يشير البحث عن فاعلية العلاج العقاري لاضطراب الوسواس القهري إلى أن نسبةَ الحالات التي لا تستجيبُ للعلاج بالم.ا.س أو الم.ا.س.ا (أو معززات السيروتونين : الم.س) من أول محاولةٍ تتراوحُ بينَ 40% و60% من المرضى، وأن هذه النسبة تقل كثيرا إذا ما تحقق الطبيبُ النفسانيُّ من دقة تشخيصه ومن حقيقة التزام المريض بالاستعمال المنتظم للعقار، إلا أنه رغم ذلك فإن حوالي ربع المرضى لا يتحسنون على العقاقير (وحتى بعد استخدام خطوط الدفاع التالية لعقاقير الم.ا.س.ا) رغم سلامة التشخيص والاستعمال جرعة ومدة، وكذلك فإن عددا لا يستهان به من الذين يصنفون حسب الدراسات كمستجيبين للعقار يعانون من أعراض مرضية هامة ومؤثرة، كما يعاني كثيرون من الآثار الجانبية للعقاقير خاصة التعزيزية من مضادات الذهان الحديثة، وبالتالي فإن هناك ما دفع الباحثين إلى محاولة استكشاف دور في الوسواس القهري لناقلات عصبية أخرى غير السيروتونين الذي تعمل عليه الم.ا.س.ا أو الدوبامين الذي تعمل عليه أغلب العقاقير التعزيزية.... وإن كان الدور الذي يمكن أن تقوم به العقاقير المختلفة التأثيرات على مستقبلات الدوبامين في علاج الوسواس القهري ما يزال مجال بحث وتجريب محتمل، ليس الدوبامين فقط حقيقة بل إنه رغم أن من الثابت علميا أن معززات السيروتونين تحسن أعراض الوسواس القهري بينما مناهضات أو مثبطات السيروتونين يمكن أن تتسبب في تفاقم أعراض الوسوسة في مريض الوسواس القهري أو في ظهور أعراض وسواس قهري في غير مرضى الوسواس إذا تناولوا تلك المثبطات، رغم ذلك فليس الدور الذي يلعبه السيروتونين الدماغي ولا أي من مستقبلاته الدماغية مفهوما بالكامل ولا حتى مؤكدا (van Dijk, 2013) وليس مستبعدا أن العقاقير العلاجية تعمل عملها على نظام سيروتونين دماغي سليم لكنها من خلالها تؤثر تأثيرات أخرى لا نعرفها تحدث تحسن أعراض الوسواس.
ومن المهم هنا الإشارة إلى خبرة تتعلق بي شخصيا في التأثير على قناعات مريض الوسواس القهري أثناء الع.س.م (العلاج السلوكي المعرفي) من خلال مساعدة العمل المعرفي على تعديل القناعات الوسواسية بعقار يعمل على الدوبامين في البداية كان ذلك لا يحدث إلا في علاج حالات متفرقة عبر السنوات من 2000 و2005 وكان أصحابها من المجال الطبي أو من المثقفين طبيا (23 حالة لم يكمل العلاج 4 واستجاب للعلاج 14 منهم بنجاح) وبغض النظر عن مستويات شدة الحالة والمعاناة كنا نتفق –بداية على الأقل كتجربة- ألا نستخدم أيا من العقاقير المعتادة التي تعمل على تعزيز السيروتونين أي (م.س S.E معزز السيروتونين Serotonin Enhancer أو م.سات جمعا لمعززات السيروتونين Serotonin Enhancers كمجموعة تشمل عقاقير الم.ا.س وعقاقير الم.ا.س.ا) لأنهم كلهم جربوا تلك العقاقير وفشلت أو لم تكن محتملة، وسبب اختيارهم العلاج معي هو أني سأقدم لهم علاجا سلوكيا معرفيا مع عدم استخدام تلك العقاقير .... المهم أنني كنت أنجح في إقناعهم باستخدام إحدى عقاقير الم.د (م.د : أحد مضادات الدوبامين) من المجموعة التقليدية في بدايات عملي وكنت أستخدم عقاقير مثل (بيموزيدPimozide أو سالبريد Sulpride أو أميسالبريد Amisulpride لمن يستطيع الحصول عليه من خارج مصر) وكنت رافضا استخدام أيٍّ من عقاقير الم.س.د (مضادات السيرتونين والدوبامين وهي عقاقير علاج الذهان الحديثة Novel Antipsychotics أو اللاتقليديةAtypical Antipsychotics) ورغم وجود دراسات تظهر تحسنا في استجابة مرضى الوسواس القهري المقاومين للعلاج بالم.سات بإضافة عقاقير مثل ريسبيردون وأولانزابين وغيرهما واقتناع غالبية الزملاء بذلك، فإنني بقيت على قناعتي بأن كونها بالأساس عقاقير تضاد السيروتونين أي تفعل عكس ما تفعله الم.سات قد تحدث عكس ما نريد على المستوى البيولوجي ... وكان لذلك ما يدعمه في الدراسات العلمية من أن عقاقير الذهان الحديثة تسبب ظهور أعراض وسواس قهري في مرضى فصام يعالجون بها لم تكن لديهم من قبل.
كنت لهذا السبب أستخدم إما البيموزيد بجرعات صغيرة أو السالبريد -وربما الأميسالبريد لمن استطاع توفيره من المرضى-، وكنت أجد أنها فعلا تساعد في هز القناعات الوسواسية دون مساعدة من الم.سات أي معززات السيروتونين (التي تعرف بأنها الوحيدة التي تعالج الوسواس القهري).... لكنني لاحظت في مرضى البيموزيد خاصة زيادة في إلحاح الفكرة الوسواسية رغم عدم قناعة المريض بها مثلما كان قبل استخدام بيموزيد وبعضهم كان يطلب مهدئا وبعضهم سأل عن م.س جديد آثاره الجانبية أقل !... كان ذلك بدرجة أقل في بعض من استخدمت معهم سالبريد وإن كانت استجابتهم العلاجية أقل..... إلا أن السؤال الذي يحتاج دراسات للرد عليه هو السؤال عن هل المؤثر الحقيقي هو الع.س.م أم العقار أم كليهما ؟
في أواخر 2004 وأوائل 2005 دخل عقار أريبيبرازول Aripiprazole إلى السوق المصري وكان بالنسبة لي العقار المنتظر الذي سيعمل على مستقبلات الدوبامين عمل الموازن لا المثبط ولا المحفز بلا ضابط (Shapiro, et al., 2003)، وذلك من خلال آلية عمله على عدد من مستقبلات الدوبامين البعمشبكية (بعد المشبك العصبي) والقبمشبكية (قبل المشبك العصبي) إضافة إلى عمله على بعض مستقبلات السيروتونين... عمل الموازن أيضًا بل ويستطيع تحسين بعض آثار استخدام الم.س (معززات السيروتونين) التي يستخدمها كل من مرضى الوسواس القهري ومرضى الاكتئاب.
في البداية حاولت استبدال كل ما كنت أكتب من مضادات أو حاصرات الدوبامين تعزيزا لعمل الم.س أو ملطفا لبعض أعراضها الجانبية، أو بديلا لها، واستبدلتهم فعلا بهذا العقار الجديد المختلف ... واعتدت دائما أن أبدأ بجرعة أقل من التي تقترحها الشركة المنتجة فكنت أجعل المريض يستخدم ربع القرص بضعة أيام ثم نصف القرص بضعة أيام حتى نصل إلى قرص كامل 10 مجم أو نبقى على نصف قرص أي 5 مجم.... وكنت أضيفه إلى عقار الم.ا.س.ا من البداية في الحالات التي يغلب عليها التفكير السحري الخرافي الشائع في مرضى الوسواس القهري أو التي يشتكي أصحابها من فرط أحلام اليقظة .... ولبعض المرضى تعليقات إيجابية مبهجة كان لابد تنبهني إلى أهمية عمل هذا العقار وكان السؤال هنا هل هو يعمل وحده أم على خلفية ما تعمله الم.ا.س.ا ؟
شاء الله أنني بالتوازي مع أعلاه كنت أستخدم أريبيبرازول وحيدا للمساعدة مع الع.س.م CBT في علاج الموسوسين.. الرافضين لاستخدام معززات السيروتونين ... والذين اقتنع بعضهم باستخدام عقار دوباميني التأثير بجرعة صغيرة ... وبدأت استخدام أريبيبرازول بجرعات بين 2.5 و 5 و 7.5 و10 مجم... مع هؤلاء في توازٍ مع استخدامه على آخرين معززا لعمل الم.س أو ملطفا لبعض آثارها الجانبية، وتوالت النتائج الإيجابية في الحالات وبعضهم كان يربط الكبوة بإغفال جرعة أريبيبرازول وليس م.س ... مما كرر تنبيهي إلى أن الأريبيبرازول يمكن أن يعالج الوسواس القهري وحده... وربما ليس فقط مع الع.س.م CBT ! لأن بعض المرضى كانوا على سفر نتواصل فقط عبر الإنترنت حسب الحاجة ولم نرتب لإجراء جلسات علاجية عبر الإنترنت أغلبهم أو أغلبهن تحسنوا كثيرا.... إما مقارنة بفترة كانوا فيها على الم.ا.س.ا وحدها أو بغير مقارنة. كذلك كنت أستخدمه مع مرضى الوسواس القهري المواكب باضطراب العرات المزمن أو اضطراب توريت وهي مجموعة من المرضى اعتدت على أن أتجنب أو أقلل استخدام عقاقير الم.س ما استطعت لأكون متدخلا بالتأثير الدوباميني للعقار على اضطراب العرات أو توريت .. وبالتعديل السلوكي المعرفي على أعراض الوسواس القهري... تجمعت لدي غالبا نتائج طيبة وحصل تحسن في العرات الحركية والصوتية وأعراض الوسواس القهري أي في كلا النوعين من الأعراض، والحقيقة أن تأمل تأثير الأريبيبرازول على مستقبلات السيروتونين وناقل السيروتونين Serotonin Transporter واختصارا SERT يبين تميزه عن غيره من العقاقير التي تعمل على الدوبامين، ووجود تشابه بينه وبين أقوى عقاقير الم.س في علاج الوسواس وهو الكلوميبرامين Clomipramine كما يظهر الجدول التالي فهو يشارك الم.ا.س.ا في كل ما تعمل عليه من مستقبلات فإذا اختلفت طريقة العمل فإن أريبيبرازول يعمل بشكل أفضل:
مستقبلة أو ناقل السيروتونين | أثر عقار الأريبيبرازول Aripiprazole | عقاقير الم.س التي تعمل على نفس المستقبلة | |
5-هت1أ | 5-HT1A | ناهض أو محفز جزئي Partialagonist | كلوميبرامين وسيرترالين وباروكستين |
5-هت2أ | 5-HT2A | مناهض أو مثبط Antagonist | كلوميبرامين وسيرترالين وباروكستين وفلوكستين |
5-هت2ب | 5-HT2B | ناهض معكوس Inverse Agonist | كلوميبرامين وفلوكستين |
5-هت2ج | 5-HT2C | ناهض جزئي | كلوميبرامين وسيرترالين وباروكستين وفلوكستين وفلوفوكسامين وسيتالوبرام وإيستالوبرام |
5-هت6 | 5-HT6 | مناهض أو مثبط | كلوميبرامين |
5-هت7 | 5-HT7 | مناهض أو مثبط (أو ناهض جزئي) | كلوميبرامين |
ناقل السيروتونين ن.س SERT | مانع أو حاصر Blocker | كلوميبرامين وسيرترالين وباروكستين وفلوكستين وفلوفوكسامين وسيتالوبرام وإيستالوبرام |
قدمت بهذا التقديم عن الأريبروزول لأعطيه مكانه قبل الحديث عن أفراد مجموعة عقاقير حقبة ما بعد الم.ا.س.ا كما كنت سميتها في كتاب مجانين : نحو فهم وعلاج تكاملي للوسواس القهري (من تأليفي وأ. رفيف الصباغ ود. محمد شريف سالم ود. يوسف مسلم) قبل أن أتكلم عن العقاقير التي تعمل على الجلوتاميت أو عن عقار دي سيكلوسيرين..... وكنت رغم كل ما قرأتم أعلاه قد أبقيت عقار أريبيبرازول ضمن العقاقير المعروفة التي تعزز أو تيسر استخدام عقاقير الم.س في مرضى الوسواس، رغم أن كل أعضاء مجموعة العقاقير التي قد يمثل بعضها عقاقير علاج وسواس مستقبلية استخدموا حتى الآن أيضًا كمعززات لعمل عقاقير الم.س، وذلك باستثناء عقاري الكيتامين والسيكلوسيرين.
لما كانت خيوط كثيرة قد تجمعت في السنوات الأخيرة تشير إلى تأثر أعراض الوسواس القهري بالتغيرات في مستوى حمض الجلوتاميك أو مادة الجلوتاميت فقد تم تجريب وما تزال تجرى الدراسات على عدد من الجزيئات التي قد تكون علاجات مستقبلية للوسواس القهري تعمل عملها من خلال التأثير في مستويات الناقل العصبي الأهم الأعم في المخ وهو الجلوتاميت وذلك عبر عملها على مستقبلات الن.م.د.ا NMDA ، في الجهاز العصبي وخاصة الجسم المخطط Striatum والنواة المذيلة أو المذنبة Caudate Nucleus ورغم أن هذه العقاقير حتى الآن لم تستخدم بمفردها وإنما كعقاقير تعزيزية إلا أنها كمجموعة موازنات الجلوتاميت Glutamate Stabilizers قد تكون عقاقير المستقبل للوسواس القهري:
1- الساركوسين Sarcosine : وهو حمض أميني يصنع من الجليسين وعمله في المخ بعد عبور الحائل الدموي المخي هو تثبيط أو منع استرداد الجليسين وتؤدي زيادة مستوى الأخير إلى موازنة مستويات الجلوتاميت، والذي تشير دراسات متعددة حديثة إلى أن زيادة نشاطه أو اضطراب مستوياته هي أحد التغيرات التي تصاحب أعراض الوسواس القهري (Pittenger, 2011)، ولما كان أثر الجليسين العلاجي لا يظهر إلا عند جرعات عالية تسبب الغثيان (Greenberg, et al., 2009) فقد استخدم الساركوسين(Wu, et al., 2011) الذي يؤدي إلى زيادة مستويات الجليسين في المخ دون الحاجة إلى استخدام الجليسين نفسه.
2- البَيتوبيرتين Bitopertin : وهو أحد مثبطات (أو موانع) استرجاع الجليسين واختصارا م.ا.ج Glycine Reuptake Inhibitors الأقوى والأكثر انتقاء للجليسين من الساركوسين أنتج في البداية لمحاولة علاج الأعراض السالبة للفصام، وتجري دراسته الآن كعقار يضاف إلى عقار الم.ا.س.ا وللدراسة بالتأكيد ما سبقها من تجريب غير رسمي تطوعي للعقار أعطى نتائج جيدة في تعزيز استجابة مرضى اضطراب الوسواس القهري لعقاقير الم.ا.س.ا (Pittenger & Goodman, 2013) وهو ما شجع شركة روش الدوائية لتمويل البحث الحالي.
3- الريلوزول Riluzole : وهو عقار يبدو أنه يمتلك خصائص مضادة للوسوسة ومضادة للاكتئاب ومضادة للقلق وإضافته إلى علاج مريض الوسواس القهري مفيدة (Coric et al., 2005)، وعلى مستوى المخ يعتبر الريلوزول مضادا قويا للجلوتاميت لأنه يقلل النقل العصبي المعتمد على الجلوتاميت، ومن المعروف ارتباط الزيادة بالتالي يمتلك الريلوزول خصائص الحمائية العصبية كما أنه يساعد لدونة الخلايا العصبية ولذا يستخدم في الأمراض التي تضمر فيها الخلايا العصبية مثل التصلب الجانبي الضموري Amyotrophic Lateral Sclerosis .
4- الممانتين Memantine : وهو أحد أفضل العقاقير المتاحة لعلاج السبه Dementia (أو عته الشيخوخة ألزهايمر) وذلك من خلال عمله كمضاد لا تنافسي لمستقبلات الن.م.د.ا NMDA Receptors وهو ما يساعد الخلايا العصبية على اللدونة Plasticity واستعادة النمو ويقلل من أثر زيادة الجلوتاميت التي تضر الخلايا العصبية، وقد بينت دراسات تصوير الدماغ ما يشير إلى فرط نشاط الجلوتاميت في مناطق المخ المعروفة بتمثيلها حلقة مفرغة في أدمغة مرضى الوسواس القهري وهي الدوائر العصبيى بين القشرة الحجاجية والحزامية والنواة المذنبة والكرة الشاحبة والمهاد (وائل أبو هندي 2003)، وهناك تقريرا حالة عن نجاح الميمانتين في تعزيز الاستجابة للم.ا.س.ا في مرضى الوسواس كما أجريت دراسة قورنت فيها استجابة مرضى الوسواس القهري بمرضى القلق المتعمم وظهر أن للممانتين قدرة على المساعدة في علاج الوسواس القهري أكثر من القلق المتعمم (Feusner, et al., 2009) إلا أنها شملت عددا قليلا من المرضى وما تزال هناك حاجة لدراسات أكبر.
5- إن أستيل سيستايين N-acetylcysteine : لهذا العقار استخدامات متعددة في الطب أشهرها هو استخدامه كمذيب للبلغم في مرضى الصدر المختلفين، كما يستخدم كمصدر لأحد أهم مضادات الأكسدة وهو الجلوتاثيون Glutathione ، وأما في الطب النفسي فقد أظهر نجاحا مشجعا في علاج اضطرابات الإدمان المختلفة، مما دفع بعض الباحثين واستنادا إلى تشابه المناطق التي يعزى إليها الخلل في المخ بين اضطرابات الإدمان والوسواس القهري خاصة النواة المتكئة والقشرة الحزامية الأمامية إلى محاولات تجريبه في اضطرابات طيف الوسواس القهري (Dean et al., 2010) ، ورغم وجود ما يشير إلى نجاح باهر في اضطرابات عصية مثل اضطراب نتف الشعر واضطراب قضم الأظافر...إلخ، فإنه فيما يتعلق بالوسواس لا يوجد إلا تقرير حالة واحد لمريض وسواس قهري مقاوم للعقار(Lafleur, et al., 2006) وقد استمر على عقار الفلوفوكسامين أثناء الدراسة وأدى استخدامه لجرعة 3 جرام يوميا من إن أستيل سيستايين لمدة 13 أسبوعا إلى تحسن واضح في أعراض الغسل القهري، وهو ما يشير إلى أهمية دراسة الأمر واختبار أثر استخدام الـ "إن أستيل سيستايين" كإضافة لعقاقير الم.ا.س.ا الأخرى.
6- توبايراميت Topiramate : وهو أحد عقاقير علاج الصرع وأحد موازنات المزاج وغير ذلك، ولما كان أيضًا يعمل عمله من خلال التأثير على الجلوتاميت وعلى مستقبلات الجابا، وقد أظهرت الدراسات كيف يرتبط الانخفاض في شدة أعراض الوسواس القهري بعد الاستجابة للم.ا.س.ا مع انخفاض في تركيزات الجلوتاميت في النواة المذنبة، ودفع إلى تجريبه كعقار تعزيزي(Mowla, et al., 2010) وأيضًا (Berlin, et al., 2011) وذلك برغم وجود تقارير حالات عن تسببه في إحداث أعراض الوسواس القهري (Thuile, et al., 2006) .
7- كيتامين Ketamine: وهو أحد عقاقير التخدير المشهورة يحدث تأثيره على الجهاز العصبي من خلال عمله كمضاد لا تنافسي لمستقبلات الن.م.د.ا NMDA receptor Non-Competitive Antagonist وهو بالتالي يؤثر على مستويات الجلوتاميت، وقد أظهرت نتائج دراسة حديثة على 15 مريضا لا يتناولون أي عقاقير مضادة للوسوسة أن ضخ الكيتامين ketamine infusion له تأثير مضاد للوسوسة سريع الظهور ويمكن أن يستمر على الأقل لمدة أسبوع (Rodriguez et al., 2013) ورغم أن التأثير السريع لعقار ما على الوسواس القهري يعتبر إنجازا بحد ذاته، إلا أن من المهم التحذير هنا من عدم جاهزية الكيتامين للاستخدام كعلاج للوسواس القهري حتى الآن خاصة وأنه بشكله الحالي يعتبر أحد العقاقير الإدمانية.
8- دي سيكلوسيرين D-Cycloserine: من المهم التنبيه هنا إلى أن هذا العقار يختلف عن كل ما سبق في العديد من النقاط، فهو أولا مضاد حيوي! وليس عقارا نفسيا كالمعتاد، لكن الأهم هو أنه بينما كل ما سبق من عقاقير هي في الأصل عقاقير تعزز عقاقير الم.ا.س.ا أو تساندها أو تتلو استخدامها، بينما عقار دي سيكلوسيرين هو عقار يعزز علاجا سلوكيا بالتعرض أي أنه يستخدم كإضافة لتحسين عمل وتقليص مدة العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة، وتقوم فكرته على أساس عمل هذا المضاد الحيوي هي أنه من خلال عمله كأحد نواهض مستقبلات الن.م.د.ا NMDA receptor Agonist يزيد انتقال الجلوتاميت عبر موقع القابط للجلايسين على مستقبلات الن.م.د.ا وهو ما يترجم عمليا إلى إمكانية تسريع تعلم عدم الخوف وتقصير مدة الانقراض خلال العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة، لكنه ليس علاجا تعزيزيا لعقاقير الم.ا.س.ا بل هناك ما يشير إلى أن استخدامها لفترة طويلة قد يتعارض مع الاستفادة من الدي سيكلوسيرين (Werner-Seidler, & Richardson, 2007).
بدأت في السنوات الأخيرة محاولات لجعل العلاج السلوكي بالتعرض ومنع الاستجابة ربما أقصر مدة بل وربما أقوى تأثيرا وذلك من خلال الاستعانة بالعقاقير مثل عقار دي سيكلوسيرين وهو عقار (مضاد حيوي!) من خلال عمله في المخ كأحد نواهض مستقبلات الن.م.د.ا NMDA receptor Agonist يزيد انتقال الجلوتاميت عبر الموقع القابط للجلايسين على مستقبلات الن.م.د.ا وهو ما يساعد على حدوث التأييد طويل المدى LTP) long–Term Potentiating) لتعلم المعلومة على المستوى العصبوني أو مستوى الخلية العصبية وهذا تم إثباته في التجارب على الفئران ثم أيدته دراسات على الإنسان (Ledgerwood, et al., 2004) وأخيرا يترجم ذلك عمليا إلى إمكانية تسريع تعلم عدم الخوف وتقصير مدة الانقراض خلال العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة.
وجديرٌ بالذكر ونحن نتحدث عن عقار دي سيكلوسيرين أن ننبه إلى أن العقار ما يزال في طور الدراسات في تعزيز التعرض ومنع الاستجابة في اضطراب الوسواس القهري خاصة، وأن مستخدميه لابد أن تتوفر لديهم المعرفة الطبية والمهارة المهنية في استخدام العلاج بالتعرض أو أن يعملا كفريق أي أخصائي نفسي متمرس في العلاج بالتعرض مع طبيب نفساني كما تتوجب عليهم متابعة نتائج الدراسات المتوالية لأن الجرعة المثلى للعقار في هذا الاستخدام ما تزال غير محددة فضلا عن توقيت تناول العقار (Rodebaugh & Lenze, 2013) وهناك ما يشير إلى تفضيل الجرعات الصغيرة 50 مجم – 125 مجم تعطي نتائج أفضل من الجرعات العالية ربما لأن التركيزات العالية في الجهاز العصبي من دي سيكلوسيرين تعمل كمضاد كامل على مستقبلات الجليسين، فضلا عن إمكانية تسبب الجرعات العالية في ظهور أعراض الفصام (Shim, et al., 2008).
ومن المهم كذلك التحذير من أن استخدام الدي سيكلوسيرين مع جلسة تعرض تفشل -لأي سبب- في تقليل الخوف سيؤدي إلى زيادة الخوف وتعميق تعلمه (Lee, et al., 2006) لا إلى علاجه.... ويعني هذا إكلينيكيا أن يصبح المريض أسوأ بعد جلسة العلاج السلوكي الفاشلة! ويعني أيضًا أن هذا العقار يمكن أن يمثل سلاحا ذا حدين.
المراجع:
1- وائل أبو هندي (2003): الوسواس القهري من منظور عربي إسلامي، عالم المعرفة إصداريونيو 2003 عدد 293.
2- وائل أبو هندي، رفيف الصباغ، محمد شريف سالم ويوسف مسلم (2016): العلاج التكاملي للوسواس القهري، البابُ الثالث: العقاقير والوسواس القهري، سلسلة روافد 138، 139 تصدر عن إدارة الثقافة الإسلامية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة الكويت
3- van Dijk, A. (2013): The serotonergic system in obsessive compulsive disorder. In: Understanding deep brain stimulation in obsessive compulsive disorder: A preclinical study into the mechanism of action and behaviour. PhD thesis. Faculty of Medicine (AMC-UvA). Universiteit van Amsterdam.
4- Shapiro DA, Renock S, Arrington E, Chiodo LA, Liu LX, Sibley DR, Roth BL, Mailman R (2003): "Aripiprazole, a novel atypical antipsychotic drug with a unique and robust pharmacology". Neuropsychopharmacology. 28.
5- Pittenger, C., Bloch, M.H., & Williams, K. (2011) Glutamate abnormalities in obsessive compulsive disorder: neurobiology, pathophysiology, and treatment. Pharmacology & Therapeutics, 132(3), 314–32.
6- Greenberg, W.M., et al. (2009): Adjunctive glycine in the treatment of obsessive-compulsive disorder in adults. Journal of Psychiatric Research, 43(6), 664–70.
7- Wu, P.L., et al. (2011): Sarcosine therapy for obsessive compulsive disorder: a prospective, open-label study. Journal of Clinical Psychopharmacology, 31(3), 369–74.
8- Pittenger, C. & Goodman W (2013): Towards New Medications for Refractory OCD. OCD Newsletter V. 27, Issue 3
9- Coric, V., Taskiran, S., Pittenger, C., Wasylink, S., Mathalon, DH., Valentine, G., Saksa, J., et al., (2005): Riluzole Augmentation in Treatment-Resistant Obsessive–Compulsive Disorder: An Open-Label Trial. Biol Psychiatry; 58:424 – 428
10- Feusner JD., Kerwin L, Saxena S, Bystritsky A. (2009): Differential Efficacy of Memantine for Obsessive-Compulsive Disorder vs. Generalized Anxiety Disorder: An Open-Label Trial. Psychopharmacol Bull. 2009;42(1):81-93
11- Dean, O, Giorlando F., Berk M. (2010): N-acetylcysteine in psychiatry: current therapeutic evidence and potential mechanisms of action. J Psychiatry Neurosci 2011;36(2)
12- Lafleur DL, Pittenger C, Kelmendi B, et al. (2006): N-acetylcysteine augmentation in serotonin reuptake inhibitor refractory obsessive compulsive disorder. Psychopharmacology (Berl) 2006;184:254-6.
13- Mowla A, Khajeian, AM, Sahraian A, Chohedri A, and Kashkoli F (2010): Topiramate Augmentation in Resistant OCD: A Double-Blind Placebo-Controlled Clinical Trial. CNS Spectr. 2010;15(11)
14- Thuile, J., Even, C. and Guelfi JD (2006) : Topiramate may induce obsessive-compulsive disorder. Letter to the Editor, Psychiatry and Clinical Neurosciences (2006), 60, 394
15- Rodriguez CI, Kegeles LS, Levinson A, et al. (2013): Randomized controlled crossover trial of ketamine in obsessive compulsive disorder: proof-of-concept. Neuropsychopharmacology Nov;38(12):2475-83.
16- Werner-Seidler, A., & Richardson, R. (2007): Effects of D- cycloserine on extinction: Consequences of prior exposure to imipramine. Biological Psychiatry, 62(10), 1195—1197.
17- Ledgerwood L, Richardson R, Cranney J (2004): D-Cycloserine and the facilitation of conditioned fear: consequences for reinstatement. Behav Neurosci 2004, 118:505-513.
18- Rodebaugh TL and Lenze EJ. (2013): Lessons Learned From !-Cycloserine: The Promise and Limits of Drug Facilitation of Exposure Therapy. J Clin Psychiatry 74:4, April 2013
19- Shim SS, Hammonds MD, Vrabel MM. (2008): D-cycloserine augmentation for behavioral therapy. Am J Psychiatry. 2008;165:1050.
20- Lee JL, Milton AL, Everitt BJ (2006): Reconsolidation and extinction of conditioned fear: inhibition and Potentiation. J Neurosci 2006, 26:10051-10056.