التغذية والطعام والنصائح الطبية العامة في هذا المجال أصبحت حديثا يوميا يثير اهتمام العلوم الطبية والإعلام المحلي والعالمي. مع انتشار استعمال الإنترنت هناك طوفان من النصائح الغذائية وتراها تتغير سنويا وأحيانا أسبوعيا وقد تقرأ في نفس اليوم نصيحة تناقض نصيحة أخرى. تستهدف السطور أدناه توضيح موقع الدهون في التغذية وكذلك في الصحة النفسية. يبدأ المقال بتوضيح الدهون عامة كمواد كيمائية وبعدها الحديث عن أكثر المصطلحات استعمالا وهي الحوامض الدهنية.
ما هي الدهون؟
النصائح الطبية العامة هي أن هناك أربعة أنواع من الدهون:
• أحادية غير مشبعة Monounsaturated Fats (الفستق والزيتون واللوز): لا بأس بها
• متعددة غير مشبعة Polyunsaturated Fats (الجوز والذرة والسمك مثلا): لا بأس بها
• مشبعة Saturated Fats (اللحوم والجبن والزبد مثلا): احذر منها
• مهدرجة Hydrogenated Fats (البسكويت والمعجنات والأكلات السريعة مثلا): تجنبها. عملية الهدرجة تعني إضافة الهيدروجين إلى زيوت سائلة غير مشبعة وتحويلها إلى صلبة كما هو الحال في المارجرين.
الدهون هي مواد غير قابلة للذوبان في الماء وهي في غاية الأهمية لأنها المكونات الأساسية لغشاء الخلية الحية. يضاف إلى ذلك أن ٨٠٪ من وزن الدماغ الصافي هو من الدهون ولا شك بأنها تلعب دورها في صنع الناقلات الكيمائية العصبية ومستقبلاتها والتي بدورها تشكل العمود الفقري لتحليل ودراسة الاضطرابات النفسية وعلاجها بالعقاقير وحتى بالعلاج الكلامي.
في ضمن مجموعة الدهون هناك:
• دهون فوسفاتية • دهون جامدة
• دهون ثلاثية الحلقة • شموع
الدهون في الطعام أو في الجسم هي ببساطة وحدات تخزين تتكون من أحماض دهنية Fatty Acids ويتم تصنيفها استنادا إلى تركيبة الأحماض الدهنية التي تتكون منها ووظائفها هي:
1- توفير الطاقة.
2- بناء أغشية الخلايا.
3- مواد خام تتحول إلى مادة أخرى في الجسم مثل الهورمونات.
صفات الدهون والحوامض الدهنية تعتمد على درجة تشبعها بالهيدروجين وطول حلقة الجزيئات. حلقة الحامض الدهني تتكون من ذرات كاربون مرتبطة بأزواج من ذرات الهيدروجين في نهايتها مجموعة حمضية.
هناك أولاً هذا التصنيف الذي يعتمد على طول حلقة ذرات الكاربون ويتم تقسميها إلى :
• قصيرة تتكون من 8 ذرات كاربون.
• متوسطة الطول تتكون من 9 – 14 ذرات كاربون.
• طويلة الطول تتكون من 16 – 22 ذرة كاربون.
• طويلة جداً تتكون من أكثر من 22 ذرة كاربون.
طول الحلقة يحدد درجة انصهار الدهن.
ثم يتم تصنيفها إلى:
1- دهون مشبعة: محملة بالهيدروجين ومستقيمة وصلبة في درجات حرارة غرفة (دون 25 مئوية) مثل الزبد وبعض أنواع الدهن الحيواني (الدهن الحر) 1.
2- دهون غير مشبعة: فقدت بعض أزواج الهيدروجين وتبدأ بالانحناء وكلما ارتفع عدد ذرات هيدروجين المفقودة زاد الانحناء ارتفعت سيولتها ويتم تقسميها:
3- أحادية غير مشبعة فقدت زوجا واحدا من الهيدروجين 3.
4- متعددة غير مشبعة فقدت أكثر من زوج من الهيدروجين 4.
1- دهون مشبعة | 3- أحادية غير مشبعة | 4- متعددة غير مشبعة |
|
|
|
جميع الدهون النباتية التي نستعملها في الطبخ تحتوي علي خليط من الثالث والرابع. زيت الزيتون يحتوي على الثالث في حين الدهون النباتية الأخرى تحتوي على الرابع أكثر من الثالث.
مكان انحناء الحلقة هو الذي يعرف التصنيف المشهور للحوامض الدهنية كما يلي:
• أوميجا ٣ Omega 3 Fatty Acids.
• أوميجا ٦ Omega 6 Fatty acids.
• أوميجا ٩ Omega 9 Fatty Acids.
يتم تعريفها أحياناً بحوامض دهنية جسيمة أو الكبرى ومكوناتها كما يلي:
أوميجا ٣: Omega 3 حوامض دهنية متعددة غير مشبعة | أوميجا ٦: Omega 6 حوامض دهنية متعددة غير مشبعة | أوميجا ٩: Omega 9 حوامض دهنية أحادية غير مشبعة |
حامض ألفا لينولنك Alpha linolenic acid (LNA) | حامض لاينوليك Linoleic acid (LA) | حامض أوليك Oleic acid |
حامض إيكوسابنتيونيك Eicosapentaenoic acid (EPA) | حامض كاما لينولنك Gamma-linolenic acid (GLA) | حامض ميد Mead acid |
حامض دوكوساهيكسانيك Docosahexaenoic acid (DHA) | حامض أركيدونيك Arachidonic acid (AA) | حامض يورسيك Erucic acid |
حوامض ألفا لينولنك ولاينوليك (الحمراء الأحرف) هي حوامض أساسية لابد من الحصول عليها عن طريق الطعام ولا يستطيع الجسم صنعها. يوجد الأول في أوميجا ٣ والثاني في أوميجا ٦. يتحول حامض ألفا لينولنك في أوميجا٣ في الجسم إلى حامضين في غاية الأهمية وهما حامض إيكوسابنتيونيك وحامض دوكوساهيكسانيك وكلاهما مواد مضادة للالتهاب ولهما وظائف حيوية أخرى. أما حامض لاينوليك في أوميجا ٦ فيتحول في داخل الجسم إلى حامض كاما لينولنك وحامض أركيدونيك. لا تقل هذه الحوامض في أوميغا ٦ لا تقل أهمية عن الحوامض أعلاه في أوميغا في وظائفها وأحدها أنها مواد التهابية.
لتوضيح هذا المفهوم يجب أن نتذكر بأن خط الدفاع الأول للجسم ضد الأمراض هو العملية الالتهابية. لكن في نفس الوقت يجب أن يحرص الجسم على السيطرة على العملية الالتهابية وعدم الإسراف فيها وإلا أدى ذلك إلى أمراض جديدة في الجسم. نحتاج إلى أوميجا ٦ للالتهاب والأوميجا ٣ للسيطرة عليه ولذلك يجب أن يكون الطعام متوازناً في احتوائه على الأول والثاني.
الدراسات العلمية تشير إلى أن طعام الإنسان في القدم كان متوازنا ولكن منذ أكثر من ١٥٠ عام حدثت ثورة زراعية مع زيادة عدد سكان الكرة الأرضية. هذه الثورة الزراعية أنتجت لنا دهون نباتية للطبخ ولكنها مشحونة بالأوميجا ٦ بدلا من أوميجا ٣ ومع تغير هذه النسبة بدأت تنتشر أمراض المناعة الذاتية والخرف والأورام الخبيثة. الجدول أدناه يوضح نسبة ما تحتويه الدهون من حوامض دهنية:
الدهن (الزيت) | أوميجا 3 | أوميجا 6 |
نبات القرطم | صفر | 75% |
عباد الشمس | صفر | 65% |
الذرة | صفر | 54% |
بذور القطن | صفر | 50% |
السمسم | صفر | 42% |
الفول السوداني | صفر | 32% |
الصويا | 7% | 51% |
كانولا | 9% | 20% |
الجوز | 10% | 52% |
الكتان | 57% | 14% |
السمك | 100% | صفر |
أما الأوميجا ٩ فهي موجودة في جميع الدهون النباتية والحيوانية ويستطيع الجسم صناعتها ومن مخازنه الطبيعية. أحد مصادر الأوميجا ٩ هو زيت الزيتون ولكنه يعتبر من أكثر الدهون جودة لصحة الإنسان. زيت الزيتون يحتوي على حامض أوليك وحامض بالمتيك Palimitic acid والأخير له عدة فوائد صحية ولكن جودة زيت الزيتون لا علاقة لها بالحوامض الدهنية وإنما في احتوائه على مواد البوليفينول Polyphenol والبحوث تشير إلى أنها وظائفها متعددة منها مضادة للأكسدة والتخثر والالتهاب.
رغم أن نسبة أوميجا ٦ إلى أوميجا ٣ المثالية هي ١: ١ ولكن نسبة ٣: ١ جيدة خاصة إذا أخذنا في نظر الاعتبار بأن غالبية الناس معدلها نسبتها هي ١٠: ١.
الأوميجا ٣ والصحة النفسية
ليس من الصعوبة أن تجد بحثا علميا يتعلق بالأوميجا ٣ والاضطرابات النفسية ولكن هناك صعوبة بالغة جدا في العثور على بحث طبي استنتج بصورة قاطعة بأن استعمال الأوميجا ٣ يوفر الوقاية اللازمة ضد الاكتئاب والاضطرابات الذهانية ناهيك عن استعماله كعلاج ضد هذه الاضطرابات.
الأوميجا ٣ متوفر كأقراص وسائل في كل متجر تجاري ولا يوجد دليل على أنه يضر بالصحة ويستعمله الكثير من عمر ١ إلى ٩٩ عاما. رغم ذلك فإن هذه المستحضرات لا تخلو من أعراض جانبية من أوجاع معوية وآلام مفاصل وحساسية وغير ذلك. لا يوجد الدليل المقنع إحصائيا أو سريريا على فعالية إضافة الأوميجا ٣ إلى العقاقير الطبية النفسية سواء كان ذلك لتحسين الحالة الوجدانية أو الأداء المعرفي وجميع الدراسات التي توصلت إلى نتائج إيجابية تتميز بضعفها وحتى نتائجها ضئيلة جداً ولم يتم تكراراها.
طعام المصاب بالاكتئاب والاضطرابات النفسية يتميز بضآلته أو الإسراف في لا خير فيه والنتيجة هي أنه طعام غير صحي. على ضود ذلك فإن النصيحة الطبية الغذائية في غاية الأهمية لتحسين صحة المريض عموما. كذلك تساعد هذه النصيحة على زيادة إحساس المريض بأن علاجه لا يقتصر فقط على مواد كيمائية غريبة بل يتضمن مواد طبيعية ويرفع من ثقته بفريقه المعالج. هذا العامل النفسي ربما يفسر الكثير من النتائج الإيجابية في بعض الدراسات.
الطعام الصحي والمتوازن في غاية الأهمية وخاصة على المدى البعيد. ربط الاكتئاب والذهان أحيانا بدراسات تشير إلى علاقة عكسية مع استهلاك السمك لا تخلو من الريبة ومعظمها يتم تمويلها بصناعة الأسماك ولذلك يجب توخي الحذر في القبول بصورة قطعية في الكثير من دراسات التغذية ومراقبة من مولها أصلا. تتميز نتائج هذه الدراسات باستعمالها طرق إحصائية يتم عرضها بنسب مئوية حول دور العامل الغذائي في اضطراب ما ولا تعني بأن هذا العامل هو سبب الداء أصلا.
رغم ذلك فإن استعادة التوازن في استهلاك الأوميجا ٣ والأوميجا ٦ في غاية الأهمية والأفضل أن يتم ذلك عن طريق زيادة استهلاك السمك وجعله وجبة غذائية رئيسية مرتين في الأسبوع. تجنب المواد الغذائية المشحونة بالدهن المهدرج من معجنات وكيك وبسكويت وأكثر من الزيتون واحرص على أن تتناول ٥ – ٧ قطع من الفاكهة والخضروات يوميا. هذا التحوير في الغذاء أفضل بكثير من شراء أقراص مواد طبيعية بصراحة.
المصادر:
1- Hegarty B, Parker G(2013).Fish oil as a management component for mood disorders—an evolving signal .Curr Opin Psychiatry, 26 : 33–40.
2- Irving CB, Mumby-Croft R, Joy LA(2006) Polyunsaturated fatty acid supplementation for schizophrenia Cochrane Database of Systematic Reviews, Issue
3. McNamara R, Strawn J(2013). Role of Long-Chain Omega-3 Fatty Acids in Psychiatric Practice.PharamNutrition 1(2): 41-49.
4- Montgomery P, Richardson AJ(2008). Omega-3 fatty acids for bipolar disorder Cochrane Database of Systematic Reviews 2008, Issue 2.
واقرأ أيضاً:
شفط الدهون بعد شفط العقول / أنواع النسيج الدهني الأبيض والبني / النصائح الغذائية والصحة النفسية