تتحكم بالوجود العربي عبر العصور ثُلاثِيَّة التَّبَعِيَّة والخيانة والخُنُوع. ولا تَخْلُو مرحلة من تأثيراتها ونتائجها المُتَحَكِّمة بالمصير. فمنذ بدايات دولة الَعَرب وهم في مِحْنَة بِناء نظام حكم مُسَتقِر، وقد فَشِلوا من أَوَّلِهم إلى آخرهم!
وما تُعانِيهِ الأجيال نَاجِم عن الفشل المُرَوِّع في وَضْعِ الأُسُس الإنسانية الدستورية الكفيلة بتأكيد الاستقرار والاستمرار لنظام حكم رشيد. فخُلَاصَة الحُكم هي الفردية والطَّاغُوتِيَّة، ومَن يتَمَكَّن من الكرسي إلى حينٍ يُوَظِّفُ هَوَاه ويرى أنه الأدرى والأعلم والأقوى والذي يُمَثِّلُ إرادة الرَّبِّ بِعِبَادِه، وأنَّه لا يَنْطِق عن الهوى وكلامه الدستور والقانون ولا أحد فوقه، بل كل مَوْجُودٍ تحته وبِإِمْرَتِه، ومَصِيرُه في يديه.
وهذه الحالة المأساوِيَّة قائِمَة ومُتَكَرِّرة ومُتَجَسِّدَة في أنظمة حكم دول بلاد العُرْبِ أوطاني. ولا تزال العديد من أنظمة الحكم فردية عائلية تَحَزُّبِيَّة وفِئوِيَّة ذات تَوَجُّهات مُتَطَرِّفَة وتَطَلُّعات أُصُولِيَّة دَمَّرَت الدين والدنيا معًا وأوجدت صراعات استنزافية مُرهِقَة للأجيال. فأين نظام الحكم الرشيد؟
العرب فشلوا في وضع الأُسُس القَوِيمَة لأبسط تفاعل اتِّحادي، وهذه جامِعَتُهم التي تحَوَّلَت إلى موجود لا يُمكِنُه الإتيان بأضعف الإيمان. ومحاولات العرب للتَّقَرُّب من بعضهم تحوَّلت إلى عُدوَان على بعضهم وحروب قاسية مع بعضهم. أي أنَّ العرب ضدّ العرب في حقيقة فِعْلِهِم ومَنْطِق فَهْمِهِم، فلماذا فشلوا في إقامة نظام حُكم نافِع لهم؟
سيقول القائلون أنها المؤامرة والأعداء و... و... و...، لكن العيب الحقيقي المَرِير في العرب أنفسهم، وهم يُنكِرُون ويُسقِطُون ما فيهم على الآخرين، وفي هذا تَكْمُن عاهَتُهُم الحضارِيَّة المُرَوِّعَة!
فهل لنا أن نستفيق من غَفْلَة العُصور؟!
واقرأ أيضاً:
النِّيل المُوَازِي والنَّهْرَان / المُفَكِّرُون يُنَظِّرُون! / العَبَثِيَّة طَبعُنا!