إقران: جمع بين شيئين
الإقرانية سلوك مارسته البشرية منذ الأزل، وقد سلطت الأضواء عليه تجارب العالم الروسي بافلوف فاشتق قوانين سلوكية ذات تطبيقية عالية، تحقق استخدامها في مجالات متنوعة، كما أن ما قام به قد تطور بجهود علماء آخرين، اشتقوا منه نظرياتهم التي تعتمد على الإقران ما بين حالتين.
وكأي نظرية أو قانون علمي يتم استخدامه للخير والشر، وقوانين بافلوف ونظرياته وما يتصل بهما، قد تحقق تطبيقها لغايات استعبادية امتهانية للشعوب، وصارت من المنطلقات المهمة للهيمنة على الناس وتكوين آرائهم ومواقفهم، وأخذهم إلى حيث تريد القوى الفاعلة فيهم والمقررة لمصيرهم.
وصارت تدرسها الأجهزة الأمنية والاستخبارية، وتشتق منها آليات وبرامج إعلامية وسياسية للنيل من إرادة الشعوب، وتسخيرها للأهداف المطلوبة منها، فتتحول إلى أدوات للتنفيذ حتى ولو كانت هي الهدف.
وفي بعض المجتمعات تمادت القوى المفترسة لها بتطبيق آليات الإقران، ففعلت الفظائع والبشائع فيها وحولتها إلى موجودات متصارعة متقاتلة، لا تعرف سوى الانتقام من وجودها، وإنهاك قدراتها، والانشغال عن مصيرها والتحديات المحيقة بها، والانهماك بما يضرها ويدمرها.
فتحولت بلدانها إلى خراب، وأيامها إلى ويلات، وكل ما فيها عسير ومُستلطف ومعزز بإقرانات تديمه وتدفعه إلى مزيد من التداعيات.
فالإقرانية منهج خطير لأنه يؤجج العواطف السلبية، ويدفع بالناس للتحول إلى كتل هوجاء عمياء، تتدحرج على سفوح الوجيع، ولا تأبه بما تجنيه من الويلات.
فهي من أسهل الأساليب للفرقة والعداوة والشقاق ما بين أبناء البلد الواحد والدين الواحد، وبتكرار تفعيلها تُبنى الحواجز والموانع، ويتحقق التقسيم بالدم والعدوان الشرس الذي قد تتوارثه الأجيال، ولا يمكنها التحرر من قبضته والخروج من حلباته.
والأمثلة على الإقرانية متعددة ومتنوعة، منها أن تأتي على ما يهم جهة ما وتقضي عليه بشراسة وانفعالية وتقرن العمل بحهة أخرى، وتؤججه انفعاليا وتطبل له إعلاميا، فتصنع من الجهتين حالتين متأزمتين متحشدتين ضد بعضهما وحالما تبدأ المنازلة التدميرية، تديم اشتعالها وتغذيتها بما يساهم في الوصول إلى أفظع الخسائر.
والمطلوب وعي مفردات وآليات الإقران وتثبيطها، وعدم الانسياق وراء مؤججاتها، وهذا يحتاج لقادة ذوي قدرة على القيادة الواعية الرشيدة، ليجنبوا مجتمعاتهم شرور السقوط في حبابل الإقرانية المروعة
اقرأ أيضاً:
نحن والكتاب!! / أمة الروح!!