متلازمة القولون المتهيج Irritable Bowel Syndrome واختصارا IBS أو القولون العصبي أو المتهيج هو اضطرب الأمعاء الوظيفي الذي يتميز بألم بطني قد يصاحبه انتفاخ بطني، مع تغيير في تكرار البراز وطبيعته، وغالباً ما تتحسن الأعراض مع التغوط.
الاضطراب لا يظهر بعد عمر 50 عاماً وقد يعاني منه ما لا يقل عن ١٥٪ من السكان. الاضطراب أكثر شيوعًا في الإناث مقارنة بالذكور بنسب ٢ إلى واحد. هناك تاريخ عائلي للاضطراب، وليس من النادر ظهور المرض بعد عدوى الأمعاء. هناك تاريخ سابق للتحرش الجنسي أو القسوة الجسدية فيما لا يقل عن الثلث من الحالات.
الاضطراب في طبيعته هو اختلال وظيفي في حركة الأمعاء ولا توجد أي تغييرات نسيجية، كيمائية، أو تشريحية تستحق الذكر. هناك نظريات متعددة حول آلية الاختلال الوظيفي وعلاقته بحركة الأمعاء، مستعمرات البكتريا في الأمعاء، الجهاز المناعي، ولكن هناك إجماعا في الدراسات بأن الضغوط البيئية والإجهاد يلعب دوره في حدوث نوبات من القولون المتهيج. هناك مجموعة صغيرة من المرضى الذين يعانون من القولون المتهيج مع عسر امتصاص حمض الصفراء رغم عدم وجود تاريخ سابق لجراحة استئصال الصفراء.
يمكن تفسير آلية المرض كالآتي:
١- تغير تفاعل الأمعاء الحركي والإفراز بسبب محفزات مختلفة وهي الضغوط البيئية، الإجهاد، والأطعمة.
٢- ارتفاع حساسية الأمعاء مع إدراك مفرط للألم الحشوي Visceral Pain.
يتم تقسيم مجموعات المرضى إلى ما يلي:
١- مجموعة الإمساك: براز صلب أو متكتل أكثر من ٢٥٪ وإسهال أو براز طري في أقل من ٢٥٪.
٢- مجموعة الإسهال: براز طري في أكثر من ٢٥٪ وصلب متكتل في أقل من ٢٥٪.
٣- مجموعة مختلطة: براز متكتل في أكثر من ٢٥٪ وبراز طري في أكثر من ٢٥٪.
٤- غير محدد.
تشخيص القولون المتهيج
هناك أولاً عوامل قوية معروفة بارتباطها بالقولون المتهيج وهي:
١- الإناث
٢- العمر دون الخمسين عاماً
٣- تاريخ سابق لعدوى الأمعاء
٤- تعرض لقسوة جسدية
٥- تعرض لتحرش جنسي
٦- تاريخ عائلي للقولون المتهيج
يشكو المراجع من تقلصات عامة في البطن تتفاوت في شدتها من مريض إلى آخر. هناك تغيرات في عادات الأمعاء وقد يكون هناك براز ناعم أكثر تواتراً أو إمساك أو كليهما. التغوط يؤدي إلى تخفيف الألم أو الانزعاج البطني، والبعض يشكو من انتفاخ البطن الذي يزداد أثناء النهار لا يرتبط بغثيان أو تقيؤ، ويتحسن مع التغوط أو مرور الريح. الفحص السريري طبيعي في غالبية الحالات باستثناء إيلام Tenderness طفيف في الربع السفلي الأيمن أو الأيسر من البطن.
يتم التشخيص استناداً إلى المعايير التالية:
ألم بطني متكرر بمعدل يوم واحد في الأسبوع على الأقل لمدة ثلاثة أشهر مع اثنين من الأعراض التالية Rome Criteria:
الألم مرتبط بالضغوط البيئية
تغير تواتر البراز
تغير مظهر البراز
أو ألم بطني متكرر مع اثنين من المعايير التالية Manning Criteria:
تخفيف الألم مع التغوط
كثرة الإبراز مع بداية الألم
براز أكثر مرونة مع بداية الألم
ملاحظة انتفاخ بطني
مرور المخاط في المستقيم
إحساس بإخلاء غير كامل مع التغوط.
الاختبارات الطبية
لا توجد اختبارات تشخص القولون المتهيج، وإنما يتم عمل الاختبارات استناداً إلى التشخيص الفارقي كالآتي:
١- مرض كرون Crohn’s Disease: قد تظهر العلامات في الأطفال والأحداث والبالغين. هناك ألم وانخفاض الوزن مع حمى ونزيف في المستقيم. هناك تقرحات في الفم وعلامات جلدية حول الشرج. هناك دم خفي في فحص البراز، ويتم تشخيص المرض مع عمل ناظور القولون وفحص عينة نسيجية.
٢- التهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis: يتميز بإسهال دموي وآلام بطنية. يتم تمييزه عن مرض كرون بفحص الناظور للقولون.
٣- التهاب القولون المجهري: ويسمى أحياناً بالتهاب القولون الليمفاوي أو الكولاجين. يتميز بإسهال مائي وغالباً لا يوجد ألم. يتم تشخيصه بفحص عينة نسيجية من القولون.
٤- الداء البطني Coeliac Disease: يتميز بفقدان الوزن وأحياناً هشاشة عظام مبكرة. رغم أن الفحوصات الطبية في الكثير منهم طبيعية، ولكن هناك من يعاني من فقر الدم ونقص كالسيوم. أحياناً يتم التشخيص بوجود أجسام مضادة Anti-tissue transglutaminase أو عمل فحص نسيجي للأمعاء الدقيقة.
٥- أاورام القولون: تتميز بتغير عادات الأمعاء. تظهر بعد عمر ٥٠ عاماً ويتم التشخيص عن طريق فحص نسيجي لعينة من الورم من خلال فحص ناظور القولون.
٦- التهابات الأمعاء البكتيرية والفيروسية تكون حادة. في العالم الشرقي هناك طفيليات Giardiasis التي قد تسبب الإسهال والانتفاخ البطني. يتم التشخيص بالكشف عن الجرثومة في البراز.
٧- عدم تحمل غلوتين الغير بطني Non Coeliac Gluten Intolerance: تكثر ملاحظة الانتفاخ البطني مع الإسهال. جميع الفحوصات الطبية طبيعية.
٨- سوء امتصاص حمض المرارة ويتميز بإسهال مستمر ويصعب تمييزه من القولون المتهيج. يتم تشخيصه بفحص جمع براز لمدة ٤٨ ساعة الذي يتميز بارتفاع الأحماض الصفراوية وانخفاض عامل نمو الخلايا الليفية في الدم. يتم أحيانا علاج القولون المتهيج تجريبياً باستعمال غلاف الحمض الصفراوي Bile Acid Binder.
٩- النمو المتطرف للمستعمرات البكتيرية في الأمعاء: يتميز بانتفاخ بطني مع إسهال وتقلصات، ويتم الشك فيه عن وجود تاريخ طبي يشير إلى ذلك مثل استخدام مثبطات مضخة البروتون ، وجراحة الأمعاء.
العلاج
علاج القولون المتهيج يعتمد على وجود: الألم مع الإمساك أو الإسهال
مجموعة الإمساك بدون ألم
في جميع الحالات خط العلاج الأول يشمل تثقيف المريض وزرع الطمأنينة فيه حول طبيعة المرض وآليته. الكثير منهم يشك بوجود مرض خبيث لم ينجح الطبيب في تشخيصه ويتوجه من طبيب إلى آخر. يجب التركيز على تغيير نمط الحياة من أجل التخلص من التوتر قدر الإمكان. يجب مناقشة المواد الغذئية التي ترتبط بالأعراض في كل مريض مثل:
الكافيين
لاكتوز
فركتوز
وضرورة التخلص منها في المواد الغذائية.
النصيحة التي يقدمها معظم الأطباء هي زيادة كمية الألياف في الطعام، ولكن بعض المرضى يشكو من الانتفاخ البطني بسبب ذلك.
يتم إضافة بروبيوتيك في بعض المرضى، وهناك سلالات متعددة منها تؤثر على الأداء الوظيفي للأمعاء، واستجابة مريض لسلالة ما تختلف عن غيره. السلالة المفضلة في بروبوتيك هي Bifidobacterium infantis استناداً إلى الدراسات الإحصائية المختلفة.
ينصح البعض باستعمال نظام غذائي منخفض السكريات القليلة التخمير، سكريات ثنائية، سكريات أحادية، بويلالات Fodmaps. ليس من السهولة الالتزام بهذا النظام الغذائي وفعاليته قد لا تكون أعلى من اتباع نصائح غذائية صحية عامة.
استعمال المسهلات مع الإمساك وهي:
1- إسباغيولا Ispaghula مستحضر ليفي قابل للذوبان في الماء مرة واحدة ليلاً.
2- Lactulose ١٠ – ٤٠ غم (٦٠ ملي لتر) يومياً.
3- Polyethylene glycol/electrolytes ١٧ غم/٢٢٥ ملي لتر يوميا.
عدم الاستجابة للنظام العلاجي أعلاه قد يتطلب إضافة واحد من العقاقير أدناه:
Lubiprostone لوبيريستون | 8 micro grams BD |
ليناكلوتيد Linaclotide | 290 micro gram OD |
بليكاناتايد Plecanatide | 50 mg OD |
تينابانور Tenapanor | 50 mg BD |
مجموعة الإمساك مع الألم
يتم اتباع جميع الخطوات أعلاه بالإضافة إلى استعمال مضادات التشنج للسيطرة على الألم. من هذه العقاقير:
١- Mebeverine
٢- Alverine
٣- Dicycloverine
٤- Hyoscyamine
٥- Peppermint oil
فعالية الأخير وهو زيت النعناع لم يتم إثباتها بصورة قطعية وهو متوفر على شكل قطرات أو كبسولات بطيئة الإطلاق. العقار الأول والثاني مرخص بها في أوروبا وليس في أمريكا الشمالية.
مضادات الاكتئاب من صنف مثبطات استرداد سيروتونين الانتقائية م.ا.س.ا SSRI تساعد البعض وخاصة مع وجود أعراض وعلامات اكتئاب ولكن فعاليتها في علاج القولون المتهيج بحد ذاته لا يصل إلى عتبة التوصية باستعمالها في جميع المرضى.
العلاج النفسي يساعد بعض المرضى للتكيف مع ظروفهم البيئية ولكنه ليس علاجا بحد ذاته للقولون المتهيج.
مجموعة الإسهال
يتم اتباع الخطوة الأولى أعلاه بالإضافة إلى مضادات الإسهال وهي:
١- لوبيراميد Loperamide
٢- كوليسترامين Cholestyramine
٣- ألوستيرون Alosteron
٤- إليكوسادون Eluxadone
لا يجوز استعمال العقار الأخير الذي يثبط مستقبلات أفيونية في الذين يعانون من أمراض المرارة.
العقاقير المضادة للاكتئاب الثلاثية الحلقة تساعد بعض أفراد هذه المجموعة وبالذات الذين يعانون من اضطراب الاكتئاب.
عقاقير جديدة
1- تيجاسيرود Tegaserod الذي يحفز مستقبلات 5HT-4. نزل العقار سابقاً وتم سحبه عام ٢٠٠٧ ثم تمت الموافقة عليه ثانية في عام ٢٠١٩.
2- زراعة الميكروبات البرازية Faecal Microbiota Transplantation. تختلف مستعمرات البكتريا في المرضى المصابين بالقولون المتهيج عن غيرهم ولكن من الصعب القول ما إن كان ذلك سبباً أو نتيجة المرض.
3- راموستيرون Ramosetron وهو مضاد لمستقبلات 5HT-3 ويساعد فقط في الذين يعانون من الإسهال.
4- أوندانيستيرون Ondansetron وهو عقار كثير الاستعمال للسيطرة على التقيؤ ويساعد بعض المرضى الذين يعانون من الإسهال وهو الآخر مضاد لـ 5HT-3.
واقرأ أيضاً:
اضطرابات الشخصية / سيرترالين Sertraline / الفصام (شيزوفرنيا) (3-3)