الهذيان هو تغير حاد ومتقلب في الحالة العقلية يتميز بعدم الانتباه والتفكير غير المنظم وتغير مستويات الوعي. تغير مستويات الوعي يثير انتباه من يشرف على رعاية المريض بصورة ملحوظة في الغالبية. الهذيان بحد ذاته اضطراب يهدد حياة المريض ويتميز بارتفاع معدلات الاعتلال والوفيات ولابد من الانتباه إليه وعلاجه كحالة طارئة.
يتم تقسيم الهذيان أحياناً في الممارسة السريرية إلى ما يلي:
1- مفرط النشاط Hyperactive
2- قاصر النشاط Hypoactive
3- مختلط Mixed
4- دون المتلازمة Sub-Syndromal
الهذيان المفرط النشاط هو الذي يتطلب استشارة الطبيب النفساني في غالبية الحالات ويتميز بانخفاض عتبة الإثارة وسرعة هيجان المريض والهلوسة والسلوك غير الطبيعي وغير اللائق. أما الهذيان القاصر النشاط فهو أحيانا يتاخر تشخيصه حيث يميل المريض إلى الخمول والكلام غير المترابط.
هناك أيضاً الخليط من الأعراض ويتقلب المريض بين فرط النشاط وانعدامه. أما الهذيان دون المتلازمة فهو مصطلح يتم استعماله أحيانا لتعريف حالة هذيان تم التعافي منها جزئياً أو غير واضحة.
الفسيولوجيا المرضية للهذيان
يكثر التركيز على دور الكولين ونقصه في حدوث الهذيان بسبب علاقة العقاقير المضادة للكولين Anticholinergic Drugs وارتفاع احتمال الإصابة. تشير الدراسات بأن هناك اختلال في تفاعل الجهاز الكوليني وجهاز المناعة في المرضى الذين يعانون من الهذيان بعد الجراحة. من جهة أخرى هناك زيادة الدوبامين التي قد تلعب دورها في الهذيان واستعمال مضادات الذهان يعزز هذه النظرية. ليس من غير المعروف هو وصول حالة هذيان شديدة بعد استعمال عقاقير محظورة ترفع من تركيز الدوبامين وتحتاج إلى علاج في العناية المركزة.
هناك العديد من الفرضيات حول دور ناقلات عصبية كيمائية أخرى مثل نورأدرينالين، السيروتونين، كلوتميت، ميلاتونين٬ وحمض الغاما أمينوبوتيريك GABA. هناك دليل على وجود دور السيتوكينات cytokines مثل إنترلوكين interleukins 1& 2، TNF-alpha، وإنترفيرون.
فرط الكورتيزول hypercortisolism بسبب الضغوط المزمنة والصدمات والاعتلال النفساني أو الجسدي قد يلعب دوره في وصول الإنسان إلى حالة هذيان مع اعتلال صحي طفيف أحياناً.
الهذيان حالة كثيرة الملاحظة في الممارسة الطبية ومعدل انتشارها هو ما بين ١٥-١٨٪ في المرضى الراقدين في المستشفيات. يرتفع انتشار الهذيان إلى ٣٠٪ بعد جراحة مجازة تاجية (Coronary Artery Bypass (CAB في القلب، وإلى أكثر من ذلك (٥٠٪) بعد جراحة الورك hip surgery ووجود الهذيان ينذر بخطورة حالة المريض ووجود المضاعفات الجراحية.
عوامل خطر الإصابة
تكثر ملاحظة الهذيان في كبار السن والمصابين بضعف البصر والسمع الذي يلعب دوره في ضعف الإدراك الحسي للبيئة التي يرقد فيها المريض. يرتفع خطر الإصابة مع وجود الخرف، عجز الحركة، العجز الوظيفي، تاريخ سابق للهذيان، تجفاف Dehydration، كثرة العقاقير، الوهن الجسدي، والجراحة عموماً.
الأسباب المؤرثة Precipitating Factors
١- العقاقير وفي مقدمتها أنواع المهدئات، الكحول، وجرع عالية من مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقة. هناك مسكنات الألم، والعقاقير المستعملة في علاج أمراض القلب ومرض باركنسون.
٢- أمراض عصبية: نزف قحفي داخلي، جلطة دماغية، والتهاب السحايا.
٣- أمراض حادة: حمى، التهابات المجاري البولية، التهاب الرئة، أمراض القلب، التجفاف، الإمساك.
٤- الجراحة.
٥- عوامل بيئية: مثل استخدام التقييد الجسدي physical restraint، القسطرة، البقاء في وحدة العناية المركزة.
٦- الألم.
٧- الحرمان من النوم لفترة طويلة.
٨- أعراض انسحاب عقاقير بنزودايازبين والكحول.
المظاهر السريرية
يمكن تقسيم المظاهر السريرية للهذيان إلى:
أولاً بادرة الهذيان وتتميز بوجود درجة من التهيج، الأرق، والقلق.
ثانياً البداية الحادة، وتتميز بتقلب درجة الوعي.
ثالثاً الاختلال الإدراكي المعرفي حيث هناك عجز في الانتباه والتركيز، اختلال الذاكرة، توهان وعدم تمييز المكان والزمان، واضطراب نفسي حركي من فرط النشاط أو قصوره.
رابعا اضطراب دورة الصحو والنوم.
خامسا وهام زوراني وكثيراً ما يؤدي الى سلوك عدواني.
سادسا اضطراب وجداني: خوف، بكاء، قلق، هلع، تهيج، اكتئاب، عدم اكتراث.
الهذيان يتطلب تدخلا طارئا جداً لعلاج السبب في الحالات التالية:
١- مرض الجهاز العصبي الحاد.
٢- جلطة قلبية.
٣- عدوى حادة.
٤- إنتان Sepsis.
٥- كسر الورك.
٦- مرض أيضي.
٧- ارتفاع أو انخفاض تركيز الجلوكوز في الدم.
٨- سحب المخدرات.
٩- التسمم بالمخدرات.
١٠- ذهان حاد.
١١- نقص الأكسجة.
١٢- انسداد المسالك البولية.
١٣- مرض خبيث
يتم استعمال هذه الأحرف أحيانا باللغة الإنكليزية لتذكر الأسباب كما هو موضح في الشريحة أدناه.
العلاج
يتم علاج الهذيان في العناية المركزة وقد يتطلب أحيانا تخدير المريض وتهويته اصطناعيا وبالطبع علاج السبب في نفس الوقت. يتم التركيز على مراقبة:
التنفس والأكسجة
تخثر الدم
وظائف الكبد
وظائف الكلية
وظائف الدماغ
وظائف الدورة الدموية
علاج الهذيان هو علاج السبب ولكن السيطرة على المريض تحتاج أحيانا استعمال عقاقير مضادة للذهان، وذلك بدوره يعتمد على حالة المريض، عقار هالوبيردول haloperidol بجرعة ٥ مغم عن طريق الفم أو حقنة في العضلة على أن لا تتجاوز الجرعة اليومية ٢٠ مغم. في كبار السن يتم استعمال جرعة أقل مثل ١.٥ مغم عند الحاجة. هناك من يستعمل عقار كوتايبين Quetiapine ولكن مشكلته تكمن في عدم وجود الحقن والحاجة إلى رفع الجرعة تدريجياً وربما هو أقل فعالية بكثير من العقار الأول.
استعمال عقار لورازيبام lorazepam ضرورة في بعض المرضى ولكن يجب توخي الحذر من تأثيره على التنفس ومن الأفضل استعماله في المريض الذي يصعب السيطرة عليه في العناية المركزة. رغم أن الجرعة التي يتم استعمالها لا تتجاوز ٤ مغم يومياً ولكن هناك من هو بحاجة إلى جرعة أعلى بكثير.
يتم استعمال جرعة عالية من فيتامين B1 في جميع المرضى خشية إصابتهم بداء فيرنيكة Wernicke’ s Encephalopathy بسبب الإدمان على الكحول أو سوء التغذية.
واقرأ أيضاً:
هستيريا Hysteria / التفارق عن الواقع Dissociation from Reality