"أبو لهب" الذي تبت يداه وما كسب، ظاهرة سلوكية بشرية، تجسد مفردات النفس الأمارة بالسوء، وأوضحها القرآن الكريم، بمعانيها التي تلخص آليات إرادة الشر والسوء، والدوافع المنطلقة ضد الخير والمحبة والرحمة والأخوة الإنسانية.
ومن الواضح أن هذه الظاهرة صار لها قِوى ذات قدرات تدميرية وتخريبية، غير مسبوقة في تأريخ البشرية.
قِوى ضد القيم الإنسانية التي دعت إليها الرسالات السماوية والعقائد الدنيوية، وأكدتها دساتير الأمم والشعوب المُحبة للسلام والأمان والتقدم والرقاء.
ويبدو أن أموالا طائلة تلقى في جحيماتها، التي توقد في كل مكان وزمان، حتى أخذت بالاستعار والتأجج في مواطن الرسالات كافة.
وتقف البشرية في حيرة واندهاش أمام استشراء ظاهرة أبي لهب، وتطورها وتقدمها وتفوقها على كافة الاحترازات، وإجراءات الوقاية من ويلاتها وهجماتها المعادية للمُثل والمعايير الإنسانية.
وهذا يستدعي تكاتف إرادات الخير والمحبة، وإعلاء القيم الصالحة للناس أجمعين، وإرساء مبادئ التآلف والاعتدال والرحمة والتكافل والتعاون، والتفاؤل والعمل للمصلحة الإنسانية والوطنية والأخلاقية، وعدم إذكاء الانحراف واليأس والانقضاض على الذات والموضوع.
ذلك أن البشرية تواجه مأزقا خطيرا بسبب تنامي أدوات وعناصر وآليات هذه القِوى، التي أخذت تتحكم بمسيرة جميع دول الأرض وتملي عليها اتخاذ القرارات، التي لا حاجة لها باتخاذها لولاها.
ويقع على عاتق الأمم المتحدة الدور الأكبر في حشد العقول، وتفاعلها للوصول إلى صيغة عمل عالمية، تؤهل الدول للعمل كمنظمة واحدة لابتكار الحلول والعلاجات الشافية، من طاعون الشرور الذي تبثه قِوى أبي لهب في فضاءات الحياة الإنسانية.
ولابد للبشرية أن تتمسك بثوابتها الأخلاقية وقيمها الطيبة الرحيمة، وتسعى لقطع روافد مدها بالمغرر بهم بسبب البطالة والفقر والجهل والأمية والمقاساة المريرة.
وهذا يستدعي إطلاق المشاريع الاقتصادية، وخصوصا الزراعية لتوفير الأمن الغذائي والبيئي ، وإشاعة فرص التعليم والتفاعل الإيجابي مع معطيات العصر.
ومن أولويات المسؤولية الإنسانية وجود مشاريع دؤوبة واضحة، لتعليم الناس مهارات التفاعل الحضاري النافعة، الآخذة بهم إلى دروب المسرّات والابتهاج والنماء المطلق.
فهل لنا أن نتعلم مهارات صناعة الحياة الحرة الكريمة؟!!
واقرأ أيضاً:
جحيمات شرق أوسطية!! / القتال العقلي!!