البحث عن علاج الذاتوية (التوحد) نظرية استجابة الخطر الخلوي
تحتوي الخلية على الكثير من المواد الكيميائية تشارك في عمل الخلية المتواصل والآخر يحميها من خطورة هجوم أجنبي مثل الفيروسات والطفيليات. يوجد في داخل كل خلية حبيبات نسميها المتقدرات أو المايتوكوندريا Mitochondria . تعمل هذه الحبيبات على إنتاج الطاقة بشكل مادة تُعرف بثلاثي فوسفات الأدينوسين ATP والتي هي جزء من مجموعة مواد كيمائية نسميها البيورينات Purines . إنتاج هذه الطاقة بإسراف خارج الخلية يؤدي إلى إنذار الخلايا الأخرى بوجود خطر عليها وبالتالي لابد من وقف نشاطها الداخلي. هذه المواد الكيمائية يمكن وصفها بـ دفاعات الخلية المبكرة وتعمل على وقف نشاط الخلية، وبالتالي التركيز على مقاومة الهجوم الخارجي والتخلص منه. هذه العملية طبيعية ومؤقتة، وتتوقف مع القضاء على المعتدي وتعود الخلية تُمارس أعمالها الوظيفية الطبيعية. هذا ما يفسر نظرية استجابة الخطر الخلوي، والذي يعتقد البعض بأن هذه العملية لا تتوقف لسبب وآخر في الأطفال وبالتالي يحصل اضطراب الذاتوية Autism (التوحد).
هناك دراسات ضئيلة على الفئران تشير إلى أن الإصابة بعدوى تؤدي إلى ظهور أعراض تشبه أعراض الذاتوية في طفل الفأر وعدم نمو الاتصالات بين مختلف الخلايا العصبية. هذا الفريق الذي توصل إلى هذه النتائج في الفئران قرر المضي قدما بتجربة استعمال عقار السورامين في الحيوان أولاً وبعد ذلك في المصابين بالذاتوية.
دخل ٢٠ مصاباً بالذاتوية في التجارب الأولية وتم تقسيمهم إلى مجموعتين تحتوي كل منها على ١٠ مرضى. تم إعطاء السورامين إلى مجموعة والأخرى سائل غير فعال. تقلص عدد المتطوعين الكلي إلى عشرة فقط بسبب استعمالهم لعقاقير أخرى.
بعد ذلك تم نشر نتائج البحث من من قبل جامعة سان دييغو، كاليفورنيا. كان هناك تحسن في سلوكيات الأطفال الذين تسلموا العقار الفعال مقارنة بالعقار الغير فعال بين أسبوع إلى ٤٥ يوماً، وعودة هذه السلوكيات إلى وضعها القديم بعد توقف العلاج. كذلك تم نشر روايات الوالدين عن تحسن بعض أطفالهم عبر مواقع اجتماعية.
المناقشة
نظرية الخطر الخلوي تجلس ضمن قائمة طويلة من نظريات تسقط اللوم على الجينات، وبيئة الطفل في رحم أمه، والبيئة التي ولد فيها، وما دخل في جسده من لقاحات ومعادن ثقيلة وغير ذلك. جميع هذه النظريات فشلت في تفسير أسباب الذاتوية من جراء:
1- استحداث مفهوم الطيف الذاتوي Autistic Spectrum الذي لا يعزل الذاتوية كاضطراب نفسي أو عصبي أو كليهما بصورة واضحة عن بقية الاضطرابات العصبية التطورية Neuro-developmental Disorders.
2- التخلي عن استعمال مصطلح متلازمة آسبرجر التي توضح مفهوم الذاتوية المعزول عن بقية الاضطرابات العصبية التطورية.
3- الإسراف في استعمال المفهوم بمفرده دون إضافة تشخيص آخر مثل العجز الفكري.
4- أرجحية استعمال المصطلح من قبل الوالدين.
5- استغلال استعمال هذا المصطلح لترويج استعمال علاجات تفتقر إلى الدليل العلمي.
تكمن مشكلة النظرية أولاً بأنها تتعارض كلياً مع نظريات أخرى متعددة تشير إلى اختلال فعالية المايتوكوندريا في المصابين بالذاتوية. إطلاق البيرونيات خارج الخلية ليس بنظرية جديدة٬ وهي عملية إنذار مبكر لا تقتصر على خلية دون أخرى ولها فائدتها في تعزيز رد الفعل الالتهابي في الجسم عموماً. المفهوم بحد ذاته لا يفسر علاقة سلوكيات الذاتوية بالبيرونيات.
تم إعطاء جرع ضئيلة من عقار السورامين إلى المصابين بالذاتوية، ونتائج التجارب على الإنسان غير النتائج على الفئران. لا أحد يستعمل هذا العقار لأنه يؤدي إلى حساسية شديدة في ٩٠٪ من المرضى وما لا يقل عن ٥٠٪ منهم يعانون من أعراض جانبية بسبب عجز وظائف الكلية وأمراض الدم وتدمير الخلايا العصبية.
نظرية الخطر الخلوي بحد ذاتها تتميز بهشاشتها، والتجارب الأولية لا تقترب من المرحلة الأولى لتجربة اَي عقار، واحتمال أن يستعمل أحد مثل هذا العقار لعلاج الذاتوية ضعيفة. لكنه في نفس الوقت يتصدر عناوين الأخبار لسبب واحد هو عجز الطب في توضيح هذا المفهوم وعلاجه طبياً، والخطورة أن يتم إضافته إلى سلسلة طويلة من مستحضرات لا فعالية لها سوى استغلال عوائل المرضى.
المصادر
1- Kaur M, Reed E, Sartor O, et al (2002). Surmise’ s development: what did we learn? Invest New Drugs 20: 209-219.
2- Naviaux R, Curtis B, Li K, Naviaux J, Taylor A, Reiner G, Westefield M, Goh S, Alaynic W, Wang L, Capparelli E, Adams C, Sun J, Jain S, He F, Arellano D, Mash L, Chukoskie L, Lincoln A, Townsend J (2017). Low – dose Suramin in autism spectrum disorder: a small, phase I/II, randomized clinical trial. Annals of Clinical and Translational Neurology. Published 26 May 2017: Open Access, updated 02 June 2017.
واقرأ أيضًا:
وباء التوحد - الذاتوية- يهدد أطفال العالم / هل ابنك عنده أوتيزم Autism (توحد) ؟ / مقالات عن اضطراب الذاتوية / استشارات عن اضطراب الذاتوية / تشخيص مقترح للتوحد، يثير غضب مرضى أسبرجر