الفصام واضطرابات ذهانية أولية7
اضطراب الوهام1,2
الوهام هو فكرة خاطئة False idea لكن هناك العديد من الأفكار الخاطئة أو الزائفة أو الكاذبة ولكي يتم تعريف هذه الفكرة كوهام لابد من توفر صفات أخرى فيها:
1. أن تكون معتقداً غير قابل للنقاش.
2. لا يقوى الفرد على التحرر منه.
3. يتعارض مع الخلفية الحضارية للفرد.
على ضوء ذلك هناك كثيرٌ من الأفراد من أقليات عرقية في البلاد الغربية يتم تشخيص اضطرابات الذهان فيهم بدلاً من الاضطرابات الوجدانية، بعد حديثهم عن السحر والجن وغير ذلك بسبب الجهل بالخلفية الاجتماعية والحضارية. هناك مصطلح آخر يكثر استعماله في الصحة النفسية وهو الفكرة المشابهة للوهام Delusion Like ideas . هذا المصطلح كثير الغموض أحياناً ويتم استعماله للتفريق بين الوهامات الصحيحة أعلاه الناتجة عن تجارب وهامية أولية Primary Delusional Experiences بينما يطلق مصطلح الفكرة المشابهة للوهام على الأفكار الناتجة من جراء تجارب نفسية مرضية ولذلك يطلق مصطلح الوهامات الثانوية Secondary Delusions عليها أحياناً.
التجارب الوهامية الأولية
لكي يتم تعريف الفكرة بأنها وهام صحيح لابد من ولادتها عبر تجربة وهامية أولية كما يلي:
المزاج الوهامي Delusional Mood
تولد الفكرة عبر مرور الفرد بحالة مزاج أو وجدان تعرف بالمزاج الوهامي حيث يشعر الفرد بحالة بأن كل ما حوله غامض ويحتاج إلى تفسير ما. من جراء هذه الحالة الوجدانية تؤدي إلى ولادة فكرة يتخلص من خلالها الإنسان من ذلك الغموض المؤلم نفسياً.
لا يجوز تعريف التجارب الانفصالية Dissociative Experiences بأنها نوع من أنواع المزاج الوهامي. يستمر الإنسان خلال التجارب الانفصالية على الاتصال بالواقع ولديه إدراك ووعي قلما يصرح به عن مصدر القلق والضغوط النفسية والاجتماعية التي تواجهه.
الفكرة الوهامية المفاجئة Sudden Delusional Idea Autochthonous idea
تولد الفكرة الوهامية بصورة مفاجئة أحياناً وتكون مكتملة وناضجة. يطلق مصطلح الفكرة الوهامية المفاجئة على هذه التجربة. تكمن مشكلة هذه التجربة هو صعوبة التحري عن فترة المزاج الوهامي ويمكن تشبيه الفكرة وكأنها طفل ولد بدون فترة حمل واضحة للعيان.
الإدراك الوهامي Delusional Perception
هي الطريقة الأخرى التي يتم من خلالها ولادة الوهام. في هذه الظاهرة يتم ولادة الوهام من خلال تسلم إحساس ما قد يكون بصرياً أو سمعياً أو جسدياً وبعده يتم ولادة وهام يتعلق بالفرد الذي تسلم ذلك الإحساس. بعبارة أخرى، كما يقول شنايدر لابد من توفر ذراعي عضوية لهذه الظاهرة. الذراع الأول هو تسلم الإحساس أو إدراكه وبعدها ولادة الوهام. لكي تكون الظاهرة هي إدراك وهامي لابد من عدم توفر تفسير لولادة الوهام يتعلق بالحالة المزاجية أو الوجدانية للفرد إضافة إلى عدم وجود تجارب سابقة يمكنها تعليل الظاهرة.
تكمن أهمية الإدراك الوهامي أنه علامة شبه مؤكدة على إصابة الفرد بالفصام أو الشيزوفرانيا. من الممكن بسهولة تحري وكشف التجارب الوهامية أعلاه برمتها في الفصام الحاد، ولكن ليس في الحالات المزمنة. بعدها تبدأ الوهامات بالدخول في مرحلة التنظيم Systemization وتصبح ثابتة الإطار والمحتوى ولا يمكن التخلص منها سواء كان ذلك بعلاج معرفي أو العقاقير إلا في القليل من الأفراد.
بعد ذلك تبدأ الأعراض السالبة احتلال موقع الصادرة عند هذه المرحلة كان التركيز على إطار الفكرة الوهامية وهذا ما يشغل بال الطبيب النفساني لأن الكشف عنه يساعده في التحري عن مرض الفصام لكن ما يكشف عنه الطبيب النفساني وغيره في معظم الأحيان هو محتوى الفكرة التي اتخذت إطارا وهاميا.
محتويات الوهامات
يتوجه انتباه الطبيب النفساني أكثر إلى محتوى الوهامات بدلاً من تطورها وطريقة ولادتها. في هذه المرحلة يتم استعمال مصطلح الوهام للإشارة إلى إطار الفكرة دون الإشارة إلى كونها أولية أو ثانوية المنشأ. هنالك البعض من علماء النفس يعتبرون أن كل وهام هو ثانوي المنشأ ولد وترعرع من جراء عملية نفسية قد تكون ذهانية أو مزاجية أو عضوية. قد تولد الوهامات نتيجة هلوسة سمعية تقول للفرد بأنه المسيح الجديد أو المهدي المنتظر وأن حل جميع مشاكل الأرض سيكون على يديه. في هذه الحالة نطلق على الوهام مصطلح وهام العظمة Grandiose Delusion، وهذا الوهام قد يولد أيضاً نتيجة مرحلة من الهوس Mania في اضطراب الثناقطبي Bipolar Disorder ويختفي بعد تماثل الفرد للشفاء عكس الفرد المصاب بالفصام. يضاف إلى ذلك أن المريض المصاب بالهوس قلما تكون وهاماته بنفس الدرجة من القناعة عكس المصاب بالفصام وتراه كثير المزاح والتهور. أما المريض المصاب بالفصام فأكثر ما يفعله هو الوقوف على الأرصفة يعض الناس مرتدياً الملابس البائسة ولا أحد يعير له انتباهاً.
أما إذا كان الوهام يتعلق بسوء حالة الفرد صحياً فنستعمل تعبير وهام اعتلال الصحة Delusion of Ill Health وإن كان الوهام حول قرب إفلاسه والعيش فقيراً مدقعاً فنطلق تعبير وهام الفقر Delusion of Poverty . هذه الوهامات أكثر شيوعاً في الاكتئاب الذهاني Psychotic Depression ويجب التحري عن هذا الاضطراب الوجداني في جميع المرضى الذين يشكون من هذه الوهامات وخاصة بعد العقد الرابع من العمر. يعود السبب في ذلك إلى استجابة هذا الاكتئاب للعلاج أكثر من غيره.
أما وهامات الاضطهاد Delusions of Persecution فهي أكثر الوهامات شيوعاً وفيها يتصور المريض بأنه تحت المراقبة والسلطات الأمنية لا هم لها إلا مراقبته. يظن أحياناً بأن هناك مخططاً لوضع السم له في الطعام واغتياله وينتهي الأمر به مضرباً عن الطعام والاختلاط ببقية البشر. والقاعدة العامة للتفريق بين الأمراض النفسية التي تصاحب وهامات الاضطهاد هي:
إذا كان الوهام مزمناً، كثير الغرابة في الوصف، وتصاحبه أعراض سالبة للفصام فإن التشخيص هو الفصام أو الشيزوفرانيا.
إذا كان الوهام قصير العمر، وتصاحبه أعراض اكتئاب وحديث المريض بأنه يستحق الاضطهاد فالاكتئاب هو التشخيص.
إذا كان الوهام هو العرض المرضي الوحيد ولا يزال الفرد يمارس حياته بصورة طبيعية فتشخيص اضطراب الوهامية Delusional Disorder هو الأكثر احتمالاً.
ويتبع: الفصام واضطرابات ذهانية أولية9
مصادر
1- Kelly BD. Love as delusion, delusions of love: erotomania, narcissism and shame. Med Humanit. 2018 Mar;44(1):15-19.
2- Joseph S, Siddiqui. Delusional Disorder. Updated 2022 Jul 20]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2022 Jan-. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK539855/.
واقرأ أيضًا:
المفهوم الحديث لاضطراب الشخصية ٢٠٢٢ / الارتباط الأمومي والتعلق1