علاج القلق بالعقاقير غير علاج الاكتئاب. لا وجود لحياة بلا قلق والإنسان بحاجة إليه لحل أزماته ومشاكله في مختلف قطاعات الحياة.
استعمال العقاقير في علاج القلق يمكن تصنيفه إلى ما يلي:
١ - استعمال قصير المدى لخفض شدة القلق ومساعدة الإنسان على حل أزمته مع القلق وأسبابه.
٢ - استعمال طويل المدى لعلاج اضطرابات القلق المختلفة.
يمكن تقسيم العقاقير المستعملة في العلاج كما هو موضح في المخطط أدناه.
مجموعة بينزودايازبين
يمكن القول بأن هناك صنف معين من العقاقير المضادة للقلق أكثر إثارة للجدل من غيرها وهي مجموعة البينزودايازبين Benzodiazepines . هذه المجموعة من العقاقير يتم الإشارة إليها هذه الأيام جزافاً باستعمال مصطلح عقاقير الزاء Z drugs ، ولكن ذلك يشمل أيضاً عقاقير أخرى أكثر استعمالا في علاج الأرق ولا أحد يستعملها هذه الأيام لعلاج القلق.
انتشر استعمال هذه العقاقير منذ بداية الستينيات في القرن الماضي وتحولت تدريجيا من عقاقير لها شهرتها الجماهيرية إلى عقاقير سيئة السمعة ويتم بيعها أحياناً في السوق السوداء. تم إنتاج العديد من هذه العقاقير ولا يزال أشهرها عقار دايازيبام أو المعروف باسم فاليوم Valium. يمكن تقسيم هذه العقاقير استناداً إلى التركيب الكيمائي أو مدة فعاليتها(العمر النصفي Half Life). هناك أيضاً التقسيم الكيميائي الذي هو أقل شيوعاً وهو:
١ 1, 4 Benzodiazepines.
٢ 1, 5 Benzodiazepines.
معظم العقاقير تنتمي إلى الصنف الأول والثاني يتم الإشارة إليه عند الحديث عن عقار كلوبازام Clobazam والذي يكاد يكون استعماله مقصوراً على علاج الصرع.
أما التقسيم الثاني لمدة الفعالية (اعتماداً على العمر النصفي) فقد كان سابقاً يتكون من أربعة أصناف: طويلة المدى متوسطة المدى, قصيرة المدى, قصيرة جداً. هذا التقسيم الأكاديمي لا فائدة منه وهذه الأيام يتم تقسيمها إلى صنفين فقط:
١ - عقاقير طويلة الفعالية (أكثر من ١٢ ساعة).
٢ - عقاقير قصيرة الفعالية (أقل من ١٢ ساعة).
تدخل العقاقير الجسم وتتميز بخاصية أليفة الشحوم Lipophilic وذلك يساعدها على التوجه نحو الدماغ. البعض منها يتم تصريفها في الكبد وتحويلها إلى مادة كيميائية فعالة طويلة المدى كما هو الحال مع دايازيبام أو إلى مادة غير فعالة. متى ما وصلت هذه العقاقير إلى الدماغ تستقبلها مستقبلات خاصة بها في الخلايا العصبية مرتبطة بمستقبلات خاصة بالناقل العصبي الكيمائي المعروف بـ GABA وتسمى المستقبلات GABA A. هذا الناقل العصبي الكيميائي يثبط فعالية الخلية العصبية ويؤثر بصورة غير مباشرة على ناقلات عصبية كيمائية أخرى.
هذا الصنف من العقاقير لها دورها في علاج أعراض أخرى غير القلق والتهيج والأرق. لا يزال عقار الفاليوم هو الاختيار الأول في علاج الصرع المستمر Status Epilepticus وفي السيطرة على التهيج في النوبات الذهانية الحادة. تساعد هذه العقاقير في السيطرة على تشنج العضلات.
تكمن مشكلة هذه العقاقير في تحمل Tolerance الخلية العصبية عليها وبالتالي الحاجة إلى جرعة أعلى للحصول على فعالية. يبدأ هذا التحمل بالظهور خلال ٦ أسابيع إلى ١٢ أسبوعا وذلك بدوره يؤدي إلى اعتماد Dependence الإنسان عليها. هناك أيضاً مسالة ظهور أعراض انسحابية بسبب ذلك وبحث المريض واستعماله لجرعة عالية للتخلص من الأعراض الانسحابية ولذلك يتم استعمال مصطلح الإدمان عليها. تظهر الأعراض الانسحابية بعد يومين من توقف الاستعمال وتستمر لمدة عشرة أيّام. ظاهرة الاعتماد عليها والإدمان تصيب ٥٠٪ من الذين يستعملون العقار على المدى البعيد.
ظاهرة الاعتماد والإدمان أكثر ملاحظة مع العقاقير القصيرة الفعالية مثل البروزالام Alprazolam والمعروف تجاريا زاناكس وأقل ملاحظة مع العقاقير الطويلة الفعالية.
أعراضها الجانبية ضئيلة ولكنها قد تؤدي إلى الشعور بالدوخة وعدم التوازن ولذلك من يستعملها لا يجوز أن يقود سيارة. استعمالها مع عقاقير أخرى مهدئة يؤدي إلى تدهور الأداء الحركي والمعرفي وخاصة في كبار السن. في الوقت الذي تساعد هذه العقاقير على نقل الإنسان إلى موقع هدوء وسكون ولكنها قد تؤدي إلى إطلاق التهيج والنزعة العدوانية في البعض. هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن استعمالها لأكثر من ٣ أشهر له علاقة بالخرف وكان هذا السبب في توصيات طبية حددت استعمالها لفترة لا تزيد على ١٢ أسبوعا منذ عام ٢٠١٥.
خلاصة الحديث عنها هي أن هذه العقاقير سليمة وسريعة المفعول ولكن الاعتماد عليها مشكلة لا تقل شدتها عن أعراض اضطراب القلق نفسه ولذلك لا يجوز استعمالها لفترة تزيد على ثلاثة أشهر.
أزابايرون
العقار الوحيد من هذه المجموعة هو بسابيرون وله استعماله في القلق المتعمد دون نوبات الهلع وفعاليته تكمن في تحفيزه لمستقبلات 5 HT 1A وخاصة في النخاع المستطيل من الدماغ. يتم تصريفه بسرعة من خلال الكبد وطالما يسبب الصداع والدوخة في البداية. يكثر استعماله في الكثير من بلاد العالم دون الاتحاد الأوربي. من يستعمل عقاقير الزاء ويتوقف عنها لا يجد ضالته في هذا العقار.
مضادات الاكتئاب
مضادات الاكتئاب بأنواعها أفضل بكثير من عقاقير بينزودايازبين على المدى البعيد ويتم سحبها بسهولة ولكن مفعولها لا يبدأ بسرعة. تأثير هذه العقاقير على الوظائف المعرفية أفضل من عقاقير بينزودايازبين ولكن لها مشاكلها أيضاً على المدى البعيد.
مثبط استرداد السيروتونين الانتقائي (م.ا.س.ا) بجرع لا تختلف عن علاج الاكتئاب قد يؤدي إلى زيادة أعراض القلق في الأيام الأولى أحيانا. مضاد اكتئاب ثلاثي الحلقة كثير الاستعمال في مختلف اضطرابات القلق وبجرعات أقل من استعماله في علاج الاكتئاب. أما عقاقير مثبطات استرداد النورادرينالين الانتقائية فهي مرخصة للاستعمال في مختلف اضطرابات القلق وكذلك الحصار المعرفي أو المعروف بالوسواس القهري.
مضادات الذهان
يتم وصف مضادات الذهان بأنواعها أحيانا لعلاج القلق المقاوم للعلاج وفي المراجع المدمن الذي أصبح معتمداً على العقاقير الأخرى بدون تحسن ملحوظ. هذه العقاقير أكثر استعمالاً في الشخصيات المعادية للمجتمع والتي تعاني من سلوك عدواني مع استعمال عقاقير بينزودايازبين. هذه العقاقير لها أعراضها الجانبية الخطيرة على المدى البعيد ولا يتم وصفها إلا من قبل مراكز طبنفسية تراقب المريض.
يتم استعمال عقار كوتايبين Quetiapine بمفرده أحيانا لعلاج القلق الذي لم يستجب لعلاج آخر.
محصرات بيتا Beta Blockers
يتم وصف هذه العقاقير للمراجع المصاب بالقلق والذي تتميز أعراضه بالخفقان والرعاش في مواقف اجتماعية. العقار الأكثر استعمالا هو بروبرانولول Propranolol بجرعة ٢٠ – ٤٠ مغم ثلاث مرات يوميا. يجب مراعاة عدم وصفها في وجود تاريخ طبي للربو أو أمراض القلب أو السكري.
مضادات الصرع
بريكابلين Pregabalin عقار مضاد للصرع استعماله في علاج القلق المتعمم أكثر بكثير من علاج الصرع نفسه. هذا العقار مرخص لاستعماله فقط في علاج القلق المتعمم دون اضطرابات القلق الأخرى. فعالية هذا العقار لا تتفوق على العقاقير الأخرى وبجرعة ١٥٠-٦٠٠ مغم يوميا.
لا يخلو هذا العقار من أعراض جانبية مثل الدوخة زيادة الشهية عدم التوازن والارتباك المعرفي. من أكثر الأعراض التي تؤدي إلى وقف استعمال العقار هو تدهور الوظائف البصرية والتي تتحسن بسرعة حال وقف العقار.
التوصيات
علاج القلق بالعقاقير ليس بالحل المثالي. على المعالج التحري عن أسباب القلق وطبيعته ومساعدة مراجعه تجاوز أزماته. العلاج الكلامي يساعد الكثير ولكن يجب القبول أيضاَ بأن هناك من المراجعين من بفضل استعمال العقاقير لعلاج القلق وهناك من لا يستجيب للعلاج الكلامي بأنواعه.
يجب استعمال عقاقير بينزودايازبين لفترة لا تتجاوز ٣ أشهر وعلى الطبيب المعالج توخي الحذر في وصف هذه العقاقير بدون مراجعة منتظمة. هذه العقاقير تفقد فعاليتها مع الاستعمال المستمر وبالتالي تولد مشكلة الاعتماد والإدمان عليها. من جانب آخر هناك الأقلية من المرضى من يحتاجون استعمالها لفترات متقطعة وعند الحاجة فقط. هناك من المراكز الطبية من تستعمل مصطلح اضطراب هلع مقاوم للعلاج Treatment Resistant Panic Disorder لتبرير وصف هذه العقاقير. يحبذ استعمال عقار طويل الفعالية مثل دايازيبام بدلاً من عقاقير أخرى ولا يوجد الدليل على تفضيل العقاقير الأخرى من نفس الصنف. الاستعمال المتقطع والمراجعة المنتظمة في غاية الأهمية عند وصف هذه العقاقير لأول مرة وعلى المدى البعيد.
استعمال عقار مضاد للاكتئاب لعلاج مختلف اضطرابات القلق هو الخطوة الأولى المفضلة. رغم أن عقاقير SNRI مثل الفينلافكسين ودلوكستوين مرخصة لعلاج القلق ولكن فعاليتها ربما لا تعلو على مضادات الاكتئاب من صنف SSRI مثل فلوكستين (بروزاك) أو سييرترالين Sertraline. مضادات الاكتئاب الثلاثة الحلقة مثل اميتربتلين Amitriptyline بجرعة ١٠-٢٥ مغم من واحد إلى ثلاث مرات يوميا يسد حاجات العديد من المراجعين.
استعمال عقار كوتايبين بجرع ٢٥ – ٣٠٠ مغم يوميا لعلاج القلق لا يستند على دراسات قوية ويجب توخي الحذر في استعماله على المدى البعيد. هناك بعض الدراسات التي تشير إلى سوء استعمال هذا العقار والاعتماد عليه من قبل بعض المرضى.
أما عقار بريكابلين فهو مرخصة به لعلاج القلق المتعمم دون غيره وفعاليته على المدى البعيد غير مضمونة وله أعراضه الجانبية.
واقرأ أيضًا:
المودافينيل Modafinil : عقار الطلبة المفضل / الطب النفسي وعلاج العطور Aromatherapy