هناك مصطلحان في غاية الأهمية في علوم الجملة العصبية الحديثة:
الأول هو الوقاية العصبية Neuroprotection : ويعني الآليات والاستراتيجيات التي يمكن أن نستعملها لحماية الخلايا العصبية من الجروح والانحطاط والتنكاسات عند تعرض الدماغ إلى اضطرابات حادة مثل الصدمات والالتهابات والجلطة الدماغية، أو عند إصابة الإنسان بأمراض عصبية مزمنة مثل الباركنسون وألزهايمر ومرض التصلب العصبي المتعدد (اللويحي) وغير ذلك كثير.
هناك أيضاً مصطلح مادة وقائية عصبية Neuroprotective agent : وهي تلك التي قد تحمي الخلايا العصبية وخير مثال على ذلك عقار سيليجلين Selegiline الذي يستعمل في علاج الباركنسون وبالطبع استهداف انخفاض حرارة الجسم Targeted Hypothermia في غرف العناية المركزة الكثيرة الاستعمال هذه الأيام لحماية الدماغ بعد إنعاش المريض من نوبة قلبية حادة أو بعد إنعاشه. هذه الطريقة لعبت دورها الكبير في الحفاظ على الخلايا العصبية في الطب الحديث.
أما اللدونة العصبية Neuroplasticity فتعني قابلية الدماغ على إعادة تنظيم نفسه من خلال استحداث اتصالات عصبية جديدة للتعويض عن الدمار الذي حدث بسبب أمراض الجهاز العصبي أو تعرضه لجروح وصدمات.
لا يمكن تعويض فقدان الخلية العصبية ولكن العلم يسعى إلى وقاية الخلايا وبعد ذلك تحفيز اللدونة من خلال تأهيل المريض.
أداء الإنسان في الحياة يعتمد كلياً على وظائفه المعرفية الأساسية كما هو موضح في الجدول أدناه:
المصطلح | Term |
المهارات المعرفية الجوهرية | Core Cognitive Skills |
الانتباه المتواصل | Sustained Attention |
تثبيط الاستجابة | Response Inhibition |
سرعة معالجة المعلومات | Speed of Information Processing |
المرونة المعرفية والتحكم | Cognitive Flexibility & Control |
الانتباه المتعدد المتوال | Multiple Simultaneous Attention |
الذاكرة العملية | Working Memory |
تكوين فئات | Category Formation |
تمييز الأنماط | Pattern Recognition |
وقاية الدماغ تثير فضول العلم في اتجاهين:
الأول هو البحث عن مواد كيمائية تساعد على حماية الدماغ. هناك العديد منها ولكن لا توجد دراسة علمية تشير إلى حجم تأثير هذه المواد على رعاية الدماغ في الإنسان.
والثاني البحث عن عوامل نمط الحياة لتوفير هذه الحماية. يتم استعمال نمط الحياة المعرفي Active cognitive lifestyle لتعريف هذا الاتجاه اليوم...
تحفيز نمط حياة معرفي يمنح فوائد معرفية عدة في العديد من الأمراض التنكسية للدماغ Degenrative Brain Diseases. رغم أن آلية هذا الاتجاه لا تزال غير واضحة ولكن نتائجه أصبحت أكثر وضوحاً وانتشاراً في الأعوام الأخيرة. على سبيل المثال ليس مرض هتنغتون Hutington’s Disease هو من أشهر الأمراض التنكسية الورا ثية التي تنتهي بالسبه. رغم معرفة جينات هذا المرض منذ أكثر من ربع قرنٍ من الزمان ولكن العلم لم يعثر على علاج له يؤدي إلى توقف العملية التنكسية للدماغ. ولكن ما نتعرفه الآن بأن نمط حياة لتحفيز الفعاليات المعرفية يؤدي إلى تأخر ظهور الأعراض.
لماذا الحديث عن الوقاية العصبية اليوم؟
قبل 11 شهراً نشرت مجلة اللانسيت خبراً عن انخفاض الإصابات بالخرف بعد عمر 65 عاما ومن ضمن ذلك ألزهايمر في أوروبا الغربية وكانت هذه الملاحظة على أشدها في أسبانيا حيت وصلت إلى 44% والمملكة المتحدة بنسبة 22%(2). لكن الخبر لم يثر اهتمام الإعلام بشدة.
أما اليوم فيبدو بأن انخفاض الإصابة بالخرف ينتشر عالميا. أثبت دراسة من الولايات المتحدة(1) بأن معدل الإصابة بالخرف انخفض من 11.6% في عام 2000 إلى 8.8% في عام 2012.
ما هو السبب؟
لا يمكن تعليل ذلك بأمراض أخرى لأن معدلات السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم ارتفعت. ولكن يمكن أن تقول بأن علاج هذه الأمراض تحسنت بصورة ملحوظة.
هناك أيضا الرعاية الصحية في الطفولة والصحة العامة. أما العامل القوي فهو تثقيف وتعليم الإنسان وسعيه المتواصل لتثقيف وتطوير نفسه.
عدد السنوات التي يقضيها الإنسان في التعليم ارتفعت من 12 عاما في 2000 إلى 14 عاما في 2012 ويضاف إلى ذلك إلى سعي الإنسان المتواصل لتعليم نفسه وتطويرها ثقافيا في شتى المجالات.
ما هي الآلية المنظمة لحماية الخلايا العصبية واستعادة مرونتها؟
الثقافة في شتى المجالات ولذلك لا تتوقف عن تعليم المريض المصاب بجرح دماغي شديد وتحرص على دخوله معهد ليلي للتعليم وكل مريض مصاب باضطراب جسيم يتعلم استعمال الكمبيوتر عن طرق تأهيله في المستشفى والمجتمع ناهيك عن برامج لقراءة كتاب ومنافسته في علاج جمعي وغير ذلك.
ترى أحيانا شابا مصابا بمتلازمة داون Down Syndrome يظهر في مسابقات ثقافية على شاشة التلفزيون ينافس خريجاً جامعيا. لا تحتاج إلى شهادة طبية لتشخيصه ولكن لا تسميه متخلفا عقليا لأن تفوقه الثقافي قد يكون عالياً ويهزم الكثير.
النصيحة؟
خير وقاية للدماغ الثقافة والتعليم فلا تتوقف عن البحث عنها طوال العمر.
المصادر:
1- Langa K, Larson E, Crimmins E, et al (2016). A comparison of the prevalence of dementia in the United States in 2000 and 2012. JAMA Internal Medicine 21 November. Online edition.
2- Wu Y, Fratglioni L, Mathews F (2016). Dementia in Western Europe: Epidemiological evidence and implications for Policy making. Lancet 15(1): 116-124
واقرأ أيضاً:
مرض باركنسون والصحة النفسية