يمكن القول بأن مفكرينا غارقين في الدين ومهملين للحياة، ووفقا لمنظار الدين يرون وينظّرون، وكأن الدين حالة جديدة، ولم تبحث بها مئات العقول على مر العصور.
فالكتابات الطاغية في الفكر العربي المعاصر دينية، وإن أخرجت بهيأة ما لتشير إلى غير ذلك. فالعقل العربي الفاعل والمفكر لا يستطيع التحرر من قيد الدين، ويحسب أن النشاط والتفاعل عليه أن يخوض في نهر الدين، ويعوم فيه لكي يحقق النجاح ويؤثر بالأجيال.
والواقع يشير إلى أنهم قد أضاعوا بوصلة المسير الصحيح، وانطلقوا في اتجاهات حائرة مضنية، ما حققت إنجازا حضاريا نافعا ومنورا وواعدا بمزيد من العطاء الأصيل.
لماذا لا يستطيع المفكرون العرب التحرر من قيود الدين والنظر إلى التحديات بعقل آخر؟
قد تتعدد الأجوبة، ولا يُعرف أيها الأصح، لكن النتائج المتمخضة عن مسيرة عقود وقرون، تؤكد أن ارتداء عباءة الدين تعمي البصر، وتقيّد النظر وتدفع لاستنتاجات لا تختلف عن غيرها، التي وجدت قبل عشرات القرون ولكن بطرح آخر.
إن المفكر الحر عليه أن لا يغطس بالدين مهما كان الدين مهمًّا في حياة المجتمع ولا أظنه أكثر أهمية واستعبادا للأوربيين أيام ثورتهم الفكرية الانبعاثية التي أوجدت عقولا محررة من الدين.
فمجتمعاتنا ليست متدينة بتلك الدرجة التي كانت عليها مجتمعات أوربا آنذاك، ولهذا فإن من واجب المفكرين الاقتراب الحر، والانطلاق بالأمة إلى آفاق العصر الواعدة بالجديد. ولماذا لا يُترك الدين للمتخصصين به، وينطلق المفكرون في رحاب صناعة الحياة؟
ربما سيقولون أن ما نعانية سببه متصل بالدين، وهذا خطأ وانحراف في الرؤية، والأصوب أن المفكرين يجدون سهولة في الانحشار بالدين، بدلا من التحرك العلمي المعرفي البحثي الحر خارج أي إطار يحدد مسار المجتمع ويرهنه بغيره.
إن الأمم تكون بعقولها الحرة الجريئة الفاعلة، ولا تكون بالجمود والانغلاق والاندحار بدين!!
واقرأ أيضاً:
الأُمَّة المَبْعُوجَة! / أبطال الأمّة يُغيَّبون ويُشوَّهون؟!! / وقل اعملوا!!