السهل: اليسير.
لا يُعرَف كيف تمَّ غرس مفهوم السهولة في وعي الأجيال، وإيهامهم بأن الحياة سهلة وما نناله فيها يأتي بسهولة دون جد واجتهاد وتحدٍ ومُثابَرَة ومُطاوَلة وإطلاق للطاقات والقدرات الذاتية والجمعية.
لا يمكن تفسير هذه الظاهرة، فتجدنا نقرأ المقالات، ونسمع الخطابات والتصريحات التي تشير إلى أن من العسير الوصول إلى ما نبتغيه، وكأنهم يُقِرُّون بالشَّلَلِ وعدم الإقدام على العمل وتفعيل العقل وتنمية الطاقات واستثمار القدرات والتَّوثُّب نحو الهدف المنشود.
لا تُوجَد أُمَّة أرادت وما نالت، إلا الأمم التي تصنع الهزيمة في نفسها، فهي مهزومة ذاتيًّا، ومن ينهزم نفسيًّا لا يحقق إلا ما تُملِيه عليه إرادة الهزيمة.
ويبدو أن هذا السلوك مرسوم ومطلوب إدامته في الوعي الجمعي لتأمين تفاعلات الانكسار والانتكاس، وعدم القدرة على مبارحة المكان، والإمعان بالمُرَاوَحة والتَّشَظِّي والتظلم والنواح والتقهقر إلى ما وراء الغابرات.
وبسبب هذا الفهم السلبي للحياة سادت الواقع ما يتوافق معه من التفاعلات التي تُعزِّزُه وتُنَمِّيه وتزيد من ترسيخه في النفوس والأذهان ليكون الهدف مُستهدَفًا بما فيه، ويُحقِّق الطامع بالأمة ما يريده بسهولة وبلا خسائر تُذكَر.
أيها الناس "إنما تُؤخَذ الدنيا غِلابًا"، ولا يمكن لشيء أن يتحقَّق بسهولة ويأتي إلينا بلا جهد وعناء وتَصَدِّي ومثابرة ومجالدة، فلدينا إمكانات حضارية وابتكارية معاصرة، لكننا لا نُفَعِّلها، ولا نريد أن نكون من الفاعلين، بل أَهَّلُونا وأعدّونا لدور المفعول بهم، فيُلصِقُون بنا توصيفات تُوهمنا بأنا كذلك، فنُصَدِّقها وكأننا لسنا من أبناء الأرض، وإنما من شعوب خارجة عن هذا الكوكب الدوّار، حتى أصبحنا أصداءً ونِسَاخًا لما يُنتِجُه الآخرون.
فهل من استفاقة وفهم لواقع الحياة لنكون؟!.. فكل مراد صعب، وليس بمستحيل.
واقرأ أيضاً:
التحصين والتمكين / التربية الوطنية الصارمة / الدم والكرسي!!