الحياة فرص، تحتاج لمن يغتنمها ويتفاعل معها بما ينجبها النافع المفيد، فلكل فرصة خيرها وشرها في آن واحد.
ومن أمثلة الأمم والشعوب، أن الهند، واليابان، وألمانيا تفاعلت مع الهزائم والاحتلالات بآليات إيجابية، وما ركنت لما هو سلبي واستنزافي لطاقاتها وقدراتها الوطنية.
بينما بلدان أمتنا تفاعلت مع الاحتلالات بسلبية وعدوانية، تسببت بخسائر فتاكة، وما أنجزت مشاريعها الوطنية، ولا تقدمت في عصرها.
كما أن الأمة توفرت لها العديد من الفرص بقادة أكفاء، لكنهم انحرفوا في سلوكهم وأخذوها إلى متاهات العبثية والخسران.
وحصلت فيها احتلالات في القرن الحادي والعشرين، وما تمكنت مجتمعات الدول المحتلة أن توظفه إيجابيا وتنطلق به إلى فضاءات الوجود الحضاري المعاصر، بل وجدته فرصة للتعبير عما فيها من الترسبات والضلالات والأوهام، واجتهدت في النهب والسلب وتعميم الفساد، وما فكرت برؤية وطنية صالحة وذات قيمة إنسانية، فعم الخراب والدمار، وغادرتها القوى المحتلة وهي في قيعان الفساد والهوان المستشري في مواطنها.
وعندما نتساءل لماذا الهند إنطلقت من رحم الإحتلال، وكذلك اليابان وألمانيا وغيرها من الدول، يتبين أن الروح الوطنية والقيم الأخلاقية الراسخة والنزاهة، والشعور بالمسؤولية والتفاعل الإيجابي مع الأجيال، كان له دوره الكبير في رسم خارطة السلوك، وتقديم القدوة الوطنية الصالحة للتقدم والرقاء.
وفي دول الأمة التي تعرضت للاحتلال، تعاظمت الخيانة والتبعية والخنوع، وتطوع الآلاف من أبناء مجتمعاتها لخدمة الطامعين في البلاد والبلاد، وسقطت الغيرة الوطنية، وتقدمت على الوطن التفاعلات الطائفية والمذهبية والفئوية وما يتصل بها من سوء السلوك.
وصار الفساد فخرا، والنزاهة عارا، والخيانة بطولة وزهوا، ولا قيمة لشيء إلا لما يجنيه الأشخاص من مال السحت الحرام، ووراء المآثم والخطايا، ألف عمامة وعمامة.
تلك حقيقة موجعة، ينكرها القائمون بها، فلا يمكنك أن تواجه خائنا بخيانته، أو فاسدا بفساده، فكلهم يحسبون أنفسهم يمثلون الوطنية والنزاهة بأنبل صورها، وما هم إلا يغنمون!!
واقرأ أيضاً:
نعم ثار العرب!! / الربع الأول والمؤجل!!