دَلَس الشيء: زيّفه، غشّه، زوّره.
تقديس: تطهير، مباركة، تنزيه.
التقديس ظاهرة سلوكية شائعة في المجتمعات المغلوبة على أمرها، وهي أشبه بالوثنية الشخصية التي بموجبها يتعبّد الناس في محراب شخص أضفوا عليه القدسية وصار مُنزّهاً من الأخطاء والعيوب وكأنه ليس ببشر.
وهناك ما يُسمى بهالة القدسية التي تمنع الناس من رؤية الشخص المقدس كما هو بل كما يتخيلونه، ولا يُعرف لماذا يميل الناس في هذه المجتمعات إلى تقديس الأشخاص أياً كان نوعهم، بشرط امتلاكهم للقوة ولديهم أتباع ومريدين وعندهم المال والجاه والسلطة.
فالسلطة مقدّسة، والكراسي والعمامة وكذلك اللحية وغيرها من العلامات التي ترمز لحالة ما، وهي أشبه بالوثنية التي لا تزال تعصف في أرجاء البشرية، فميل البشر لتقديس الأوثان حالة معروفة منذ الأزل، ويتحول الوثن بموجبها إلى شخص لديه صفة دينية أو سلطوية.
فلكي تعبد وثنًا وتؤمن به عليك أن تقدّسه وتمنحه قدرات غيبية وطاقات كونية تجعلك تتبرك به وتتوسل إليه أن يعينك على ما تريد.
وفي بعض المجتمعات انتشرت ظاهرة البشر المقدس حتى صار عبارة عن بضعة مقدسين يتبعهم قطيع من البشر الفاقد لخياراته والمغيِّب لعقله والمتنازل عن مصيره واستلطافه حياة القطيع. وهؤلاء المقدسون يستثمرون غفلة الناس ويجتهدون بتضليلهم وخداعهم للحصول على أقصى ما يريدونه منهم، فهم يمتصونهم إلى حد نخاع عظامهم، وهم يمضون إليهم منومين كالسكارى بالبهتان المبين.
ويمكن قياس مدى ضعف المجتمعات واضطرابها بمدى تقديسها للأشخاص وتبعيتها لهم، فكلما زاد عدد الأشخاص المقدسين زاد واقع المجتمع المزري المهين وعمّ فيه الفساد والجور والفقر والحرمان.
والشخص المقدس في حقيقته مُدلّس لأنه ارتضى أن تُخلع عليه هذه الصفة وهو يعرف بأنه بشر كغيره من البشر، ولو كان فعلاً يعبّر عن دين لأبى أن يكون كذلك، ويردع الناس الذين يأخذون به إلى هذا المقام، ويشتد عليهم ويعلمهم مبادئ الدين القويم.
وتبقى النفس الأمارة بالسوء ذات طغيان مكين، ولو قال مَن قال بدين!!
واقرأ أيضاً:
الدول المتقدمة والموت!! / الحجاج وما أهاج!! / عالم بلا قيود!!