توطئة عن الوضع التصنيفي لوساوس وقهور الوضوء:
المبالغة في الوضوء أو في الاغتسال من الحدث بالماء هي واحدة من أشهر أعراض مرضى الوسواس القهري من المسلمين .... فهناك من يقضي ساعة أو أكثر ليتوضأ وهناك من تصل مياه وضوئه صالة البيت وهناك من تغتسل اغتسال التطهر بعد الجماع في ساعات وهناك من تحتاج أثناء وضوئها لمن يراقبها من أهلها إما لتنجز أسرع أو لتتمكن من التحقق أنها فعلت.... وحديثا هناك من تصور وضوئها فيديو لتتأكد من أنها غسلت أعضائها المختلفة.....إلخ... من العروض الإكلينيكية التي تدرج في ممارسة الطب النفسي عياديا في العالم العربي وفي معظم الدراسات العربية وفي بلاد العالم الإسلامي كجزء من أحد أشهر أعراض الوسواس وهو الغسيل القهري.
وفي لغة الطب النفسي السائدة غالبا ما تحتوى هذه الأعراض الدينية بشكلها الوصفي المجرد كقهور غسيل -باعتبار البعد الديني لها جزءٍا من الثقافة الخاصة بالمريض- بحيث يصل بنا التجريد الوصفي إلى أن تكرار الوضوء استعدادا للصلاة أو الاغتسال تطهرا لا يختلف عن غسيل الأطباق أو أرضية الحمام ... هكذا دون تفريق !... واستمر هذا الوضع في الدراسة والممارسة الطبنفسية عقودا طويلة حتى أن أول دراسة منشورة تم فيها التفريق بين الغسيل ذي البعد الديني وغيره كان سنة 2011 حين اقترح في دراسة باكستانية (Nazar, et al., 2011)، اسم الغسيل الديني Religious Washing حين يذكر الباحثون صراحة ما نصه: "في هذه الدراسة تم تفريق قهورات التنظيف من التلوث من قهورات الغسيل الدينية"... في محاولة بدائية لتفريق أعراض الوسواس القهري الدينية عن غيرها.
وكنت قبل ذلك بسنوات أعمل مع مرضى الوسواس القهري المسلمين وهم أغلب مرضاي ومدرك لضرورة التفريق بين الأعراض ذات البعد الديني وغيرها ولهذا صممت مع د. داليا مؤمن مقياس أعراض الوسواس القهري (أبو هندي ومؤمن، 2005)، وبدأت فعلا في محاولة تصنيف الأعراض الدينية للوسواس القهري من خلال دراسة قمت بها على عدد 788 مريضا مصريا بالوسواس القهري اخترنا منهم من كانت الوساوس الدينية تمثل الأعراض الحالية الوحيدة أو الأساسية في حالاتهم فكان عددهم 530 مريضًا أي 67.2% وقمنا بدراسة المحتوى الديني لوساوسهم، من خلال مقياس أعراض الوسواس القهري إضافة إلى تفاصيل التحليل السلوكي لأعراضهم، وقد اخترنا تسمية الأعراض دينية المحتوى باسمها المستمد من الفقه الإسلامي إذ يحتاج كل من هذه الأعراض إلى تحليل ومناقشة مع المريض لفهم الكيفية التي يحدث بها ....وقراءة الفقه الإسلامي هنا في غاية الأهمية ليستطيع المعالج النفساني أن يضع خطة العلاج المناسبة، إضافة إلى المحتوى المعرفي المعين الخاص بمشكلة أو مشكلات المريض ذات المحتوى الديني.
وبعد عقدين من العمل الذي يقارب التفرغ لعلاج الموسوسين كنت وما أزال مقتنعا أن مفهوم التنظيف/النظافة ليس مقابلا ببساطة لمفهوم التطهر/الطهارة، ولا تصح المقابلة بينهما ولكي أوضح ذلك أضرب المثل بمن يوسوس في الوضوء فيبقى يغسل العضو ثم يعيد غسله فعندما يُنظر إليه بعين من ثقافة مختلفة فإنه يُرى تكرارا للغسيل سببه الشعور باتساخ العضو وعدم كفاية غسله بما يدفع للتكرار ويصبح تصنيفه مع وساوس الغسيل والتنظيف مبررا، وعندما ينظر إليه بعين متسرعة فإنه يُرى تكرارا للغسيل سببه الشعور بنجاسة العضو وعدم الشعور بكفاية تطهيره ويبرر ذلك أيضًا تصنيفه مع وساوس الغسيل والتنظيف، ولكن الحقيقة أنه لا هذا ولا ذاك فالمتوضأ لا يغسل لا قذارة ولا نجاسة وإنما يهيئ نفسه للصلاة أو لقراءة القرآن ويشعر أن ذلك التهيؤ لم يكتمل.... معنى هذا وغيره كثير هو أن الطريقة التي تصنف بها الوساوس دينية المحتوى ما تزال بحاجة إلى تصنيف أقرب للواقع المعرفي السلوكي لأصحاب ذلك الدين من المرضى، ربما لا تكفي فيه عين الطب النفسي دون خلفية فقهية ودون إنصات طويل للمرضى.
وقد أظهرت دراستنا الاستطلاعية المشار إليها أعلاه ظهور الشك في إحسان الوضوء بكل ما يمكن أن يستتبع تكرارا لغسيل عضو أو لكل الوضوء فيما يقارب الثلثين (59%) من الحالات، وأما المبالغة في الغسل فظهرت في (37.2%) أي في حوالي ثلث الموسوسين ذوي الوساوس الدينية البارزة، أي أننا نتحدث عن حجم كبير من المرضى، جديرون بأن تفهم أعراضهم بشكل أفضل لتعالج بشكل أفضل.
خلفية فقهية مهمة في علاج وسواس قهري الوضوء:
نادرا ما يأتي المريض المسلم جاهلا بكراهة الإسراف في الوضوء نظرا لشهرة الحديث الحسن "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال من زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم" صدق صلى الله عليه وسلم، رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وكذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعْتدُون في الطهور والدعاء" صدق صلى الله عليه وسلم حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي.... رغم تلك المعرفة الدينية العامة لأغلب المرضى إلا أنهم لا يستطيعون التوقف عن تكرار الغسيل أثناء الوضوء أو الاغتسال بسبب الحالة الوسواسية المرضية.
لعل ما يهمنا فعليا في التعامل مع مرضى وسواس قهري الوضوء هو في ماذا اختلف الفقهاء في الأحكام المتعلقة بالوضوء فالوضوء فرضٌ لأنه شرط لصحة الصلاة، بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" وهو حديث متفق عليه وهناك إجماع على وجوبه كفرض له أركان أو فرائض مثلما له سنن، وأركان الوضوء المتفق عليها أربعة هي غسل الوجه واليدين والرجلين مرة واحدة، والمسح بالرأس مرة واحدة.
وأما ما عدا ذلك من أعمال الوضوء فمختلف فيه:
فقد اختلف الفقهاء في إيجاب النية فقال غير الحنفية بفرضية النية بينما رأى الحنفية استحبابها ويترتب على رأي الحنفية هذا: صحة وضوء المتبرد، والمنغمس في الماء للسباحة أو للنظافة أو لإنقاذ غريق، والمهم هنا بالنسبة للموسوس أن يعرف أن وضوءه صحيح حتى لو شككه الوسواس في النية،
واختلف الفقهاء في إيجاب الترتيب (ترتيب أعضاء الوضوء أي غسل الوجه أولاً ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين) كما اختلف الفقهاء في إيجاب الموالاة (وهي المتابعة بغسل الأعضاء قبل جفاف السابق) وقال المالكية والحنابلة بوجوب الموالاة بينما قال الحنفية والشافعية: الموالاة سنة لا واجب، وقال الشافعية والحنابلة بوجوب الترتيب في الوضوء بينما قال الحنفية والمالكية: إنه سنة مؤكدة لا فرض.
وأيضًا اختلفوا في إيجاب الدلك (وهو إمرار اليد على العضو بعد صب الماء قبل جفافه) فانفرد المالكية بإيجابه.... لكنه لا يجب عند الحنفية والشافعية والحنابلة. كما اختلف الفقهاء فى حكم التسمية فى أول الوضوء على قولين، الأول : ذهب جمهور العلماء منهم الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي إلى أن التسمية سنة من سنن الوضوء وليست واجبة، والقول الثانى : هو الوجوب عند الحنابلة ....إلخ.
والشاهد من هذا العرض هو بيان السعة والسماح البراح في الاختلافات المقبولة كلها في الطقس الديني الذي ينفرد به المسلمون أو يكادون ... والذي عادة يؤديه المسلم 5 مرات يوميا إذا اقتصرنا على الصلوات الخمس.... لكن الأهم في علاج الموسوس هو ضرب القناعة الوسواسية بأهمية الطقسية المفرطة أثناء الوضوء ... فهناك وساوس كثيرة تتعلق بذلك ترتبط بالوضوء وتكرار الوضوء .. مثلا من كانت تعيد الوضوء لأن الماء أصاب يدها اليسرى قبل اليمنى أو أصاب رأسها قبل يدها ... أو لأنه لم يدلك قدمه كما يجب ...إلخ... ويستفيد كل هؤلاء من عرض الاختلاف الفقهي في الوضوء، ولا يفيد ذلك عمليا إلا بعد إقناع المريض بوجوب اتباع الحكم الأيسر من أي مذهب دون الالتزام بمذهبه الأصلي كرخصة للمريض بالوسواس القهري.
أشكال ومواضع الوسوسة في الوضوء:
يمكن أن تقسم وساوس الوضوء إلى خمسة أقسام هي: الوسوسة في البدايات أي في نية الوضوء وفي التسمية، ثم الوسوسة في الأداء بالشك في الغسيل والتفحص والتكرار أو إعادة الغسيل، إلى جانب الوسوسة في حدوث ما يبطل الوضوء أو يفسده بما يستدعي البدء من جديد، أي إعادته مثل خروج الريح أو تصور صورة جنسية وكلها من وساوس المبطلات، وأخيرا منها وسواس الحفاظ على الوضوء الذي يبدأ بعد الوضوء ...، ولكل من هذه الأقسام من وساوس الوضوء -والتي يمكن أن تتجمع أي تشكيلة منها في نفس المريض- لكل طريقته المعرفية السلوكية العلاجية "الشرعية" التي سنشرحها هنا.
1- وساوس وقهور بدايات الوضوء
الوسوسة في نية الوضوء:
صعوبة استحضار النية وصعوبة التركيز فيها واستغراق وقت طويل بالتالي للبدء، وكذلك الشك في النية؛ مثل: هل نويت الوضوء أم فقط كنت تغسل كفيك ووجهك؟ أو هل ترددت في النية؟ إلخ... وربما يكرر النية، وكذا التلفظ بالنية وأحيانا رفع الصوت بها.....
الوسوسة في التسمية (أو البسملة) قبل الوضوء
صعوبة البدء بالتسمية واستغراق وقت طويل للبدء بها، وغالبًا ينتج ذلك عن شروط يضعها المريض لنفسه يجب أن تكتمل قبل التسمية للبدء بالوضوء، وكذلك تكرار التسمية مرة أو مرات أو عددًا معينًا من المرات حتى تقال كما يجب، كما تشمل وساوس التسمية الشك في فعلها من عدمه، ثم تكرارها. وربما رفع الصوت عاليا بالتسمية.
2- وساوس وقهور الأداء أثناء الوضوء أو الغسل
1- الشك في نسيان أحد الأعضاء وتكرار غسله.... ومن الملاحظ في أغلب الحالات أن التكرار استجابة للوسوسة لا يؤدي إلا إلى مزيد من التكرار... فلا يطمئن الموسوس بالتكرار الذي يفعله طلبا للاطمئنان....
2- الإسراف في غسل عضو أو الكل وفي عدد المرات... وهو ما يبدو منطقيا بسبب وجود مشكلة عدم الشعور باكتمال الفعل لدى الموسوس فهو لا يشعر باكتمال طقس الوضوء لسبب أو لآخر ويجد نفسه مدفوعا للتكرار بداية ثم عاجزا عن التوقف نهاية ويبقى يكرر.
3- البطء الشديد في غسل الأعضاء.. وهذا قد يكون نوعا من قهور الكمالية طلبا للإحسان وتعمقا فيه أو نوعا من الإجراءات الاستباقية أو القهور الاحترازية Anticipatory Compulsions يقصد منه التأكيد والتحقق المواكب للفعل بهدف تقليل احتمالات الشك وعدم الشعور بالاكتمال.
4- تكرار الدلك بالماء والشك في حصوله ثم تكراره... وهذا قد يكون نوعا من قهور الكمالية طلبا للإحسان وتعمقا فيه أو يكون من القهور الاحترازية درءًا أو استجابة للشك وعدم الشعور باكتمال الفعل.
5- الإفراط في المضمضة و/أو الاستنثار والمبالغة في التأكد من دخول الماء في الفتحات والثنايا.... وهو أيضًا من قهور الكمالية أو الاحترازية.
6- عدم لمس أي شيء أو شخص آخر أثناء أو بعد الوضوء أو الغسل، وعدم الرد على أي شخص... وتسمع لذلك تبريرات مختلفة مثل فقد التركيز أو انقطاع النية ...إلخ بما يبطل الوضوء أو الغسل.
7- وساوس وقهور أقل شيوعا:
- غسل اليدين بعد انتهاء الوضوء (أي بعد غسل القدمين) وتسمع تبريرات لذلك مثل أن يدي لمست قدمي الذي يدوس الأرض أو وأنا أقف به في الحمام ..إلخ.
- تكرار غسل اليدين بين عضو وعضو أثناء الغسل.
- رفع الصوت بالعد مع كل مرة غسيل.... ويقصد به التأكيد والتذكير طلبا للطمأنة.
- اشتراط وجود مراقب من الأسرة.... وعادة يقصد به المساعدة على مجابهة الشك بسؤال المراقب وفي المراحل المتأخرة نجد من يشترط ذلك لأنه يخاف الوقوف أمام مصدر الماء وحيدا ليتوضأ!!.
- ضرورة سكب الماء الطهور على أرضية الحمام و/أو النعل والقدمين بعد الغسل/ الوضوء وقبل أي خطوة من محل الاغتسال.
3- وساوس وقهور مبطلات الوضوء :
1- الشك في خروج ريح: أثناء الوضوء أو الصلاة.
2- الشك في نزول نقطة بول أو مذي أثناء الوضوء، وبعضهم يلجأ للتحفض أثناء الوضوء ثم التفتيش.
3- وسوسة الشك أو التردد في النية أثناء الوضوء كأن يقول الوسواس إنما قصدت غسل الوجه نظافة لا وضوءَ.
4- الوساوس الكفرية التشكيكية أو التجديفية أو الوساوس الجنسية كلها حين تحدث أثناء الوضوء.
5- وساوس المبطلات المستغربة للوضوء، وهي مبطلات خاصة بالمريض عادة يستغربها الآخرون؛ مثل من يقطع الوضوء ويعيده لأن درجة حرارة الماء تغيرت، أو لأن أحدًا أطفأ الإضاءة في مكان وضوئه! وأحيانًا إذا لمسه أو ناداه أحد أثناء الوضوء... إلخ.
4- وساوس وقهور حفظ الوضوء:
مشكلة حفظ الوضوء والرغبة في الوضوء لصلاتين أو أكثر هي مشكلة تواجده كثيرا من الموسوسين فلمراقبة ذلك عليهم وقع قوي حتى شبهت حالة بعضهم بأنك عندما تنهي الوضوء توصل تيار كهرباء (جسدي وخارجسدي) في طلب الحفاظ على الوضوء، وعادة ما يكون تأثير هكذا نوع من الوسواس صعبا على صاحبه أو صاحبته وشديد الوطأة... يضايقه في تحركاته في الحياة ويكبل تفاعلاته مع الناس ويرهق محاولاته للتركيز وصرف الانتباه والخوف من صرف الانتباه إلخ.... المحزن أن بؤس هؤلاء عادة ما يصل بهم إلى فعل قهري واحد هو تعمد نقض هذا الوضوء.... وعلى الموقع مقال خاص بهذا الشكل من أشكال وساوس الوضوء هو وسواس حفظ الوضوء.
5- وساوس وقهور التعمق في الوضوء
وتشمل الإسراف والتكرار كما تشمل فرط التركيز والتدقيق والتشكك في طهور ماء الوضوء فتجد مثلا من يسأل عن طهارة الماء المتساقط من المتوضئ نفسه على عضو تم غسله من قبل، وكأن الماء الطهور ينجس بسبب استخدامه في الوضوء! ... وهو بلا شك يتقاطع مع كل ما سبق من وساوس وقهور الوضوء.
الاستراتيجيات السلوكية المعرفية لعلاج وساوس وقهور الوضوء
ما أضعه هنا هو تجميعة من الاستراتيجيات السلوكية المعرفية العلاجية التي أستخدمها مع مرضى الوسواس القهري، وسواس الوضوء، معظمها تطبق على شكل واجبات بيتية -أو منزلية- بين الجلسات وبعضها لأحاديث نبوية شريفة ولروايات صحيحة ثابتة من الأثر، ومن المهم التنبيه إلى أن مثل هذا الاستراتيجيات لا يصح أن تطلب من مريض دون شرح فقهي تعليمي يبين عدم الخروج عن الإباحة -إلا إن وجب للعلاج- وبمقدار الرخصة أو الأحكام المخففة للموسوسين:
1- الوقوف أمام مصدر الماء الطهور للوضوء هو نية كاملة.... والنية ليست شرطا في كل المذاهب (أو عند الحنفية)، أي أن لك رخصة يحسن بل يجب أن تأخذ بها... وهي أن تتبع الحنفية هنا أيا كان مذهبك.
2- التسمية مرة واحدة ودون انتظار لأي تهيؤ لها عدا وقوف الجسد للصلاة ويحظر التباطؤ ويحذر التكرار والتسمية لا تجب إلا عند الحنابلة فاتبع في هذه مذهب غير ابن حنبل.
3- يغسل العضو مرة واحدة فقط على الأقل معظم فترة العلاج، مع عدم الالتفات إلى الشك أو إلى عدم الشعور بالغسل، وضرورة الاقتصاد في ماء الوضوء.... والقصد من هذا التخفيف الذي يلتزم بالفرض دون السنة المؤكدة هو زيادة التعرض للوسواس بدلا من محاولة اتقائه بالتكرار والإسراف.
4- عدم الالتفات إطلاقا لأي مشاعر في البطن أو الشرج أو الإحليل، ولا لكل ما يطرأ على البال ويخشى منه إفساد الوضوء..، مع تطبيق قاعدة حدوث الوسوسة في أي خطوة يعني أني فعلتها بنجاح فإذا حدثت وسوسة في نقطة سأنتقل للخطوة التالية.
5- "استعارة القطار" تستخدم هنا للتعامل مع كل ما يمكن أن يطرأ على الذهن أثناء الوضوء: أنت كالقطار السريع أحادي الوقوف لا يقف قبل انتهاء الخط ... وهي مشروحة في مقالنا عن الاستعارات والتشبيهات في العلاج المعرفي للوسواس.
6- ولتحفيز وتشجيع المريض على الاقتصاد في الماء تحكى أمثلة من حياة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام مثلا ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بكوز، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ برطلين من ماء، وكذلك ما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله: (من قلة فقه الرجل ولعه بالماء)، وفيم يتعلق بالغسل الأَخْبَارُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَمَيْمُونَةَ: أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَغْتَسِلْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجَنَابَةِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ.، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ) صحيح البخاري، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ )..رواه البخاري ومسلم.
7- من المفيد ذكر مفهوم الوضوء المكروه عند الحنفية كإعادة الوضوء قبل أداء صلاة بالوضوء الأول، أي أن الوضوء على الوضوء مكروه، وإن تبدل المجلس ما لم يؤد به صلاة أو نحوها، ويقابله الوضوء الممنوع عند المالكية وهو تجديد الوضوء قبل أن تقع به عبادة.... وكل ذلك يمكن اتخاذه سبيلا لإقناع الموسوس بأن لا يكرر الوضوء.
8- "مناظرة ومقارنة التيمم صفة بالوضوء والغسل" هذا غسل بالماء وذاك مسح بالتراب وشتان!، وكيف تكون النتيجة وهي التهيؤ والجاهزية للوقوف بين يدي الله عز وجل واحدة حال جواز التيمم بحيث يساوي التيمم غسلا ووضوءا كيف يكون ذلك إذا كانت أي من التفاصيل الصغيرة في الوضوء والغسل مهمة ؟ وكيف أنه تكفي في صفة الغسل أن يعمم الماء على الجسد كله وتكفي في ذلك غلبة الظن (80 حتى 99% وليس اليقين 100%) وكيف اختلفت المذاهب في وجوب الدلك، وكذلك في نية الوضوء وفي وجوب التتالي إلخ...
2- وائل أبو هندي، رفيف الصباغ، محمد شريف سالم ويوسف مسلم (2016): العلاج التكاملي للوسواس القهري، ج.2 البابُ السادس: مفاهيم ومعرفيات خاصة بأعراض الوسواس الدينية، سلسلة روافد 138 تصدر عن إدارة الثقافة الإسلامية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة الكويت