الفقر، بسبب استعبادها، وتعميق استغلالها المادي، والمعنوي، وأن على الشعوب أن تتحرك لفرض قيام حكم ديمقراطي، من الشعب، وإلى الشعب، لتجسيد الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
ومعلوم، أن أنظمة الحكم في البلاد العربية، هي أنظمة استبدادية، من المحيط، إلى الخليج، وأن هذه الأنظمة المستبدة، تمارس كافة أشكال القمع المادي، والمعنوي على الشعوب، في البلاد العربية، حتى تتمكن، هذه الأنظمة، من الاستبداد بالثورات، التي تزخر بها البلاد العربية، التي تصير في خدمة النظام الرأسمالي العالمي، وفي خدمة الحكام المستبدين، في نفس الوقت، وتبقى الشعوب محرومة من كل حقوقها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتصير العلاقة بين الحكام، والشعوب، علاقة تناقض رئيسي، للانفجار في أية لحظة، سعيا إلى أحد أمرين:
الأمر الأول: تعميق قمع الشعوب، حتى تصير خاضعة خضوعا مطلقا للحكام، ودون مناقشة، لما يقوم به الحاكم، باعتباره مقدسا.
الأمر الثاني: النضال، والصمود، من أجل القضاء على الحكام المستبدين، وإقامة أنظمة ديمقراطية، وعادلة، من أجل أن تصير السيادة للشعوب، التي تختار من يحكمها، وتحاسب ناهبي ثرواتها.
الدرس الثاني: الدرس الاقتصادي، الذي كشف، وبالملموس، أن الاقتصاد الوطني، في كل بلد من البلاد العربية، صار رهينا بيد الحكام، والذين صاروا يملكون كل المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، والأرض، ومن عليها، وما عليها، في الوقت الذي يحرم فيه الشعب، وأبناؤه، حتى من الحق في الشغل، وفي السكن، وفي الصحة، وفي التعليم، وفي التربية، وغير ذلك مما يعتبر أساسيا، وضروريا، لوجود حياة في حد ذاتها، دون أن نتكلم عن الحقوق الاقتصادية، والاجتماعيةن والثقافية، والمدنية، والسياسية.
والاقتصاد، لا يكون اقتصادا وطنيا، إلا اذا كان في خدمة مصالح الشعب، في كل بلد من البلاد العربية، ومتحررا من التبعية للمؤسسات المالية الدولية، ومن الشركات العابرة للقارات، ومن الارتباط بالنظام الرأسمالي العالمي، حتى وإن كان النظام الرأسمالي معولما؛ لأنه إذا لم يكن الاقتصاد الوطني متحررا فإنه لا يمكن أنيصير في خدمة الشعب.
كما أن الاقتصاد الوطني المتحرر لا يمكن أن يكون في خدمة الشعب، إذا لم يتم الفصل بين السلطة، والثروة؛ لأن السلطة، والثروة، إذا اجتمعتا، يصيران وسيلة لنهب ثروات الشعب، أو ما تبقى منها، لصالح من يملك السلطة، كما حصل في عهد بن علي، في تونس، وفي عهد مبارك، في مصر.
والاقتصاد الوطني المتحرر، كذلك، لا يمكن أن يصير في خدمة مصالح الشعب، اذا لم يتم توزيع الدخل الوطني توزيعا عادلا، بين جميع أفراد الشعب، حتى يتمكنوا من الحصول على حاجياتهم الضرورية، التي تضمها لهم المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وبدون التوزيع العادل للثروة، لا يصير الاقتصاد الوطني متحررا، ولا يصير في خدمة الشعب.
الدرس الثالث: الدرس الاجتماعي، الذي بين، إلى حد كبير، أن ثورة الشعبين: التونسي، والمصري، بينت أن المستوى الاجتماعي للشعوب، في البلاد العربية، متخلف كثيرا، على ما عليه الأمر في البلدان ذات الأنظمة الديمقراطية، وعلى جميع المستويات: التعليمية، والصحية، والسكنية، والشغلية، والترفيهية، وغيرها. وهذا التخلف، هو التعبير الميداني عن الاحتقان السائد في صفوف شعوب البلاد العربية، وغيرها من الشعوب المضطهدة، التي لا زالت تعاني منذ أن عرفت دولها ما سمي بالاستقلال السياسي، الذي وقف وراء الاستمرار فيما صار يعرف بالاستعمار الجديد، الذي تحول إلى ما صار يعرف أيضا بالأنظمة التابعة، للنظام الرأسمالي العالمي، وصولا إلى ما صار يعرف بعولمة اقتصاد السوق، الذي لا يعني، في عمقه، إلا عولمة الاستغلال الهمجي للعرب، من خلال عولمة الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ويتبع>>>>>>>>>>> : ماذا تعني الثورتان: التونسية، والمصرية، بالنسبة للشعوب؟.....20