رَكِبتُ أنواع القطارات في الصين واليابان، وقِطارًا من القاهرة إلى الإسكندرية، فوجدت الفرق بين الحالتين، وذَكَّرَني بقطار بغداد – الموصل الذي لا تتجاوز سرعته الخمسين كيلومترًا في الساعة في أحسن الأحوال، ويُصاب بأًعْطالٍ في منتصف الطريق، مِمَّا يَضْطَرُّنا لمغادرته والوقوف في الشارع تحت رحمة أصحاب الباصَات الذين يَرْأَفُون بحالنا ويسمحون لنا بالوقوف بين الركاب. ولا أذكر أنَّه قد خَرَج عن السكة ذات يوم، ربما لأنه بطيئ الحركة. وفي بعض دولنا يتوالى خروج القطارات عن سِكَّتِها أو انقلابها، وهي قطارات قديمة ربما لا تَصلُح للخدمة بالمقاييس المُتعارَف عليها عالميًّا، لكنها لا تزال تنقل الركاب وتتَسَبّب بحوادث.
قطارات قديمة، والسِّكَّة التي تسير عليها أَقدم منها بعقود وعقود، وفي هذا تتحَقَّق مأساة القطارات، والتي يمكن علاجها بالاستغناء عن القديم والتفاعل مع الصين في هذا الميدان لأنَّها من الدول المتقدمة في صناعة القطارات، وما سَمِعْنَا بخروج قطار صيني عن سِكَّتِه رغم أنها تَمْتَلِك أسرع القطارات في الدنيا.
لا بُدَّ لنا أن نعترف بأنَّنا مُتأخِّرُون في هذا المِضمَار، وعلينا أن نَتَوَاكَب ونستحضر التِّقْنيات المُعاصِرَة المُعتَمَدَة في الدول المتقدمة بالقطارات والسِّكَك الحديدية. فالدول العربية بِأَسْرِها تُعانِي من تأخر في هذا الخصوص، ولا فرق بينها. ومن أحد أسباب الحوادث: الضغط الهائل على القطارات، وعدم قدرتها على تَلبِيَة حاجات المواطنين.
في الصين واليابان المسافة بين المُدُن يتمُّ قَطْعُها ببضعة دقائق، وليس ببضع ساعات في قطار يتَرَنَّح ويفتقد لأبسط وسائل الراحة والأمان. ولا يمكنها أن تتجَاوَز الساعتين، وربما أقل من ذلك بكثير، فالقطارات السريعة المعاصرة اختزلت المسافات، وما عاد الكلام عن الساعات، بل الدقائق ما بين المدن التي تَمُرَّ بها.
إن مشاكل القطارات في مجتمعاتنا تُشِيرُ إلى مَدَى تَخَلُّف البُنَى التَّحْتِيَّة، وضرورة الاهتمام الأكبر بها، فمجتمعات الدنيا لديها بُنَى تَحْتِيَّة راسِخَة وقَابِلَة للتَّطَوُّر والتَّوَسُّع والنَّمَاء. وفي مجتمعاتنا لا تُوجَد بنى تحتية ذات قيمة مستقبلية قادرة على استيعاب الأجيال. فهل لنا أن نتعلَّم مهارات تأسيس البُنَى التَّحْتِيَّة الصالحة للحياة؟!
واقرأ أيضاً:
موقف السماء من الخطايا والبلاء!! / النانوية!! / العرب لا مُتَأَخِّرين ولا مُتَخَلِّفين