الكتابة عن المسلمين والعرب خصوصًا تتَّخِذ سبيل التَّعْميم والأحكام السلبية المُسْبَقَة، والتَّصرِيحَات النَّظَرِيَّة الخالية من الرصيد الواقعي والإسناد الواضح، وإنما هَذَيَانَات فكرية يقوم بها أبناء الأمة الذين يحسبون أنفسهم مفكرين ومثقفين وغير ذلك.
فالواقع يُشِير إلى أن العديد من الدول المسلمة مُتَقَدِّمَة، وكذلك من الدول العربية، وليس من الصَّوَاب التَّعمِيم، فالمطلوب التَّخْصِيص والإشارة إلى هذه الدولة أو تلك، لا التَّعْمِيم الجائِر... الدول المسلمة عددها (57-60) وأكثر، وتُشَكِّل نسبة كبيرة (تزيد على الربع) بين الدول في الأمم المتحدة (193-206)، ومن غير المعقول القول بأنها جميعًا متخلفة أو متأخرة.
إن أعداء الأمة يُشِيعُون الثقافة الانكسارية الإحباطية الانتكاسية لِيَشِلُّوا قدرات الأجيال ويُوهِمُونَهَم بأن الأمم الأخرى مُتقَدِّمَة عليهم، وأنهم بتأخرهم يغطسون... الواقع الحضاري لا يتفق مع ما يذهبون إليه، فأجيال الأمة فيهم مَوْرُوثات حضارية أصيلة، وعليها أن تتفَتَّح وتتأَلَّق رغم الظروف المُناهِضَة لها، وهذا يعني أن الأمة تكون.
المُحَبِّطون لِهِمَّة الأمة يستحضرون أسبابًا ما تجاوزوها منذ أكثر من قرن، ربما لها دور نسبي فيما يذهبون إليه، فهم أكَّدُوا ولا يزالون على الجهل والعلم الناقص وفساد الأخلاق والخوف والإسلام الجامد والجاحد واليأس والقنوط... والحقيقة التي نتغافلها أن الأمة تتعرض لضغوط نفسية شديدة منذ منتصف القرن التاسع عشر لتثبيط عزائم أجيالها وإِيهَامِهِم بما ليس فيهم، ويبدو أن الحرب النفسية المتواصلة قد أَتَت أُكُلَها وعزَّزَت ذلك بهزائم وانتكاسات هنا وهناك، مِمَّا جعل أبناء الأمة يُوقِنُون بأنهم غير مؤهَّلين للوصول إلى ما يريدون.
إن النسبة الأكبر من الدول المسلمة تُعاصِر وتتقَدَّم وتساهم في صناعة الحضارة المُعاصِرَة التي هي إنسانية، ولا يمكن القبول بأنها من إنتاج هذه الأمة أو الدولة وغيرها، فالعقول البشرية بأَسْرِهَا تُشارِك في صناعة ما نحن عليه من واقع حضاري.
فهل لنا أن نؤمن بأنفسنا، ونستعيد ثقتنا بقدراتنا على العطاء الأصيل؟
8\12\2020
واقرأ أيضاً:
يا أمّة عَجِبَتْ من سلوكها الأمم!! / مرآة آثام القرون / أوهام "لن"!!