الشعوب الحَيَّة المُتَحَدِّيَة تُطعِمُ نفسها، وتجتهد في صناعة الطعام وتوفيره لأبنائها؛ فالشُّعُوب الجائِعَة وَاهِيَة مُستَعْبَدَة بِلا سِيَادَة ولا قُدرَة على التفاعل الحَيّ مع الحياة.
والأُمَمَ تعلَّمَت من التاريخ أنَّ الطعام طاقتها الأساسية للقوة والصُّمُود والنهوض، وأنِّ أَمْنَها الغذائي من أولويات أهدافها ونشاطاتها؛ لأنَّهُ يَدْرَأُ عنها أخطار الجوع وَوَيْلات المَجاعات التُي تَدِّمِرُها.
وقد تعَلَّمَت الصين من المجاعات التي أحاقت بها في القرن العشرين، وانطَلَقت في مشاريع توفير الطعام، فاجتهدت في الزراعة والثروة الحيوانية وصناعة الطعام بأنواعه، حتى صار الطعام فيها فائِضًا ويُمَكِّنُها أن تُطعِمَ غيرها من الشعوب.
وفي واقعنا العربي ثقافة توفير الطعام تكادُ تكون مَعْدُومَة، فالاعتماد يكون على الغير الذي يتحَكَّم بلُقْمَةِ عيش المواطن، مِمَّا يعني أنَّ أسباب المجاعات قائمة ويمكنها أن تُحصُلَ في أيِّ وقت، ووِفْقًا لإرادة المُتَحَكِّم بالإطعام. وهذا الأمر يَسْتَدْعِي يَقَظَةً شاملة في أرجاء الأمة؛ لتَحْفِيز المواطنين على توفير الطعام، أي إِطْعَام أنفسهم لِكَي يتَحَرَّرُوا من قبضة الذي يُطعِمُهُم.
فكيف يُطعِمُ العَرَبِيُّ نفَسه؟
لا بُدَّ من الاهتمام بِزِرَاعة النخيل، ففي كُلِّ بيتٍ يجب أن تُزرَع نخلة أو أكثر. وعليه أنْ يهتَمَّ بتربية المواشي بأنواعها، والطيور والدجاج، وأن يُؤَسِّسَ لمزارع الأسماك، ويجتهد في الصناعات الغذائية، ويتَوَجَّه للمحاصيل الزراعية التي يمكنها أن تَصْمُدَ لفترة طويلة كالبُقُولِيَّات، وأن يحترم التراب ويستَغِلَّه في زراعة ما يَطْعَمُه. فاليابانيون لا يتركون بُقْعَةً ترابية خالية من اللون الأخضر، فهم يزرعون ما يأكلون، حتى في السَّنَادِين داخل بيوتهم يزرعون ما يُؤْكَل. فالمطلوب وَسْوَسَة عربية في الطعام، والعمل الجاد والحازِم لتَوْفِيرِه، وأن تتَّخِذَ كل عائلة قرارًا بإطعام نفسها بنفسها، وتكتفي ذاتِيًّا إلى حَدٍّ ما.
أمَّا إذا بَقِيَ العَرَب يعتَمِدُون على الآخر في إطعامهم، ويستَوْرِدُون كل شيء، فإنَّهُم على أَعْتَابِ أخطار مجاعات مُتعَاقِبَة وشديدة.
فهل من نَهْضَةِ إطعام، وثورة غذائية تحافظ على قِوام الأجيال؟! وهل لدينا برامج ومشاريع للوقاية من الجوع؟!
واقرأ أيضاً:
معنى الحرية!! / الاعتماد المُتبادَل! / البشر الطائر!!