فاعلية العلاج النفسي الديني في تخفيف أعراض الوسواس القهري لدى عينة من طالبات الجامعة**
الملخص:
يعد اضطراب الوسواس القهري اضطراباً نفسياً وليس اضطراباً ذهانياً، كما أنه يعد من الاضطرابات ذات الخصوصية بين المجتمعات العربية، ويظهر هذا الاضطراب في أي مرحلة عمرية فهو ينتشر بين الأطفال كما ينتشر بين الشباب والكبار والشيوخ، ويعد اضطراب الوسواس القهري رابع الاضطرابات النفسية انتشاراً في العالم بشكل عام، ويتصف هذا الاضطراب بوجود أفكار متكررة لا ترغبها الطالبة، وتأتي رغماً عنها، حتى بعد محاولة إبعادها والتخلص منها، وتقوم الطالبة المصابة بهذا المرض بعمل أفعال قهرية لا تستطيع الامتناع عنها؛ نظراً لأن هذه الأفعال تخفف من قلقها. هذا القلق يخف لفترة محدودة، ثم يعود مرة أخرى،فتكرر المريضة بالوسواس القهري أفعالها القهرية بصورةِ مبالغِ فيها؛ قد تؤدي إلى إضاعة وقتها، وتشتيت انتباهها ويترتب على ذلك خسارتها المعنوية والمادية؛ مما يؤثر على كفاءتها الوظيفية حالياً ومستقبلاً. وتظهر مشكلة الدراسة في تأثير اضطراب الوسواس القهري كأحد الأعصبة والأمراض النفسية الشديدة على توافق الطالبة، وتقييد مجالها الحيوي وحصرها في نطاق ضيق، بل وشلل الإرادة أحياناً بشكل تام مما يعوق تكيفها مع العالم المحيط، عندما تجد الطالبة نفسها أمام هذا الكم من الأفكار الو سواسية والتي تشعرها بأنها تكاد تفقد عقلها.
وطالبة الجامعة فضلاً عن كونها طالبة جامعية، هي زوجة المستقبل ومعلمة وأم؛ تؤثر إصابتها باضطراب الوسواس القهري على مجمل حياتها الشخصية، والاجتماعية، والدراسية، خاصة أن هذا الأثر يمتد ليشمل الطالبة وأسرتها وأولادها وأصدقاءها مما يعيق أداءها الوظيفي وكفاءتها في المجتمع عامة.
لذا تهدف الدراسة الحالية إلى استكشاف فعالية برنامج نفسي قائم على العلاج النفسي الديني في التخفيف من أعراض اضطراب الوسواس القهري لدى عينة من طالبات الجامعة. وتكونت عينة الدراسة من"20" طالبة جامعية ؛ ممن يعانين من اضطراب الوسواس القهري، حيث تم تقسيمهن إلى مجموعتين متجانستين هما: المجموعة التجريبية: وقوامها "10" طالبات. والمجموعة الضابطة: وقوامها "10" طالبات. وشملت أدوات الدراسة المقابلة الشخصية وقائمة مودزلىMoudsley للعصاب القهري Obsessional Compulsive Inventory (MOCI) (ترجمة صفوت فرج وسعاد البشر، 2002) ومقياس يل براون للوسواس القهري (ترجمة فرج والبشر، 2002) ومقياس المستوى الاجتماعي الإقتصادى والثقافي. (إعداد: فضه،1997) وبرنامج العلاج النفسي الديني. وأظهرت نتائج الدراسة فاعلية برنامج العلاج النفسي الديني في التخفيف من أعراض الوسواس القهري.
مقدمــة الدراسة :
يعد اضطراب الوسواس القهري اضطراباً نفسياُ، يتصف بوجود أفكار متكررة لا يرغبها الشخص، وتأتي رغماً عنه، حتى بعد محاولته إبعادها والتخلص منها. ويقوم الشخص المصاب بهذا المرض بعمل أفعال قهرية لا يستطيع الامتناع عنها؛ نظراً لأن هذه الأفعال تخفف من قلقه. هذا القلق يخف لفترة محدودة، ثم يعود مرة أخرى مما يستدعي المريض بالوسواس القهري إلى تكرار أفعاله القهرية بصورةِ مبالغِ فيها؛ قد تؤدي إلى إضاعة وقته، وخسارته المعنوية والمادية، إضافة إلى أن بعض الأعمال القهرية تؤدي إلى الضرر البدني بالشخص، مثل: كثرة الغسيل لأماكن معينة في الجسم، وربما بمواد مضرة كالمطهرات الكيميائية. يؤثر الوسواس القهرى على مجمل حياة الفرد وتوافقه النفسى والاجتماعى؛ وقد لوحظ أن بعض المصابين بالوسواس القهرى، يعانون معاناة نفسية شديدة، ويحاولون التوافق كثيراً للتغلب على معاناتهم؛ بيد أن طول المعاناة من هذا الاضطراب _ والذى قد يمتد الى سنوات _ وشدة الألم والكدر والضيق الذى يحدث بسبب ذلك، ناهيكم عن وطأة المرض نفسه؛ يدفعهم الى طلب العلاج النفسى بهدف تخفيف معاناتهم وكربهم، وخاصة أن ذلك الأثر يمتد ليشمل الفرد وأسرته وأولاده وأصدقائه.
ويوضح مخيمر(1977، ص19) بأن العصاب القهري من أشد الأعصبه بأساً، وأعسرها على الشفاء. ويقول بيك وآخرون (2002، مترجم، ص962) أن مريض الوسواس القهري يرفض الاستمرار في الجلسات، وينسحب من العلاج بسبب معاناته من القلق الذي يصبح أمراً غير محتمل. وفى الدليل التشخيصى الرابع للاضطرابات العقلية ®DSM IV إشارة إلى أن الأعراض تكون شديدة بدرجة كافية؛ لتحدث ألماً نفسياً واضحاً، كما أنها تستهلك الوقت، وتشوش على الفرد، وتعطل أداءه الوظيفي وأنشطته، وعلاقاته الإجتماعيه مع الآخرين. (APA, 1994, p.420) وطالبات الجامعة اللاتى يصبن بالرسوب أو الفشل الدراسى أكثر عرضة للاضطرابات النفسية المختلفة والمتنوعة، والتى من بينها اضطراب الوسواس القهرى؛ فالطالبات اللاتى يعانين من سوء التوافق النفسى والاجتماعى، ويتبنين مفهوم ذات سلبى، ويعانين من انخفاض فى درجة الدافعية لديهن، ويشكين من تدنى مستواهن التحصيلى؛ يكن فى أمس الحاجة الى البرامج الارشادية والعلاجية لتدريبهن على التخطى والتغلب على هذه المعوقات التى قد تتسبب فى ظهور الاضطراب النفسى، ويعد العلاج النفسى الدينى أحد أبرز تلك التدخلات الفعالة؛ إذ يسهم فى تحسين قدرة الفرد على التفكير والادراك السليم للمواقف. ويساعد الفرد على الوعى بالذات، والتعبير عن النفس، وإكتساب المهارات الحياتية بل وممارستها، ومن خلال ذلك تصل الطالبة إلى التغلب على اضطراب الوسواس القهرى والى فهم نفسها وفهم الآخرين.
ثانياً: مشكلة الدراسة :
تظهر مشكلة الدراسة في تأثير اضطراب الوسواس القهري كأحد الأعصبة والأمراض النفسية الشديدة على توافق الفرد، وتقييد مجاله الحيوى وحصره فى نطاق ضيق، بل وشلل الإرادة أحياناً بشكل تام مما يعوق تكيف الفرد مع من حوله. وطالبة الجامعة فضلاً عن كونها طالبة جامعية هى زوجة المستقبل ومعلمة وأم؛ تؤثر اصابتها بإضطراب الوسواس القهرى على مجمل حياتها الشخصية، والاجتماعية، والدراسية، كما تؤثر على أسرتها بشكل عام. وقد وجد عكاشة ( 1998، ص137) أن نسبة المترددين على عيادة الطب النفسى بمستشفى جامعة عين شمس منهم تقريبا( 2.6%) يعانون من اضطراب الوسواس القهرى، وتدل الأبحاث الحديثة على أن شيوعه بين مجموع الشعب تقريبا (2.5%).
وتقول هولاند (2006) إن اضطراب الوسواس القهرى يعد المرض الرابع الأكثر تشخيصاً فى العالم بشكل عام، وفى الولايات المتحدة بشكل خاص، إن راشداَ من بين أربعين من الراشدين تنطبق عليه محكات اضطراب الوسواس القهرى التشخيصية فى مرحلة من مراحل حياته. (هولاند، مترجم ، 2006، ص213) مما سبق يمكن صياغة مشكلة الدراسة فى التساؤل الآتى:
ما مدى فاعلية برنامج العلاج النفسى الدينى في تخفيف أعراض الوسواس القهري لدى عينة من طالبات الجامعة؟ وكذلك مدى إستمراريته – إن وجدت له فاعلية – إلى ما بعد فترة المتابعة.
ثالثاً: أهـداف الدراسة:
الهدف الأساسي للدراسة الحالية هو أنها تبين مدى فاعلية برنامج العلاج النفسى الدينى فى تخفيف أعراض الوسواس القهرى لدى عينة من طالبات الجامعه، وكذلك مدى إستمراريته – إن وجدت له فاعلية – إلى ما بعد فترة المتابعة.
رابعاً: أهمية الدراسة:
تبدو أهمية الدراسة فى أنها تسهم فى التعامل مع مشكلةٍ حيوية، وواقعية، هي اضطراب العصاب القهرى، لدى عينة من طالبات الجامعة . وكذلك تصميم برنامج قائم على العلاج النفسى الدينى لعلاج تلك المشكلة. هذا على المستوى النظرى، أما على المستوى التطبيقى، فتبدو أهمية الدراسة فى أنها تمثل محاولة للتحقق الإجرائى من مدى فاعلية برنامج قائم على العلاج النفسى الدينى فى تخفيف أعراض الوسواس القهرى لدى عينة من طالبات المرحلة الجامعية، مساهمة في الأخذ بأيديهن لاكتساب بعض مهارات التوافق النفسى والاجتماعى.
المراجع:
- فضة، حمدان "دراسة مقارنة لمستويات الأنا العليا لدى العصابيين القهريين والأسوياء", رسالة ماجستير ، كلية التربية ، جامعة بنها (1989).
- فضة، حمدان "كفاية التواصل المُدْرك لدى طلاب الجامعة وعلاقتها بمستوى نمو الأنا لديهم", مجلة كلية التربية ببنها ،المجلد "10"، العدد "39" ،ص 261 – 328. (1999).
- فضة، حمدان "الأحكام السبقية لدى طلاب الجامعة على متصل السلوك الاجتماعي", بحث مقبول النشر،مجلة الإرشاد النفسي، مركز الإرشاد النفسي،جامعة عين شمس (2002).
- فرج، صفوت؛ وسعاد البشر "المقارنة بين كل من العلاج السلوكي بأسلوب التعرض ومنع الاستجابة وبين العلاج الدوائي لمرضى الوسواس القهري", مجلة دراسات نفسية، م "12
- هولاند " اضطراب الوسواس القهري"، فى: ليهي، روبرت (مترجم، 2006) : دليل عملي تفصيلي لممارسة العلاج النفسي المعرفي في الاضطرابات النفسية، ترجمة جمعة يوسف ومحمد الصبوة. القاهرة : ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع (مترجم،2006).
- عكاشة، أحمد "الطب النفسي المعاصر"، القاهرة : الأنجلو المصرية (2003).
- بيك، آرون؛ ووليامز، مارك؛ وسكوت، جان " العلاج المعرفي والممارسة الإكلينيكية (موسوعة علم النفس العيادى؛ 5 )"، ترجمة حسن عبد المعطى القاهرة : دار زهراء الشرق ( مترجم، 2002).
- مخيمر، صلاح "تناول جديد في تصنيف الأعصبة والعلاجات النفسية", القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية (1977).
** د. حمدان محمود فضة د. آمال إبراهيم الفقي، والباحث: سليمان رجب سيد أحمد
ويتبع>>>>>> : فاعلية العلاج النفسي الديني في الوسواس القهري (2)
اقرئي أيضًا:
الاستشفاء بالقرآن في الطب النفسي المعاصر / الدين والعلاج النفسي2 / بدل الاعتراض 2 إقحام الدين واسم مجانين