علة الأمة الجوهرية في العقل المستورَد وعقلها المعطل، فهي تمضي على إيقاع ما يضخه الآخر فيها، فتجد أجيالها وكأنها بلا عقل فاعل، ويتحركون وفقا لمقتضيات العقل المستورد القاتل؟ والمشكلة القاسية أن الثقافة بأنواعها صارت مستوردة وطاغية، أما الثقافة الأصيلة النابعة من عقل الأمة، فمستهجنة ومحاربة ومركونة على رفوف التقليد والقديم البائد.
وكأن أبواق المستورد ومروِّجوه، لا يعرفون بأنهم يقاتلون أمتهم ويحاربون وجودهم، وما يأتون به على قياسات الآخرين هو ضد الأمة، وإن تحقق التعبير عنه بلغتها.
شعر، فكر، علم، وأدب، كلها مستوردة ، وما مستورد رائج ومتداول في المواقع والمنابر الثقافية والإعلامية، وتصدح به رموز وعلامات فارقة في الواقع الثقافي.
فأين الأصيل؟
وأين لسان حال الأمة؟
المستورد غريب، وبسببه تم شحذ همم الشباب بطاقات الهرب منه إلى مصادره، فازدادت الهجرات وتنامى الخروج من الواقع المستورد، الجاثم على صدور الأجيال الطالعة إلى آفاق الحياة الحرة الكريمة، التي تمليها مقتضيات التواصل مع أرجاء الدنيا.
فالواقع الثقافي للأمة في محنة الصراع الشديد بين إرادتها الحية، وإرادة الآخرين الذين يفرضون منطلقاتهم على وجودها، مما يتسبب بهدر طاقاتها وتدمير وجودها الأصيل.
فالمستورد لا يدوم، وهو كالأدغال في مروج متمسكة بتراب وجودها المقيم، والمؤلم في الحالة المتفاعلة بسلبية مع إرادة الأمة، إن الأبناء المستوردين من بلاد الآخرين، لا يتوانون في إيهام الأجيال بأنهم المبدعون، وسواهم عفا عليهم الزمن، ومن العثرات في طريق المجد الحضاري المعاصر.
وهم المدمرون والعدوانيون على أمتهم وكأنهم لا يشعرون.
فما قيمة الإبداع المستورد لأمةٍ منها يُستورَد؟!!
واقرأ أيضاً:
ابْنُ رُشْدٍ وأمَّتي!! / المفكرون والمفكرون!!