يستقبل الإنسان الرائحة وتمر عبر ألياف حسية رفيعة جداً في أعلى الأنف. تمر هذه الألياف عبر قاعدة الجمجمة ومن ثم تتحول إلى مسالك كبيرة لتصل إلى مركز حاسة الشم في الدماغ. عند وصول الإشارات العصبية يميز الإنسان الرائحة ويتم تحديد النوع وربطها بذكريات وخزن ذكرى الرائحة نفسها.
على ضوء ذلك فإن أي آفة في مسار هذه الألياف من أعلى الأنف إلى مركز المخ للشم يمكن أن تؤدي إلى فقدان حاسة الشم مثل الجيوب الأنفية والأورام الحميدة وانحراف حاجز الأنف وغيرها. الصراحة هي أن جميع هذه الأسباب واضحة وقلما يكون فقدان حاسة الشم هو الشكوى الوحيدة.
الشم له علاقة بالذاكرة ويتم خزن الرائحة في مخزن الذكريات. على ضوء ذلك يمكن القول بأن فقدان حاسة الشم قد يكون سببه فشل الإنسان استعادة الذكرى لسبب أو لآخر. على ضوء ذلك ترى الإنسان يشكو من هذا العرض عندما يمر بحالة عدم توازن وجداني أو قد يشكو على العكس من ذلك من شدة رائحة بعض المواد بسبب حالته العاطفية كما هو الحالة في تعرض الإنسان لصدمات عاطفية حيث ترى ذكرى رائحة المكان أو من اعتدى عليه تلاحقه بسرعة البرق وتفاجئه بين الحين والآخر.
هناك من يشكو من رائحة قوية قبل حدوث نوبة صرعية. هناك أيضا من يشكو من هلاوس شمية التي قد تكون غريبة في الفصام أو لها علاقة بفكرة تحاصره لسبب أو لآخر. ولكن الغالبية العظمى من المرضى يصل إلى عيادة طبيب يشكو من فقدان حاسة الشم ويتم فحصه والكشف عليه ولا يتم تشخيص السبب.
كذلك يفقد الإنسان حاسة الشم بعد نوبة زكام وأنفلونزا قوية. الألياف الشمية تتميز بقدرتها على التجديد وبسرعة ولذلك لا يدوم فقدان الشم لأكثر من عشرة أيام. ولكن هناك من لا يستعيدها لأشهر أو حتى طوال عمره وهناك من لا يعطيك تاريخ أنفلونزا أو زكام واضح.
العلاج
1) هناك من الناس من تعرض لكدمه قوية في الوجه قطعت ألياف العصب المخي الذي ينقل حاسة الشم ولا علاج ينفع لاستعادة حاسة الشم.
2) المصاب بالصرع يحتاج إلى السيطرة التامة على نوباته.
3) المضطرب وجدانيا يحتاج علاج لإعادة توازنه الوجداني.
4) ولكن الغالبية العظمى من المرضى يتم إعانتهم مع علاج تأهيل حاسة الشم مرة أخرى.
يتم تعريض المريض ثلاث مرات يوميا إلى شم أربعة أنواع من الدهون ذات روائح مميزة وهي:
• الورد
• القرنفل
• الكافور
• الليمون
يتم إرشاد المريض إلى التركيز على الرائحة فقط وتدريجيا يلاحظ الكثير تحسن حاسة الشم بعد ثلاثة أشهر.
هناك من يستعيد حاسة الشم بسرعة ولكنه يشكو من شم رائحة واحدة فقط لا علاقة لها بهذه الدهون ولكنه يتحسن بعد ذلك.
قاعدة العلاج هي استعادة الذكريات الخاصة بالرائحة واسترجاعها من مخزن الذكريات في المخ.
الذاكرة العرضية لإدراك الرائحة Precepts of Odour Episodic Memory
عملية الذاكرة للروائح حالها حال جميع الإدراكات الحسية من بصرية وسمعية وجسدية يتم خزنها في الفص الصدغي. هذه الذاكرة تتعرض إلى عطل وظيفي مع إصابة الإنسان بمرض عضوي في الدماغ من أعراضه فقدان الذاكرة واختلال الذاكرة عموماً مع تقدم العمر ينذر بالإصابة بالخرف استناداً إلى دراسة واحدة استعملت فحص الذاكرة العرضية لإدراك الرائحة والمعروف بـ POEM.
قام الباحثون بتجنيد أشخاص يشاركون في دراسة طويلة الأجل للشيخوخة والخرف، وخمسة أشخاص يعانون من الخرف من عيادة الذاكرة.تم إعطاؤهم اختبارات قياسية لتحديد الخرف والعلامات المبكرة للخرف المعروفة بالعجز المعرفي الطفيف Mild Cognitive Impairment تم عمل فحوصات في الدماغ واختبارات جينية لمتغيرات الجينات المرتبطة بالخرف.
كانت الخطوة الأولى ثلاث اختبارات لتقييم الشعور بالرائحة، وذاكرة الروائح، والقدرة على التمييز بين الروائح. بعدها درس الباحثون النتائج لمعرفة ما إذا كان - مع الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى المحتملة مثل العمر ومستوى التعليم أو الأسباب الطبية لضعف القدرة على الشم - نتائج اختبار الرائحة يمكن أن تتنبأ بالأشخاص الذين يعانون من الخرف أو أكثر عرضة لخطر الخرف.
الاختبارات الثلاثة كانت:
1) عشرة روائح شائعة –وقدرة تعريف الرائحة من قائمة بأربعة أسماء.
2) عشرون رائحة شائعة، بما في ذلك عشرة روائح من الاختبار الأول.
3) أثنا عشر روائح - تم تقديم رائحتين واحدة تلو الأخرى، وطُلب من المتطوعين تحديد ما إذا كانوا متماثلين أم مختلفين
استخدم الباحثون مجموعة من الاختبارات الإحصائية لمعرفة العوامل المرتبطة بها. كان اهتمامهم الأساسي هو ما إذا كانت نتائج الاختبار تتنبأ بتشخيصات الأشخاص (طبيعية، بعض المخاوف، ضعف إدراكي خفيف، أو مرض ألزهايمر).
أرادوا أيضًا معرفة ما إذا كانت نتائج اختبار الرائحة مرتبطة بمنبهات مبكرة أخرى لمرض ألزهايمر، وهي:
1) تنكس مناطق معينة من الدماغ.
2) رواسب البروتين النشواني Amyloid في الدماغ.
3) المتغيرات الجينية أكثر شيوعا في الأشخاص الذين يعانون من مرض ألزهايمر.
تشير النتائج بأن الأشخاص الذين كانوا طبيعيين إدراكيًا ومعرفيا أو لديهم بعض المخاوف حول ذاكرتهم إلى تحقيق نتائج جيدة في اختبار POEM. وكانت نتائجهم أفضل بكثير من نتائج الأشخاص المصابين بعجز معرفي طفيف أو مرض ألزهايمر.
عندما نظر الباحثون إلى الأشخاص الذين كانوا طبيعيين معرفيا ولكن أداؤهم أسوأ من المتوقع في اختبار POEM استنادًا إلى النتائج التي توصلوا إليها في أول اختبار (عشرة روائح)، فقد وجدوا أن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر عرضة للإصابة بـ:
1) متغير الجينات المرتبطة بمرض ألزهايمر.
2) نسيج أرق في جزء الدماغ المرتبط بالذاكرة الشمية (القشرة الدماغية الأنفية).
3) تدهور الذاكرة المنطقية مع مرور الوقت.
ومع ذلك، لم يكن هناك ارتباط بين نتائج POEM وترسباتبروتين النشواني في الدماغ.
الاستنتاج
التطبيق العملي السريري لفحص POEM يكاد يكون معدوماً والغالبية العظمى من المراجعين لا يحتاجون مثل هذا الفحص لتقييم قدرتهم المعرفية. يفضل التركيز على استعمال الاختبارات السريرية العامة لفحص القدرة المعرفية لتقييم المراجع بدلا من تعريضه لفحوصات لا تضيف شيئاً إلى رحلة علاجه.
المصدر
Albers AD, Asafu-Adjei J, Delaney MK, et al. (2016): Episodic Memory of Odors Stratifies Alzheimer Biomarkers in Normal ElderlyAnnals of Neurology. Published online November 14, 2016
واقرأ أيضًا:
تحيز البهوت الوجداني Fading Affective Bias / متلازمة مونشهاوزن Munchausen Syndrome / منشأ وأسباب الصرع / استعمال جديد لعقار الضعف الجنسي