هل نحن أمة قال؟
لا أدري لماذا نقدّس الأشخاص ونحسب أقوالهم أو ما ينسب إليهم من أقوال ثوابت تتقدم على كل قول؟
فهذه ظاهرة لا يوجد ما يماثلها في مجتمعات الدنيا الأخرى، التي تمحّص القول وتخضعه لأنوار العقل، ولا قول عندها يدوم، كما يترسخ ويتكرر في واقعنا المدثر بالأقوال، فمعظم الذي وردنا مدونا يستند على "قال"، والكثير منه منسوب لأشخاص ورموز، لو قايستَ ما نسب إليهم مع أعمارهم، لأدركت أن الواحد منهم قد عاش ألف عام.
موسوعات من الأقوال منسوبة لشخص واحد، بل ودواوين أشعار، ولو حسبت القدرة البشرية على تلك الأقوال، لوجدتها لا تحتمل ما ينسب إليها من عبارات وحِكم وأشعار وخطب، تحتاج لتجارب وجهد ذهني وفكري يتطلب وقتا واجتهادا، وموسوعية معارف وإطلاع.
ويبدو أن الكراسي لعبت دورها في اختلاق الأقوال ونسبتها إلى رموز مؤثرة في مسيرة الأمة، بل أن الخطب المعقدة تم وضعها في كتب بعد وفاة أصحابها بقرون ونسبت إليهم، وأصبحت مسلمات رواسخ في أذهان الأجيال.
وكأن الأمة ورقة بيضاء يدوّن عليها ما يُراد له أن يفعل فيها ويسخرها لإرادة الكرسي الفتان.
قال فلان، وذكر، ونقل عن فلان، وهلم جرا، والنتيجة أن الأقوال لخدمة الكرسي وتقديس السلطان، وإياك أن تضع علامة استفهام بعدها.
ومن الواضح أن لكل فترة حكم ما يناسبها من الأقوال المنسوبة إلى رموز الدين والتأريخ، وعليك أن تؤمن بها وتصدقها ، وتكون من دعاتها الأبرار.
فهل أوصلتنا إرادة قال إلى حُسن مآل؟!!
اقرأ أيضاً:
عاهة التأخر!! / لعبة القوادم والخوافي!!