يثير موقع اضطرابات الشخصية في الطب النفساني الكثير من الجدال بين العاملين في الصحة العقلية. ومنذ الأول من كانون الثاني تم تغيير استعمال اضطراب الشخصية في الطب النفساني بحيث أصبح يقتصر فقط على وجود أو عدم وجود الاضطراب في أي عمر ووصفه استناداً إلى أبعاد خمسة بدلا من استعمال مصطلحات وصمة يتم لصقها بالمراجع.
استعمال مصطلح الشخصية عموماً هو واحد من ثلاث:
- وصف نمط أو أسلوب الفرد Style
- وصف شخصية الفرد Personality
- وصف اضطراب الشخصية Personality Disorder
الاستعمال الأول والثاني يعنيان بأن الإنسان لا يعاني بسبب صفات شخصيته، ولا الذين من حوله. أما الاستعمال الثالث فيعني بأن الإنسان أو/ومن حوله يعاني من صفات شخصيته.
اضطراب الشخصية عموماً يشير إلى أنماط تفكير ومشاعر الإنسان حول ذاته والآخرين التي بدورها توثر سلبياً على أدائه الاجتماعي والمعرفي في مختلف مجالات الحياة. هذه العوامل تدفع الإنسان إلى نمط مزمن من إدراك وسلوك يتمثل في خمسة أبعاد وهي:
١- الانفصال عن الآخرين Detachment ويعني ذلك ميل الإنسان إلى الابتعاد عن الآخرين والانفراد بنفسه
٢- الوجدانية السلبية Negative Affectivity وهو الميل إلى الشعور بعواطف سلبية مثل القلق والاكتئاب في مواجهة أبسط التحديات
٣- الحصارية القهرية Anankastic (الوسواسية القهرية) والتي تتميز بغياب المرونة في التعامل مع الآخرين والإفراط في العناد والحرص المفرط على التنظيم في مختلف مجالات الحياة
٤- الميل إلى الانفلات أو إلغاء التثبيط Disinhibition وعدم السيطرة على الاندفاع (التهور) .
٥- اللا اجتماعية Dissociality وهو الميل إلى عداء الآخرين.
دراسة هذه الأبعاد الخمسة تكفي لوصف شخصية المراجع واضطرابها.
بعد ذلك يتم تعريف ما يسمى بالتأهيل الحدي Borderline qualifier والذي يتميز بالإضافة إلى وصف الأبعاد الخمسة أعلاه إلى ما يلي (أربعة أو أكثر):
١- علاقات شخصية متقلبة وانفعالية Unstable Intense Relationships
٢- الاندفاع والتهور في السلوك
٣- عدم الاستقرار الوجداني
٤- الغضب
٥- سلوك انتحاري أو تشويه بالذات
٦- اضطراب الهوية
٧- الشعور بالفراغ
٨- هفوات في تفحص الحقيقة
يتراوح معدل انتشار اضطرابات الشخصية ما بين ٩ -١٥ ٪ استناداً إلى الدراسات الميدانية. الشخصية الحدية أكثر انتشاراً في الإناث. ينخفض تشخيص اضطراب الشخصية مع تقدم العمر بعد العقد الثالث من العمر، وهناك نظريات متعددة تتعلق بعوامل بيئية منذ الطفولة، وراثية، وبيولوجية في تفسير اضطرابات الشخصية المختلفة.
العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة باضطراب الشخصية تشمل:
تاريخ انتهاك جنسي في الطفولة
فقدان الرعاية الأبوية في الطفولة
تاريخ عائلي للفصام
تاريخ عائلي لاضطرابات الشخصية
هناك فرضية اختلال التوازن ما بين النظام الأفيوني في الدماغ وسيروتونين Serotonin لتفسير الشخصية الحدية. هناك أيضاً فرضية عدم توازن العلاقة ما بين الفص الجبهي واللوزة في الدماغ لتفسير التفاعلات العاطفية والسلوكية. عدم التوازن الوجداني في الشخصية الحدية يتم تفسيره بفرضيات متعددة منها تتعلق بالدوبامين وأوكسيتوسن Oxytocin.
في غالبية الحالات يصل المراجع المصاب باضطراب الشخصية إلى مراكز الطب النفساني بسبب ضغوط بيئية حادة أو وجود أزمة لا يقوى على التعامل معها.
من الأعراض الكثيرة الملاحظة في الممارسة المهنية:
- العصبية المفرطة
- آثار جروح وأخداش على الجسد
- خلافات زوجية وعائلية مزمنة
- مشاكل الإدمان بأنواعها
- مشاكل تتعلق بتربية الأطفال
- أعراض طبية يصعب تفسيرها
يمكن تقسيم الملاحظات السريرية إلى ثلاث مجموعات:
المعرفية: تصلب التفكير، غرابة التفكير، عدم الثقة بالآخرين.
التنظيم الوجداني: تقلب المزاج، اكتئاب، قلق.
السلوكية: عدوانية، سلوكيات جنسية منحرفة، إدمان، التهور.
المناجزة أو المعالجة Management
لا يصل الإنسان المصاب باضطراب الشخصية إلى مراكز الطب النفساني بسبب صفاته الشخصية وإنما بسبب وجود أعراض اضطراب نفساني أو حدوث أزمة اجتماعية أو شخصية. القاعدة العامة هي توخي الحذر في تشخيص اضطراب الشخصية بدون فحص المراجع بصورة دقيقة وتمييز وجود اضطرابات نفسية أخرى من عضوية، ذهانية، وجدانية، وسواس قهري، واضطرابات القلق عموماً.
القاعدة العامة في علاج اضطرابات الشخصية عموما يمكن حصرها في إدارة استراتيجيات المريض في تواصله وعلاقته مع الاخرين Patient’s Communication & Relationship Management Strategies. يمكن تعميم هذه القاعدة في علاج جميع اضطرابات الشخصية، إذا وُجدت الرغبة عند المراجع في تحسين حياته الاجتماعية واتصاله مع المقربين منه.
يجب توخي الحذر في استعمال مختلف أنواع المهدئات ووصف العقاقير الأخرى المختلفة إلا إذا تم تشخيص اضطراب نفسي آخر.
واقرأ أيضاً:
العلاج النفسي لاضطراب الشخصية الحدية / الاستشارة الطبنفسية (الطبنفسانية)