تتميز هناك مدخل وحيد لاستيعاب الفصام وأسبابه وهو من خلال دراسة الجهاز العصبي المركزي ومعالجته للمعلومات التي يستقبلها من خلال مستقبلات عصبية في مختلف أنحاء الجسم. يتم إرسال هذه المعلومات إلى منطقة القشرة المخية ومنطقة تحت القشرة المخية. يتم معالجة هذه المعلومات في دوائر عصبية وبعدها يستجيب الجهاز العصبي لغوياً ووجدانياً وحركياً.
المنطقة الأولى التي يتم استقبال الأحساسيس فيها هي المهاد. يتم إرسال الإشارات اللازمة إلى القشرة المخية حيث يتواجد تمثيل جميع الأحاسيس المختلفة. يتم جمع المعلومات وتنسيقها في مختلف أنحاء الدماغ عن طريق منطقتين في القشرة المخية تدعى "مناطق الترابط" Association Areas. منطقة الترابط الأولى هي في خلف الدماغ وتدعى "الفصيص الجداري الأسفل" Inferior Parietal Lobule وبعد ذلك يتم إرسال المعلومات إلى منطقة الترابط التي تصدر الاستجابة النهائية وهي "القشرة الأمامية الجبهية" Prefrontal Cortex.
يتم خزن المعلومات والتجارب في "الفص الصدغي الأوسط" Medial Temporal Lobe وتناسق الاستجابة الحركية يتم بالتناسق مع النوى القاعدية Basal Nuclei تحت القشرة المخية. المخطط أدناه يوضح المفهوم أعلاه.
هذه الاتصالات والتنسيق بين مختلف المناطق يتم عن طريق ناقلات عصبية كيمائية متعددة أهمها من جانب استيعاب النموذج العلاجي للاضطرابات الذهانية هي:
١_ الدوبامين DA) Dopamine).
٢_ النورأدرينالين NA) Noradrenaline).
٣_ سيروتونين i5-HT) Five Hydroxy-tryptamine)
٤_ أستيل كولين Ach) Acetyl Choline).
رغم أن نظرية الفصام تشير إلى الإسراف في إفراز الدوبامين واستهداف هذا الناقل الكيمائي، ولكن هناك تحديات عدة لهذه النظرية هذه الأيام.
دراسة العوامل التي تسبب الفصام لا تختلف عن دراسة جميع الاضطرابات العصبية كالآتي:
١_ دراسة مختلف الظروف البيئية والاجتماعية والنفسية والتاريخ العائلي.
٢_ دراسة تمثيل الأعراض في الجهاز العصبي.
٣_ دراسة تركيب مناطق تمثيل الأعراض.
٤_ دراسة الدوائر العصبية.
٥_ دراسة الناقلات العصبية في الدوائر العصبية.
٦_ البحث عن الجينات.
نقص حجم القشرة المخية مع عدم فقدان الخلايا كثير الملاحظة مع الفصام المزمن، ويصاحب ذلك اختلال وظيفي. هناك من المصابين بالمرض من تلاحظ فيه نقص حجم القشرة المخية في المراحل الأولى للمرض. رغم ذلك فإن الفحوص الإشعاعية المختلفة لا دور لها في المعالجة السريرية للفصام.
من جانب آخر نرى أن فعالية الفص الجبهي تميل إلى الضعف مقارنة بزيادة فعالية الفص الصدغي. أما منطقة المهاد فهي الأخرى بدورها تميل إلى نقص الحجم مع فقدان خلايا عصبونية. هذه الملاحظة توضح الارتباك الوظيفي في دائرة معالجة المعلومات أعلاه.
|
|
أما التصوير الإشعاعي الوظيفي للدماغ فهو عموماً يكشف زيادة فعالية الفص الصدغي وضعف الأداء الوظيفي في المنطقة الأمامية للمخ. العامل الأخير بدوره يتناسب طردياً مع شدة الأعراض السالبة للفصام.
احتمال إصابة الدماغ أثناء الحمل لأسباب متعددة قد يلعب دوره في حدوث عطل في الدوائر الدماغية كما هو موضحٌ في المخطط أدناه. من جراء ذلك هناك علاقة إحصائية بين الأداء الوظيفي للأطفال في عمر مبكر (٣ – ٦ أعوام) واحتمال إصابتهم بالفصام مع بداية البلوغ.
الظروف البيئية المختلفة قد تلعب دورها في تعجيل ظهور الفصام مع وراثة جينات معينة للمرض. العيش في وسط المدينة يرفع من احتمال الإصابة بالفصام بسبب الضغوط البيئية، ولكن الأشد من ذلك هو الهجرة إلى بلد آخر.
لا توجد علاقة بين عمر الأم واحتمال إصابة الطفل بالفصام عكس عمر الأب. يرتفع احتمال الإصابة تدريجياً بعد عمر ٤٠ عاماً وبصورة حادة بعد عمر خمسين عاماً. يتم تفسير ذلك بأن عدد البيض الذي تنتجه المرأة طوال عمرها ثابت عكس الذكر. تنخفض جودة الحيوانات المنوية مع تقدم العمر، وهذا يفسر زيادة نسبة الفصام (والتوحد أيضاً) في الأطفال لأب عمره تجاوز ٤٠ عاماً.
أما تطور الطفل في الأعوام الستة الأولى فله علاقة بالفصام كما هو موضح في المخطط أدناه. ضعف التطور الحركي والذكاء يتناسب طردياً مع احتمال إصابة الطفل بالفصام مستقبلاً. أما العوامل الاجتماعية السلبية المتمثلة بالعزلة الاجتماعية فله علاقة قوية باحتمال الإصابة باضطرابات وجدانية في المستقبل.
هناك عامل وراِثي مركب يشمل جينات متعددة في الفصام. هذه الجينات تتفاعل مع عوامل بيئية تم التطرق إليها أعلاه في تفسير إصابة المريض بالفصام. عامل الجينات لا يقل عن ٦٠ ٪.
صلة القربى | الخطورة النسبية للأقرباء |
لا يوجد/عامة الناس | 0.86 |
توأم مطابق | 57.7 |
الوالدان | 4.4 |
أشقاء | 8.5 |
أطفال | 8.2 |
العم والخال | 2.0 |
أبناء الأخ أو الأخت | 2.2 |
أحفاد | 2.8 |
أشقاء من والد واحد | 3.2 |
ابن العم أو الخال | 2.9 |
كلا الوالدين مصاب بالفصام | 36.6 |
أحد الوالدين مصاب بالفصام | 13.8 |
يُعتقد الآن بأن الموقع الجيني للفصام هو في منطقة تسمى C4 مهمتها إنتاج مادة كيمائية تسمى "المتممة أو المكمل" Complement مهمتها في الجسم لصقها على الجراثيم لكي يتعرف عليها جهاز المناعة. أما في الدماغ فمهمتها تقليم تفرعات الأعصاب كما نقلم شجرة البرتقال لكي يكون إنتاجها أفضل منذ ولادة الطفل إلى وصوله مرحلة البلوغ. في الفصام تقل هذه المادة بسبب عطل هذه الجينات، ولهذا السبب نبدأ بملاحظة الفصام القاسي في منتصف عمر المراهقة. في التوحد يحدث عكس ذلك وتزاد الفعالية ويحصل الارتباك. هذا هو الباب للقضاء على أشد الأمراض النفسية قسوة.
مصير المريض
الفصام يتحسن بعد النوبة الأولى مع العلاج. ينتكس ثانيةً ما لا يقل عن ٤٠٪ من المرضى خلال عامين و٧٥ ٪ خلال خمسة أعوام. لا يحدث تحسن ملحوظ فيما يقارب الثلث مع العلاج ويتم استعمال مصطلح "فصام مقاوم للعلاج" لوصف الحالة.
اضطرابات ذهانية أخرى
مصطلح الذهان بحد ذاته يشير إلى وهامات (ضلالات) وهلاوس مع انعدام البصيرة. يمكن استيعاب العملية الذهانية على بعد مستمر من فصام إلى اضطراب وجداني.
هناك العديد من الحالات التي يصعب تمييز الفصام من الاكتئاب والهوس ويتم استعمال مصطلح "الاضطراب الفصامي الوجداني". هناك ما يصعب تعريفه، وهناك نوبات حادة عابرة وقصيرة. يمكن استيعاب الذهان أحياناً من خلال اضطرابات الشخصية المختلفة أدناه، وليس من غير المعروف إصابة المريض بكلا الاضطرابين.
المسار الطولاني للاضطراب هو الذي يكشف عن طبيعة الاضطراب. العملية الفصامية تتميز بتدهور الأداء الوظيفي على المدى البعيد ونوبات هدأة وانتكاسة. الأداء الوظيفي للاضطراب الوجداني ما بين النوبات أفضل من الفصام.
المخطط أعلاه يوضح مختلف الاضطرابات الذهانية الأخرى المشابهة للفصام.
واقرأ أيضاً:
سيرترالين Sertraline / الفصام (شيزوفرنيا) (3-3)