يصعب فهم نزعة المفكرين والفلاسفة العرب نحو الإتيان بالمشاريع، فلكلٍ مشروعه لانتشال الأمة من مآزقها الحضارية.
وتعددت المشاريع والحال جاثم؟
وواحدهم يغني على ليلاه، ويبرر فشل مشروعه بالأسباب الخارجية والمجتمعية، فيتهم الإنسان العربي والدين، فتشتد المنازعات وتنتهي الحال إلى أسوأ مما كانت عليه.
تأملوا عدد المشارع النهضوية والإصلاحية، أو الترميمية، وإن شئتم العلاجية، إنها كثيرة ومتراكمة على رفوف التجاهل والنسيان، ومعظمها أفكار ذات قيمة حضارية، وتوجهات تبصيرية وتحليلية ثاقبة، وأكثرها يضع الإصبع على الداء ومشروعه يخلو من الدواء.
فمنذ منتصف القرن التاسع عشر، حيث انطلقت رايات النهوض والتحرر من قبضة الآخرين لبناء أمة الدين والدنيا، تجد المفكرين والفلاسفة العرب، غارقين في متاهات المشاريع، ولا يزالون يتحدثون بهذه النمطية التي ما جلبت خيرا، ولا وضعت حلا، وإنما استفحلت معها الوقائع والأمور.
فما سبب كثرة المشاريع والعقول المفكرة وخواء الإنجاز؟
هل ما يجري في الواقع العربي قد جرى في أمم أخرى؟
عصر التنوير الأوربي كان قادته مفكرون، بسطوا رؤاهم على الواقع الذي واجهوه، ولم يكونوا بالكثرة التي تعاني منها الأمة، وتفاعلت رؤاهم ووضعت الأسس العملية للإنجاز الحضاري المنير.
وعندنا يتناطخ المفكرون والفلاسفة، وكل منهم في وادٍ، ولا تجد عندهم طريقا مشتركا، وما أن ينطق أحدهم بجديد حتى تُسن المواضي، وتتقدم نحوه جحافل التكفير والتدمير.
والعجيب أنهم ينطلقون من الدين، ويتغافلون عن العلم ودوره في صناعة القوة والحياة.
ولهذا فالفرقة ديدنهم، لأن الدين يفرّق، ولو ركزوا على العلم ودوره ومشاريعه، لتفاعلوا ووضعوا قطار الوجود العربي على سكة المسار الصحيح، الذي سيوصله إلى أهدافه المنشودة.
فالعلة في المفكرين والفلاسفة، فأمة العرب كغيرها من أمم الدنيا، التي لديها أديان وتراث وشعوب ذات أطياف متنوعة، فهل من إعادة نظر بمشاريعنا العبثية؟!!
واقرأ أيضاً:
تأريخنا أبيض!! / النظريات الخائبات!!