ربط الصرع بالطب النفساني3
اضطرابات الشخصية
اضطرابات الشخصية وسمات الشخصية من أكثر المواضيع التي تثير الارتباك في دراسة مختلف الاضطرابات العضوية، وقلما تجد دراسة مقنعة توضح هذه العلاقة بين الصورة الجانبية الشخصية للإنسان والمرض الذي يعاني منه. كان الاعتقاد السائد سابقاً بأن هناك شخصية تدعى بالشخصية الصرعية، ولكن لا أحد الآن يقبل أو يستطيع استيعاب مثل هذا المفهوم. بعبارة أخرى يمكن القول بأن المقبول الآن هو القول بعدم وجود شخصية صرعية وعدم وجود سمات شخصية خاصة بالمريض المصاب بالصرع. لا توجد دراسة مقنعة تربط ما بين سمات الشخصية والصرع.
انتشر مفهوم الشخصية الحدية في الطب النفسي منذ بداية الألفية الثالثة، وبدأت دراسة هذا المفهوم في المصابين بالصرع، ولكن لا يوجد دليل مقنع يشير إلى أن انتشار اضطراب الشخصية الحدية مع الصرع المزمن يختلف عن بقية الناس 15 . رغم ذلك هناك اضطرابات شخصية تم وصفها في المصابين بالصرع المزمن والأولي متلازمة جانز Janz Syndrome التي تصاحب بعض المصابين بالصرع العضلي الرمعي لليافعين 16 وتتميز بتقلبات المزاج، وعدم الالتزام بالعلاج وتأزم العلاقات الاجتماعية. هذه الصفات تكثر ملاحظتها في الحياة المهنية، ولكنها في نفس الوقت قد تكون مجرد رد فعل لتشخيص الصرع بحد ذاته وعلاجه في فترة حرجة من حياة المراهق.
المتلازمة الأخرى الأكثر شهرة من السابقة 17 هي متلازمة كاستو- كيشوند Gastaut Geschwind Syndrome التي وصفها الفرنسي كاستو وفي نفس الوقت كيشوند في أمريكا في السبعينيات. هذه المتلازمة مرتبطة بصرع الفص الصدغي وتتميز بإسراف الإنسان في الكتابة القهرية والتدين وتغير الفعالية الجنسية حيث تميل إلى الفتور في غالبية الحالات. هذه الصفات الشخصية في المصابين بالصرع ليست جديدة وهناك وصف لها في القرن التاسع العشر. كذلك لا يمكن تفسيرها فقط بالفعالية الصرعية، وقد يتم ملاحظتها نادراً في المصابين بأمراض طبنفسانية أخرى تتميز باختلال وظيفي في الفص الصدغي. العقاقير المضادة للصرع تؤثر على الهرمونات الجنسية وربما ذلك يفسر تغير السلوك الجنسي. الذي يميل غالباً إلى الفتور.
العلاقة بين العنف أو السلوك العدواني والصرع أكثر تعقيداً، وهناك العديد من الدراسات حول السلوك العدواني خلال النوبة الصرعية أو في المرحلة التابعة للنوبة الصرعية. جميع هذه الحالات نادرة ولا يصعب تمييزها وربطها بالنوبة الصرعية. انتشار الصرع في السجناء 18 لا يختلف عن بقية السكان ويقارب ١٪ ويتناقض مع المفهوم السائد عن وجود علاقة ما بين الشخصية المعادية للمجتمع والصرع.
العقاقير المضادة للصرع والحالة النفسانية
استعمال العقاقير المضادة للصرع في علاج مختلف الأمراض الطبنفسية واسع الانتشار في الطب العام والطب النفسي. الجداول أدناه توضح فعالية هذه العقاقير في تنظيم المزاج وعلاج القلق. عقار فالبرويت وكارباميزابين في علاج الثناقطبي ربما يلعب دورها في انخفاض نسبة تشخيص الاضطراب في المراجعين المصابين بالصرع. ولكن هذه العقاقير أيضاً لها أعراض جانبية طبنفسانية يجب الانتباه إليها في المصابين بالصرع قبل تشخيص إصابة المراجع باضطراب طبنفسي. كذلك للعقاقير المضادة للصرع فعالية مسكنة للألم.
ما يجب الانتباه إليه من جانب طبنفساني هو أن العقاقير المضادة للصرع قد تسبب متلازمة أيضية 19 حالها حال العقاقير المضادة للذهان. هذه المتلازمة كثيرة الملاحظة مع عقار فالبرويت وكارباميزابين.
العقاقير النفسانية التأثير Psychotropic Drugs والصرع
الإرشادات الطبية العامة توصي دوماً بتوخي الحذر مع وصف عقاقير نفسانية التأثير للمراجعين المصابين بالصرع. هذه التوصية لا تزال نافذة المفعول باستثناء العقاقير المضادة للاكتئاب 20 حيث تم نشر دراسة جمعت جميع الدراسات الميدانية السابقة وتم نشرها في عام ٢٠٠٧. هذه الدراسة التحليلية استنتجت بأن حدوث نوبة صرعية مع استعمال عقار مضاد للاكتئاب من مثبطات السيروتونين الانتقائية أقل من حدوث نوبة صرعية مع استعمال عقار كاذب خالي من الفعالية Placebo. يقترب هذا الاحتمال من ٢٠ ضعف احتمال حدوثها في عامة الناس، وعلى ضوء استنتجت الدراسة التي شملت أكثر من ٧٥ ألف حالة بأن الاكتئاب بحد ذاته هو عامل خطورة للإصابة بالصرع وليس العقاقير. لكن الدراسة أيضاً استنتجت بأن النوبات الصرعية أكثر شيوعاً مع استعمال عقار بيوبروبيون Bupropion وعقار كلومبيرامين Clomipramine ويمكن القول كذلك بأن عقاري مابروتلين Maprotiline وأموكسابين Amoxapine يجب تجنبهما. التوصيات العامة لاستعمال العقاقير المضادة للاكتئاب يمكن مراجعتها في الجدول أدناه.
العقاقير المضادة للذهان 21 عموماً مثيرة للفعالية الصرعية، وعقاقير الجيل الثاني أكثر تحفيزاً للصرع من عقاقير الجيل الأول. يمكن القول بأن عقار كلوزابين Clozapine وأولانزابين Olanzapine أكثر تحفيزاً من عقاقير الجيل الثاني الأخرى. أما عقاقير الجيل الأول فهي الأخرى محفزة للصرع وعقار هالوبريدول Haloperidol أقل تحفيزاً بكثير من كلوربرومازين.
أما العقاقير المنبهة نفسيا Psychostimulant المستعملة في اضطرابً عجز الانتباه فرط الحركة فهي عموما سليمة الاستعمال مع الصرع وإن كانت لها أعراضها الجانبية الخاصة بها.
تفاعلات العقاقير المضادة للصرع متعددة جداً بعضها مع البعض الآخر ومع العقاقير النفسانية التأثير، وقد تؤدي هذه التفاعلات إلى تغيير تركيز العقاقير إلى تغيير مفعولها. لذلك لابد من الحرص على التفكير ملياً حين وصف أي عقار للمراجع المصاب بالصرع مع اتباع الجدول أدناه والرجوع إلى المصادر العلمية.
معلومات عامة | |
الجنس | تأثير العقاقير على الخصوبة والحمل. |
السن | تجنب بعض العقاقير في الطفولة وكبار السن. |
المهنة | تأثير العقار على التركيز والتوازن . |
الحالة الزوجية | تأثير العقاقير على الخصوبة والجنين. |
اختيار عقار مضاد للصرع أو نفساني التأثير | |
نوع النوبات والمتلازمة | لكل صنف من النوبات الصرعية عقاره الخاص . |
الحالة الطبية العامة | بعض العقاقير تؤثر سلبياً على الحالة الطبية وعلاجها. |
التشخيص العصبي | بعض العقاقير تؤثر سلبياً على الحالة العصبية. |
التشخيص الطبنفسي | قد يكون العقار مناسبا للحالة الطبنفسية. |
الأداء المعرفي | العقاقير قد تؤثر سلبياً على الأداء المعرفي. |
تفاعلات العقار | العقاقير تتفاعل بعضها من البعض الآخر. |
الوظائف الإنجابية | العديد من العقاقير لها تأثير سلبي. |
صحة العظام | العديد من العقاقير لها تأثير سلبي. |
تركيز الدهون في الجسم | العديد من العقاقير لها تأثير سلبي. |
عقار واحد قد يكفي للعلاج وكلما ارتفع عدد العقاقير كلما ارتفع احتمال الأعراض الجانبية.
الملاحظات والمصادر (الضغط على الواصل)
15- الشخصية الحدية أكثر ارتباطاً بنوبات لا صرعية، ويتم حصرها في إطار التفارق عن الواقع. في نفس الوقت المصاب باضطراب الشخصية الحدية أكثر اندفاعاً في سلوكه ويميل إلى استعمال مواد كيمائية محظورة ويتعرض لإصابات الرأس الرضية. العوامل الأخيرة قد تفسر ظهور الصرع مع اضطراب الشخصية الحدية.
16- يتم استعمال المصطلح جزافاً لوصف سلوكيات المصاب بهذا النوع من الصرع وأحيانا بصورة غير صحيحة لوصف اضطراب الصرع نفسه. البعض هذه الأيام يميل إلى استعمال مصطلح اضطراب الشخصية الحدية.
17- هذه الظاهرة أثارت فضول العديد من الباحثين، وربما لا توجد فقط في المصابين بالصرع المزمن وإنما في اضطرابات طبنفسانية أخرى.
18- لا يوجد دليل على أن الصرع يؤدي إلى العنف، وربط الصرع بالسلوك العدواني مصدره تحيز معرفي واجتماعي بسبب الثقافات المحلية.
19- استعمال العقاقير المضادة للصرع له علاقة مع متلازمة أيضية Metabolic Syndrome. يمكن تصنيف العقاقير إلى ثلاثة مجموعات أولها عقاقير تؤدي إلى زيادة الوزن ومتلازمة أيضية وأهمها عقاقير فالبرويت، كارباميزابين، بريكابلين، وكابابينتن. المجموعة الثانية لهي لعقاقير لا تؤثر على الوزن ويمكن وصفها بالحيادية وأهمها عقار لامتروجين وفينيتوين Phenytoin ، والمجموعة الثالثة هي لعقاقير تؤدي إلى انخفاض الوزن وهي عقار توبايرميت، زونوسيمايد، وعقار فيلبميت Felbamate. لعقاقير الصرع أعراض جانبية متعددة، ولا يجوز إضافة عقار من المجموعة الأخيرة لمجرد السيطرة على الوزن.
20- رغم الإشارة في النص إلى دراسة عام ٢٠٠٧ ولكن بعد ذلك صدرت عدة دراسات تثبت سلامة مثبطات استرداد سيروتونين الانتقائية م.ا.س.ا في علاج الاكتئاب في المراجعين المصابين بالصرع.
21- يمكن القول بأن العقاقير المضادة للذهان أكثر تحفيزاً للصرع، ويشمل ذلك جميع العقاقير، ولكن عقاقير الجيل الأول أقل تحفيزاً من عقاقير الجيل الثاني. رغم ذلك فإن علاج الذهان لا يجب أن يتأخر بسبب إصابة المريض بالصرع والمفضل هو التشاور مع مركز الصرع حول العلاج.
واقرأ أيضًا:
المشورة والإنسانية Counseling & Humanism / الطب النفسي الحركي Dynamic Psychiatry