يمكن الاستنتاج بعد قراءة منشأ وأسباب الصرع بأن النوبات الصرعية ما هي إلا أحد أعراض اضطراب في الدماغ. متى ما كان هذا الاضطراب واضحا ومعروفا وتم تشخيصه فعند ذاك يكون الحديث عن مرض الدماغ نفسه. متى ما كان هذا المرض غير واضحا ولا يمكن التحري عنه بسهولة فالحديث يكون عن الصرع أو النوبات الصرعية. المجموعة الثانية من المرضى هي التي تشكل غالبية المراجعين لمراكز الصرع.
رغم أن تصنيف الأمراض عموما يستند على سبب المرض ولكن هذه القاعدة العامة قلما يتم العمل بها في تصنيف الصرع في الممارسة العملية لأمراض الصرع أو الجملة العصبية. يستند الأطباء عند تصنيف وصف نوبة الصرع الحصول على تاريخ المرض والفحص السريري وذلك يساعده على تخمين مسار المرض. يساند الخطوة الأولى نتيجة فحص المخ الكهربائي Electroencephalography. بعد ذلك يباشر وصف العلاج الذي يجب استعماله للسيطرة على هذه النوبات.
لا يزال تصنيف النوبات الصرعية لعام 1981 كثير الاستعمال(2، 4، 5) رغم وجود تصنيف جديد صدر في عام 2017. يستند التصنيف الجديد على محورين، الأول هو المحور السريري والثاني هو محور التخطيطي الكهربائي وبالتالي يتم جمع النتائج وتصنيف النوبات الصرعية إلى 3 أنواع وهي:
1 - بؤرية أو نوبات أحادية الشبكة.
2 – متعممة أو نوبات ثنائية الشبكة.
3 - نوبات غير معروفة.
المظهر السريري للنوبة الصرعية يعتمد على عاملين:
1 - المكان الذي تبدأ به النوبة الصرعية في الدماغ.
2 - سرعة وانتشار النوبة الصرعية في الدماغ.
النوبة الصرعية التي تبدأ في مكان موضعي في القشرة المخية والتي لا تنتشر إلى الجانب الآخر نسميها نوبة صرعية منشؤها بؤري Focal Seizure وكانت سابقاً تعرف بنوبات جزئية Partial Seizures. أما النوبة التي تبدأ في جانبي الدماغ وبصورة متناسقة فيتم تصنيفها بنوبات صرعية متعممة Generalised Epileptic Seizures. متى ما انتشرت النوبة الصرعية الجزئية إلى جانبي الدماغ فنسميها نوبة صرعية متعممة ثانوية Secondary Generalised Seizures أو نوبة بؤرية إلى توترية – رمعية ثنائية الجانب Focal to Bilateral Tonic Clonic.
نوبات منشؤها بؤري Focal Onset Seizures |
• وعي أو اختلال الوعي |
• منشؤها حركي |
• أوتوماتيكية |
• ونائية |
• رمعية |
• تشنج صرعي |
• فرط حركي |
• رمعية عضلية |
• منشؤها غير حركي |
• مستقلية |
• توقف سلوكي |
• معرفية |
• عاطفية |
• شعورية |
• بؤري إلى توتري –رمعي ثنائي الجانب |
تشكل هذه النوبات 60% من نوبات الصرع في الممارسة المهنية. مظاهر هذه النوبات تعتمد على الفص المخي التي تولد فيه وأكثرها شيوعا تلك التي تولد في الفص الصدغي. من الأعراض السريرية المعروفة المصاحبة لهذه النوبات هي ظاهرة الألفة (الديجافو Deja vu) والتي تعني الشعور بملاحظة شيء تم رؤيته سابقا. الكثير من المرضى يشكوا من عدم ارتياح في البطن وهلاوس بصرية وسمية وذوقية وبصرية أحيانا بسبب قرب الفص الصدغي من الفص القذالي.
أما النوبات التي تولد في الفص الجبهي(1) فتكثر فيها المظاهر الحركية المختلفة وما يسمى أحيانا بالزحف الجاكسوني Jacksonian March حيث تبدأ الحركات اللاإرادية في منطقة صغيرة من الأطراف وتنتشر إلى بقية الذراع أو الرجل. البعض منهم يشكوا من اضطراب في التفكير وأعراض يصعب وصفها وجميع هذه الأعراض يمكن تفسيرها بوظائف الفص الجبهي نفسه.
كذلك الحال مع الفص الجداري(3, 6) الذي يتحكم بالوظائف الحسية للجسم حيث تكثر ملاحظة الأعراض الحسية والفص القذالي والأعراض البصرية.
يتم تنصيف جميع هذه النوبات بمنشؤها بؤري مع الوعي Aware إذا لم يحدث أي اضطراب في وعي الإنسان معها. هذه النوبات لا تختلف عن بقية نوبات الصرع في أنها تبدأ وتنتهي فجأة ولا تستغرق أكثر من عدة دقائق في الغالبية العظمى من الحالات. بعبارة أخرى ما يميز المظاهر أعلاه من أعراض أخرى مشابهة لاضطرابات الدماغ في أنها نوبة والنوبة تبدأ فجأة وتنتهي بسرعة وتداهم الإنسان بين الحين والآخر بدون سابق إنذار في معظم الحالات.
أما نوبات منشؤها بؤري مع اختلال الوعي فهي لا تختلف عن النوبات أعلاه سوى إضافة اختلال أو عجز الوعي. النوبات التي مصدرها الفص الصدغي تتميز بتوقف الحركة فجأة وبعدها حركة مضغ يصاحبها حركة صفع الشفة والبلع. هذه الحركات يطلق على هذه الحركات مصطلح الأوتوماتيكية Automatisms والناتجة من الفص الصدغي هي أكثر انتشارا وملاحظة في الممارسة السريرية. ولكن البؤرة التي تتواجد في الفص الجبهي قد تؤدي إلى حركات أوتوماتيكية غريبة مثل موقف تبارز ودفع واهتزاز أو تحريك الساقين وكأن المريض يقود دراجة هوائية وغير ذلك مما يثير الشكك بأن المريض يتظاهر بإصابته بنوبة صرعية.
لا تتجاوز مدة النوبات البؤرية أكثر من بضعة دقائق ويتبعها فترة من الالتباس وتسمى أحيانا التخليط الصرعي Epileptic confusion ولا يتذكر المريض النوبة منذ بدايتها حتى نهايتها.
النوبات البؤرية تنتشر أحيانا وتتحول إلى نوبات متعممة ويتم استعمال مصطلح النوبات المتعممة الثانوية لوصفها. هذا الانتشار للفعالية الصرعية قد يكون سريعا ولا يستطيع المشاهد ملاحظة الفترة القصيرة للنوبة الجزئية التي تسبق النوبة المتعممة.
النوبات منشؤها متعمم Generalized Onset Seizures |
حركية |
توترية-رمعية |
رمعية |
توترية |
عضلية رمعية |
عضلية رمعية-توترية-رمعية |
عضلية رمعية – ونائية |
ونائية |
تشنج صرعي |
غير حركية (غيبة) |
نموذجية |
غير نموذجية |
عضلية رمعية |
جفنية عضلية رمعية |
يتم استعمال هذا المصطلح إذا كانت النوبات الصرعية متعممة منذ البداية وغياب الدليل الذي يشير إلى أنها ناتجة من انتشار نوبات بؤرية.
النوبات التوترية الرمعية هي أكثر أنواع الصرع الأولي ملاحظة في البالغين وتعرف بالاختلاج Convulsion. تحدث هذه النوبة بدون سابق إنذار في غالبية الحالات والقليل يشكوا من زيادة الحركات الرمعية العضلية Myoclonic Jerks قبل الاختلاج. المرحلة التوترية تشمل جميع الأطراف ويصاحبها صرخة ويهوي المريض إلى الأرض وقد يعض طرف لسانه. في هذه المرحلة تكثر ملاحظة زراق المريض ويتبع ذلك حركات رمعية أكثر ملاحظة في الأطراف العليا. تنخفض سرعة الحركات الرمعية تدريجيا وخلال هذه الفترة يحدث سلس البول وأحيانا سلس البراز. كل ذلك يستغرق دقيقتين أو أكثر بقليل في غالبية الحالات ويخلد المريض إلى النوم وقد تكون هناك فترة التباس لا تزيد عن النصف ساعة. هناك من المرضى من يشكو من صداع وآلام عضلية لعدة ساعات بعد الاختلاج.
أما النوع الكثير المشاهدة في الأطفال وقبل سن البلوغ من النوبات المتعممة فهو نوبات الغيبة Absence Seizures. يتوقف الطفل عن الحركة فجأة ولثواني فقط ويحدق في الفضاء ويصاحب ذلك حركات الجفون التصفيقية. هذا النوع من النوبات يتكرر عدة مرات في اليوم ويؤثر على أداء الطالب التعليمي ولا يتم تشخيصه بسرعة أحيانا ولكنه يتميز بوجود تغيرات في تخطيط المخ الكهربائي تكاد تكون خاصة به فقط تدعى التفريغات المسمارية والموجية بسرعة 3 في الثانية. لكن هناك أيضا نوبات غيبة غير نموذجية وتكثر ملاحظتها في بعض متلازمات الصرع الشديد وتصاحبها تغيرات سرعتها أقل من 3 في الثانية في التخطيط الكهربائي ومسار الصرع فيها أشد بكثير من النوبات النموذجية.
هناك أربعة أصناف أخرى من الصرع المتعمم وهي أقل ملاحظة من التوترية الرمعية والغيبة وهي:
1 - نوبات توترية.
2 - نوبات رمعية.
3 - نوبات ونائية.
4 - نوبات رمعية عضلية.
نادرا ما تحدث هذه النوبات بمفردها. النوبات الونائية لا تختلف كثيرا عن حالات الإغماء وتحدث فجأة وتؤدي إلى جروح في الجمجمة. النوبات الرمعية العضلية كثيرة الملاحظة في الصباح في المصابين بالصرع وقد تكون جزءً من متلازمة صرع حميدة المسار في أعوام المراهقة أو قد تكون جزءً من متلازمة صرع شديد في الطفولة.
المصادر
1- Bancaud J, Talairach J. (1992) Clinical semiology of frontal lobe seizures. Adv Neurology 57:3–58
2- Berg AT, Berkovic SF, Brodie MJ. (2010) Revised terminology and concepts for organization of seizures and epilepsies: Report of the ILAE Commission on Classification and Terminology, 2005–2009. Epilepsia 51:676–85.
3- Chauvel P, Trottier S, Vignal JP, Bancaud J (1992) Somatomotory seizures of frontal lobe origin. Adv Neurology 57:185–232.
4- Commission on Classification and Terminology of the International League Against Epilepsy. Proposal for a revised clinical and electroencephalographic classification of epileptic seizures. Epilepsia 1981; 22:489–501.
5- Commission on Classification and Terminology of the International League Against Epilepsy. Proposal for revised classification of epilepsies and epileptic syndromes. Epilepsia 1989; 30:389–99.
6- Salanova V, Andermann F, Rasmussen T, Olivier A, Quesney LF. (1995) Parietal lobe epilepsy. Clinical manifestations and outcome in
82 patients treated surgically between 1929 & 1988. Brain 118:607–27.
واقرأ أيضًا:
الصرع بين العلم والدجل والطب النفسي / العقاقير المضادة للصرع والصحة النفسية / النوبات اللا صرعية النفسية Psychogenic Non-Epileptic Attacks / منشأ وأسباب الصرع