بين الحين والآخر يتم نشر معلومات صحية عن مختلف أنواع الطعام لا تحدث سوى الارتباك في القارئ. تصدر الموز قبل أسبوع مع انتشار خير كاذب مفاده أن موزة واحدة يومياً وقاية من فيروس كورونا.
الإرشادات الصحية هذه الأيام تركز على خفض استهلاك السكر والسعرات الحرارية. مقابل ذلك هناك نصيحة استعمال خمسة قطع من الفاكهة والخضراوات يوميا. تغيرت زراعة وإنتاج الفواكه والخضراوات في العالم بفضل تطور العلم واختفى مفهوم الفواكه والخضراوات الموسمية، حيث لا يصعب الحصول على أية فاكهة في جميع مواسم السنة. الموز هو أحد هذه الفواكه التي تعثر عليها طوال العام.
تشير الدراسات العلمية بأن محتوى السكر في الموز في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كان بمعدل ١٦ غم أو ما يعادل أربعة ملاعق من السكر. أما موزة اليوم (معدل ١٠٠ غرام) فهي تحتوي على خمسة ملاعق من السكر أي بزيادة ٢٥٪. النصيحة العامة هي أن الحد الأعلى لاستهلاك السكر اليومي للبالغين هو ٣٠ غرام و ٢٤ غرام للأطفال بين عمر ٧ -١٠ أعوام . على ضوء ذلك بأن استهلاك موزة صباحا ومساءً يتجاوز الحد الأعلى للاستهلاك اليومي الصحي للسكر.
يجب التركيز أولا على النصيحة الطبية العامة وهي أن ٣٠ غرام هو الحد الأعلى للسكر الذي تتم إضافته للطعام. هناك الكثير من الحبوب الذي يتم استهلاكها مع وجبة الإفطار التي تحتوى على سكر مضاف.
يحدث الكثير من الارتباك عند نشر وقراءة هذه الأخبار من قبل ناشر الخبر والقارئ على حد سواء. السكر الموجود في الفاكهة يختلف عن السكر الذي تضيفه إلى الطعام والشاي. نصف السعرات الحرارية من الموز مصدرها الفركتوز وغالبية هذا السكر يمر عبر المعدة والأمعاء دون امتصاصه. هذه القاعدة لا تشمل الموز فحسب وإنما جميع الفاكهة.
الذي يحدث أحياناً أن تتحول الفاكهة إلى عصير وهذه العملية تؤدي إلى تحطم الخلايا ويصبح السكر في الفاكهة سهل الامتصاص من المعدة والأمعاء. لذلك لا تتجنب الموز ولا تسرف فيه ولكن تجنب مختلف أنواع عصير الفواكه.
نظرة عامة على الموز
من طرائف الموز بأن اسمه اللاتيني مشتق من العربية وتعني الإصبع Banana. هناك أنواع عدة منه فترى القصير منه يأتي من جزر الهند الغربية والطويل من أمريكا اللاتينية. الموز مصدر قوي من مصادر الطاقة لكثرة السكر فيه ولذلك تكفيك موزة واحدة لتستعيد نشاطك وحيويتك وترى الكثير من محترفي الرياضة وخاصة التنس يستعملونه أثناء المباراة. بالإضافة إلى ذلك فهي غني بالمواد التالية:
١- البوتاسيوم
٢- الرايبوفلافين Riboflavin والذي هو أحد فيتامينات B وكان يعرف سابقاً بفيتامين G واليوم بفيتامين B2. تحصل عليه من عدة مصادر ويحتاجه الجسم لتفاعلات كيمائية عدة.
٣- النياسين Niacin والذي يعرف أحيانا بفيتامين B3 وهو أحد المواد الغذائية الضرورية للإنسان التي يقدر عددها بين 20 – 80 ويساعد على خفض تركيز الكوليسترول في الدم. هذه المادة مصدرها التريبتوفان الموجود في الموز ونقص هذا الفيتامين يعرف بالبلاغرة Pellagra وكان في غاية الانتشار في بدايات القرن العشرين
٤- هناك فيتامينات أخرى فيه مثل C ولكنها أقل من بقية الفواكه وخاصة الحمضية.
٥- ألياف.
الموز والبوتاسيوم
البوتاسيوم الموجود في الموز يساعد على تعديل توازن الصوديوم والبوتاسيوم في الدم وبالتالي قد يساعد على خفض ضغط الدم. هناك دراسات متعددة تشير إلى أن موزة واحدة يوميا تساعد على خفض عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم بنسبة 15% بسبب البوتاسيوم والألياف. ولكن يجب أيضاً يجب توخي الحذر من الإسراف في استهلاك الموز إذا كنت تستعمل العقاقير التي تؤدي إلى رفع تركيز البوتاسيوم في الدم.
الموز والحامض
يتميز الموز بأنه من أكثر الفواكه قلويةً وخاصة الناضج منها. إذا كنت تشكو من ارتفاع الحموضة في المعدة فعليك به في الليل وقبل ساعتين من النوم.
الموز والتريبتوفان Tryptophan
الموز هو أحد مصادر هذا الحامض الأميني الحيوي Essential Amino acid الذي يحتاجه الجسم ولكنه لا يقوى على صناعته. من هذه المادة يتم صنع الناقل الكيمائي العصبي المعروف السيروتنين Serotonin والجميع يعرف بأن علاج الاكتئاب يرتكز على دفع تركيز هذا الناقل الحيوي. نسبة التريبتوفان إلى البروتين في الموز عالية وهي 0.87 ورغم أن هذه النسبة هي أقل من بعض المواد الغذائية ولكن يمكن أن تحصل عليها من الموز مباشرة في حين أن بقية المواد الغذائية تفقد الكثير من هذا الحامض الأميني بسبب الطبخ والخزن. يتواجد هذا الحامض الأميني في الشكولاتة أيضا ولكن إضافة مواد أخرى للشكولاتة وخاصة الحليب يدفع بقيمتها الغذائية إلى الأسفل. لا يزال التريبتوفان يستعمل أحيانا كأقراص لعلاج الاكتئاب وخاصة كعقار إضافي للعقاقير المضادة للاكتئاب.
الموز والبيكتين Pectin
البكتين هو من الألياف القابلة للذوبان في الماء ويوجد في عدة فواكه وخضروات ويستعمل تجاريا لعمل الجيلي Jelly والمربى Jam. هذه المادة التي توجد في الموز تتميز بلزوجتها وترتبط بالصفراء المصنوعة في الكبد الغنية بالكوليسترول التي تصل الأمعاء. عن طريق ذلك يتخلص الجسم من الفائض من هذه المادة. الألياف والبكتين يفسر نصيحة الكثير لاستعمال الموز في الإمساك Constipation. لكن الموز غير الناضج والأخضر تماما قد يكون سبباً للإمساك أحيانا لصعوبة هضمه. من جراء ذلك يتم استعمال الموز الأخضر لعلاج الإسهال في بعض الدول النامية الفقيرة. هناك من الناس قد لا يجد الموز مفيدا للإمساك وربما بسبب فعالية جهازهم الهضمي والنصيحة لهم بأن لا يتجاوز عدد الموز 2 أسبوعياً.
هل كثرة استهلاك الموز خطيرة؟
كانت هناك إشاعات مصدرها إعلاميون لا علاقة لهم بالصحة تقول بأن أكل أكثر من 6 موزات يوميا قد تقتلك. انتشرت هذه الإشاعة من خلال كوميدي خلال مقابلة إذاعية وانتشرت وبائيا. فسر هذا المدعي بأن الموز يحتوي على الكثير من البوتاسيوم الذي قد يؤدي إلى سكتة قلبية. لكن الحقيقة هي أن الجسم يحتاج إلى 3500 مغم من البوتاسيوم يوميا والموزة الواحدة التي وزنها 126 غم تحتوي على 450 مغم من البوتاسيوم يوميا. لكي تصل إلى درجة تسمم من البوتاسيوم بسبب الموز عمليا بعد الهضم والإفراز فيجب أن تأكل 400 موزة يومياً.
كم موزة يوميا؟
١- إن كنت تعاني من السكر فعليك الحذر وإن كنت تحبه فنصف واحدة. يمكن استعماله للتخلص من انخفاض تركيز السكر.
٢- الأفضل هو الأخضر - الأصفر قبل أن يظهر السواد على القشرة.
٣- لا تستعمله في سلطة فواكه فسرعان ما يتغير لونه ويفقد قيمته الغذائية.
٤- استعماله في المعجنات لذيذ ولكن يفقد قيمته الصحية.
٥- واحدة إلى ٣ يوميا هو ما تحتاجه إن كنت لا تعاني من السكر.
** نقلا عن موقع التميمي للصحة العقلية
واقرأ أيضاً:
الوباء وتاريخ البشرية الطاعون والدولة الأموية / الاكتئاب ورمضان الصيام والاكتئاب