الموت رفيق الحياة، فما أن نولد حتى يولد الموت معنا، فما فينا عبارة عن عمليات موت محتدمة، فبَدَنُنا البيولوجي يمارس الموت والحياة معاً لكي يبقى لحينٍ، لأن الموت في نهاية المطاف سينتصر.
ذلك أن الهدم والبناء البدني متواصل منذ البدء، ويتفوق الهدم على البناء بتقدم العمر حتى يتهدم البدن ويتحقق الموت الحتمي.
ومعضلة السلوك البشري تكمن في النكران والهرب من مواجهة الحقيقة ووعيها، فلا يمكن لمخلوق أن يتفاعل مع الحياة بقوة واندفاع إذا استحضر الموت في وعيه، بل لا بد له أن يُمعِن بالتواصل المطلق مع الحياة، ويلغي وعي الموت وحضوره في دنياه.
وتلك إرادة الحياة الصعبة القاضية بالبقاء والانتصار على آفة الموت بالنكران، فلو تخيل الواحد منا حضور الموت عنده كلّ يوم فماذا سيفعل؟ وكيف سيكون موقفه من الحياة بما فيها وعليها؟
إنه في أحسن الأحوال سيتفاعل معها وكأنه ليس فيها أو منها، وسيذهب إلى حالة أخرى هي أن الدنيا فانية ووجوده فيها مؤقت ولن يدوم إلا بيولوجياً وحسب!!
وقد اجتهدت الأديان والرسالات السماوية بالتذكير بسلطان الموت، وبأن البشر يتدحرج على سفوح الفانية، وأن يوم ذوبانه بالتراب يقترب منه مع اختلاف الليل والنهار، والبعض ينقطع ويتعبّد في محراب قنوطه، والبعض الآخر يتخذ سبيل الهجوم سلوكاً يُشعِرُه بوجوده.
والواقع الدنيوي يشير إلى أن الخلق قد اتخذ وسائل المواجهة والقتال الشرس للتعبير عن نكران الموت والتواصل مع الحياة، وأكثرهم قد استوعب رسالة "جلجامش" إلا أحفاده!.
فهل لنا القدرة على أن نوازن ما بين كفتي الموت والحياة؟!!
واقرأ أيضاً:
المشاكل تفاعل مفردات / المشاكل والنزاعات / الصعاليك