هناك ظاهرتان لا تختلفان كثيراً في كونهما نوبات سقوط المريض على الأرض في حالة تشبه الإغماء الشائع الانتشار وهو الإغماء الوعائي المبهمي. ولكن هذا النوع من الإغماء لا يتميز بانخفاض ضغط الدم وسرعة النبض، ولا يتحسن المصاب بسرعة، ولا توجد العوامل التي تسبق النوبة مثل الوقوف لفترة طويلة والشعور بالخوف وغير ذلك. من جراء ذلك يتم وصف هذه النوبات بإغماء مزيف نفسي Psychogenic Pseudo Syncope. ما يعني ذلك نوبة إغماء مزيفة مصدرها عوامل نفسية.
تصل هذه النوبات إلى مركز طبي وبسبب تكرارها يتم تحويلها إلى مركز طبي ثانوي. يدرس الطبيب الحالة جيداً ويصيغها استناداً إلى خبرته. هذه الصياغة هي واحدة من اثنين:
١- صياغتها بأنها حالة إغماء مصدرها اضطراب الدورة الدموية ويتم تحويلها صوب استشاري الأمراض القلبية. حين تصل إلى هذا الاختصاص ويتم نفي وجود حالة إغماء أو مرض في القلب تكون الصياغة النهائية إغماء زائف نفسي (Psychogenic Pseudo Syncope (PPS.
٢- صياغتها على أنها حالة فقدان وعي بسبب نوبة صرعية عامة أو جزئية، وعند ذاك يتم تحويلها صوب استشاري الأمراض العصبية الذي بدوره يتوصل إلى التشخيص النهائي ولكنه لا يستعمل مصطلح إغماء مزيف نفسي وإنما نوبات غير صرعية نفسية (Non Epileptic Psychogenic Seizures (NEPS.
أما كاتب السطور فيفضل استعمال مصطلح نوبات السقوط Falling Seizures. السبب في ذلك يعود إلى أن الكثير من هذه الحالات تصل مراكز الطب العصبي النفسي بعد فترة طويلة من العلاج بعقاقير مضادة للصرع، واستعمال مصطلح غير صرعية لا يساعد في التواصل مع المريض ولا صياغة حالته. كذلك هناك من حالات صرع نادرة مقاومة للعلاج لا تختلف في أعراضها عن هذه النوبات، ولذلك يجب توخي الحذر والتمهل في عكس التشخيص الطبي.
هناك أيضا مصطلحان يُكثر استعمالها في تشخيص هذه الحالات وخاصة عند صياغة نوبات على أنها نوبات غير صرعية. المصطلح الأول هو الهستيريا الذي لا يساعد المريض ولا طبيبه. هذا المصطلح يرتبط كثيراً بفكرة تلاعب واحتيال المريض في تواصله مع الآخرين. المصطلح الثاني هو التحويل Conversion والذي يعني ببساطة تحويل طاقة نفسية إلى جسدية، وهذا من الصعب إثباته.
تمييز النوبات عن الإغماء الوعائي المبهمي
لا يحسم تشخيص هذه الحالات مثل مشاهدة الأخصائي لنوبة بعينيه. يحرص الطبيب هذه الأيام على تصوير نوبة من قبل أقارب المريض، ودراستها بعد ذلك. القواعد العامة هي:
فترة ما قبل النوبة:
تشاهد الشحوب والتعرق في الإغماء ولا تشاهده في الإغماء الزائف النفسي.
فترة أثناء النوبة:
يتم غلق العينين مع بداية نوبة إغماء زائف نفسي ويسبق عملية الهبوط إلى الأرض انخفاض الرأس أولا وتزحلق المريض تدريجيا نحو الأرض. هذه العلامات تحدث أحياناً بسرعة ولذلك يجب إعادة عرض الفيلم بحركة بطيئة لدراسة العلامات.
الرجات العضلية أقل ملاحظة في نوبة إغماء زائف (٢٠٪) مقارنة بالإغماء الوعائي المبهمي.
تتميز النوبات بتكرارها عكس نوبات الإغماء الوعائي المبهمي، وفقدان الوعي قد يقترب من ٤٠ دقيقة في الكثير من الحالات. لكن تبقى علامة إغلاق العين أكثر العلامات صدقاً في الممارسة السريرية.
العلاج
حالات الإغماء الزائف النفسي هي من أكثر الاضطرابات تحديا في الممارسة المهنية. توخي الحذر والسير في طريق السلامة عن طريق وصف عقاقير مضادة للصرع بدون تشخيص الصرع بصورة مؤكدة ممارسة مهنية لا تنفع المريض ولا طبيبه. إذا كان هناك الشك في تشخيص الحالة فيجب استشارة أخصائي في هذا المجال. بعبارة أخرى لابد من تشخيص سليم قبل العلاج.
يبدأ العلاج بتوضيح التشخيص للمريض. لكل استشاري أسلوبه في الحديث مع المريض، ولكن النقاط الرئيسية هي:
١- تجنب استعمال مصطلح هستيريا.
٢- الحرص على إعلام المريض بأن هذه النويات غير إرادية وغير مصطنعة.
٣- عدم وجود آفة في الدماغ.
٤- سببها وظيفي يختلف من مريض إلى آخر.
٥- تتحسن هذه النوبات تلقائيا.
المهم أيضاً أن لا ترسل المريض وتقول له لا داعي للمراجعة ثانية. على العكس يجب الحرص على متابعته بصورة منتظمة وإرشاده إلى تغيير نمط حياته إلى نمط صحي مع إيقاع يومي منتظم.
هناك من المرضى من هم في حاجة إلى علاج نفسي، ولكن لا تعرض عليهم ذلك مبكراً، وتقول لهم أن هناك من يتحسن مع الحديث عن نوباته وتأثيرها عليه مع معالج نفسي.
هناك أقلية من المرضى من من هم ضحايا اعتداء جنسي سابق أو عنف منزلي، وليس من الصعوبة التحري والعثور على أعراض نفسية أخرى. هؤلاء بحاجة إلى علاج يستهدف عوامل اجتماعية ونفسية سلوكية يتم تقديمها من ذوي الاختصاص.
المصادر
1- Jawad, S, Jamil N, Clarke, E, Lewis, A, Whitecross, S, Richens, A (1995): Psychiatric morbidity and psychodynamics in patients with convulsive pseudoseizures. Seizure 4, 201 – 206.
2- Raj V, Rowe A, Fleisch S, Paranjape S, Arain A, Nicolson S (2014): Psychogenic pseudosyncope: diagnosis and management. Auton Neurosci 184: 66-72.
ويتبع >>>>>>>: انخفاض ضغط الدم الانتصابي
واقرأ أيضًا:
الاضطرابات العصبية الوظيفية2 / رعاية الدماغ : بين الوقاية واللدونة العصبية / النوبات اللا صرعية النفسية Psychogenic Non-Epileptic Attacks
التعليق: لم أفقه شرحكم، يعني بإختصار هل مرض الاغماء الزائف النفسي هوا نوع من الصرع؟؟؟
ولكم جزيل الشكر