نظرا لما لموضوع الذكاء من أهمية كبيرة في معرفة كمية ومقدار النمو العقلي لدى الأفراد وكذلك في إيجاد الوسائل الكفيلة بتنمية الذكاء، من أجل ذلك كله حظي موضوع الذكاء منذ بداية القرن العشرين بالاهتمام بشكل عام وبقياس الذكاء بشكل خاص، وعملية قياس الذكاء ما هي إلا عملية تحويل المعطيات المختلفة للنمو العقلي والذكاء إلى أرقام وكميات ومعرفة مدى تناسب تلك الأرقام مع العمر الزمني للأفراد.
من أجل ذلك فقد رغبت في التعرف بالبحث عن هذا الموضوع (اختبارات الذكاء The intelligence tests ) وقد تطرقت بالحديث بإيجاز عن المواضيع التالية:
1- مفهوم الذكاء
2- ثبات نسبة الذكاء
3- علاقة الذكاء بالتحصيل
4- مقاييس الذكاء
5- الشروط الواجب توافرها في اختبارات الذكاء
6- تصنيفات اختبارات الذكاء
7- اختبارات الذكاء الفردية
8- اختبارات الذكاء الجمعية
مفهوم الذكاء:
لا يوجد تعريف واحد للذكاء يرضي جميع علماء النفس، فمفهوم الذكاء غير واضح التحديد، فهو يشتمل على الإدراك والتعلم والتذكر والاستدلال وحل المسائل المعقدة، والسلوك الذكي هو سلوك توافقي يتجه نحو هدف ويحل المسائل وتوجهه العمليات المعرفية.
والحقيقة أن الذكاء صفة وليس شيئا موجودا وجودا حقيقيا، فقد حلل كثير من العلماء تعريف الذكاء أو تحديده كما لو كان شيئا له وجود أي ككيان حقيقي، ومن هذه التعريفات:-
1- تعريف وكسلر: "الذكاء هو القدرة الكلية على التفكير العاقل والسلوك الهادف ذي التأثير الفعال في البيئة"
2- تعريف كلفن: "القدرة على التعلم"
3- تعريف ديف كهلر: "القدرة على إدراك العلاقات عن طريق الاستبصار والتوافق العقلي في المواقف الجديدة التي تقابل الفرد في حياته"
4- تعريف ستيرن: "القدرة العقلية الفطرية العامة لدى الفرد على التكيف العقلي للمشاكل وموافق الحياة الجديدة"
5- تعريف بيرت ودبر بورن: "القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها"
6- تعريف سبيرمان: "الذكاء هو قدرة فطرية عامة أو عامل عام يؤثر في جميع أنواع النشاط العقلي مهما اختلف موضوع هذا النشاط وشكله وتشمل هذه القدرة على إدراك العلاقات"
7- تعريف ركس نايت: "القدرة على اكتشاف الصفات الملائمة للأشياء أو الأفكار وعلاقتها ببعض"
8- تعريف بنتر: "القدرة على التكيف بنجاح بالنسبة للعلاقات الجديدة في الحياة"
9- تعريف ترمان: "القدرة على القيام بالتفكير المجرد"
10- تعريف بنيه: "القدرة على اتخاذ اتجاه محدد والاستمرار فيه وكذلك القدرة على الملاءمة والنقد الذاتي"
11- تعريف ستودارد: "نشاط عقلي يتميز بالصعوبة والتعقيد والتجريد والاقتصاد والتكيف الهادف والقيمة الاجتماعية والابتكار والحفاظ على هذا النشاط في ظروف تستلزم تركيز الطاقة ومقاومة القوى الانفعالية"
12- ويعرف زكي صالح: "مجموعة أساليب الأداء التي تشترك في كل الاختبارات التي تقيس أي مظهرمن مظاهر النشاط العقلي والتي تتميز عن غيرها من أساليب الأداء الأخرى وترتبط بها ارتباطا ضعيفا"
أما من الناحية البيولوجية يمكن أن نحدد الذكاء في إطار التكوين التشريحي والنشاط الفسيولوجي للجهاز العصبي المركزي وخاصة مجموعة الخلايا التي تكون الطبقة العليا من المخ وتسمى طبقة القشرة.
ويمكن تفسير الذكاء عن طريق عدد الوصلات العصبية التي تصل بين خلايا المخ لتكوين الشبكة العصبية أو الألياف العصبية وهذا ما أشار إليه ثورندايك 1924 .
ومن التعريفات السابقة نجد أن الذكاء يشمل الجوانب التالية:
1- أن الذكاء كلمة مجردة أو تكوين فرضي لا يشير إلى شيء مادي ملموس يمتلكه الشخص أي أننا لا نلاحظه مباشرة ولا نقيسه قياسا مباشرا إنما نستدل عليه من آثاره ونتائجه وأن هذا التكوين الفرضي ظهر نتيجة البحوث في الاختبارات العقلية ونتيجة استخراج العلاقة بين هذه الاختبارات الواحد منها بالآخر.
2- أن الذكاء هو القاسم المشترك الأكبر بين العمليات العقلية جميعا بدرجات متفاوتة.
3- الجانب المعرفي من الشخصية أي قدرة الشخص على التعرف على معالم بيئته واكتشاف الصفات الملائمة للأشياء والأفكار الموجودة وعلاقتها ببعضها.
4- القدرة على استنباط أفكار أخرى مناسبة إذا ما للشخص مشكلة تحتاج إلى أعمال الذهن.
ثبات نسبة الذكاء:
عند الحديث عن هذا الموضوع لا بد من التطرق إلى مفهومين أساسين من مفاهيم قياس الذكاء ألا وهما:
1- العمر العقلي
2- نسبة الذكاء
العمر العقلي هو مستوى الذكاء الذي بلغه الفرد في الوقت الذي أجري عليه المقياس أو هو درجة الفرد بالقياس إلى أفراد آخرين من نفس سنه في لحظة زمنية وباستخدام مقياس معين. ويحدد العمر العقلي عن طريق تحديد متوسط الأعمال العقلية التي يمكن أن ينجح فيها مجموعة ممثلة من الأفراد في كل سن.
نسبة الذكاء (( netlligence Quotinet )):
"النسبة المئوية للأداء العقلي الذي يصل إليه الفرد أثناء إجراء الاختبارات"، أي بمعنى أنه عبارة عن العمر العقلي مقسوما على العمر الزمني والناتج مضروبا في مائة.
أي أن العمر العقلي
نسبة الذكاء = × 100
العمر الزمني
ربما كان من المشكلات التي أثارت ولا تزال تثير الجدل مشكلة ثبات نسبة الذكاء I Q constancy فهل الدرجة التي يحصل عليها الفرد في مقياس للذكاء في سن معين يمكن أن تتنبأ بشكل جيد بدرجته في سن متأخرة. وبعبارة أخرى هل يتغير وضع الفرد بالنسبة لأقرانه في الذكاء مع مرور الوقت أم يظل هذا الوضع ثابتا؟ أي هل يتغير مستوى ذكاء الفرد- بالمقارنة بأقرانه -بزيادة العمر؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات ذات أهمية كبيرة نتيجة لمالها من تصنيفات نظرية وتطبيقية، فمن الناحية النظرية يمكن أن تمدنا ببعض البيانات عن مدى ما تسهم به العوامل البيئية في تنمية الذكاء، ومن الناحية العملية التطبيقية تساعدنا في تحديد ما إذا كان ممكنا رفع مستوى ذكاء الأفراد، أي مستوى الثروة العقلية في المجتمع أم أن ذلك أمر مستحيل؟.
ومن الدراسات التي أمدتنا ببعض البيانات في هذا المجال:
1- الدراسة التي أجريت في جامعة كاليفورنيا .
2- الدراسة التي أجريت في معهد فيلز .
3- الدراسة التي أجريت بواسطة هيبروجارير (1970) .
4- الدراسة التي اجريت بواسطة رامي وهاسكين (1981).
ومن هذا يمكن أن نلخص النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات إلى أن:
1- درجات الأطفال في اختبارات الذكاء قبل سن الثانية لا تتنبأ بدقة بأداء الأطفال أنفسهم في اختبارات الذكاء بعد ذلك.
2- تصبح درجات اختبارات الذكاء أكثر استقرارا وثباتا بتقدم الأطفال في السن.
3- ذكاء الأفراد يتصف بالثبات النسبي طيلة حياتهم.
4- نسبة الذكاء يمكن أن تتغير نتيجة للتأثيرات التراكمية للتعليم المدرسي.
علاقة الذكاء بالتحصيل المدرسي:
كثيرا ما تسمى اختبارات الذكاء باختبارات الاستعداد المدرسي Scholastic Aptitude Test وذلك لأن صدقها يتحدد عادة في ضوء محكات التحصيل الأكاديمي. وتبدو معرفة طبيعة العلاقة بين الذكاء والتحصيل ذات أهمية عملية بالنسبة للمعلم حيث تمكنه هذه المعرفة من التنبؤ النسبي ببعض الأنماط السلوكية لدى طلابه الأمر الذي يجعله أكثر كفاءة وفعالية في أداء دوره معهم.
وتشير الدراسات عموما إلى وجود ارتباط إيجابي شبه ثابت تبلغ قميته حوالي 0.50 بين الذكاء والتخصيل. وذلك لأن بعض مضمونات اختبارات الذكاء تشابه إلى حد كبير بعض مضمونات اختبارات التحصيل وبخاصة عندما تتعلق هذه المضمونات ببعض أنماط المهارات والقدرات التي يعززها التعلم المدرسي بمستوياته المختلفة كالقدرة اللفظية والقدرة الاستدلالية.
ويتبع>>>>>>>: اختبارات الذكاء2