هو الذي رأى وما رأى ولا أخبرنا بما رأى، ومضينا نتهمه بأنه هو الذي رأى، ونعاتبه لأنه لم يشرح لنا تفاصيل ما رأى.
فهل عاد إلينا الذي رأى؟
وهل حقا رأى؟
أم أنها تهيؤات غيبية وإدراكات سرابية، وتفاعلات ضبابية، تجعلنا نقرأ ما يكتبه الظلال على جدران الكهف الذي نندس فيه، ونحسب أن الوجود يتجمع في قيعانه ويتراقص على أكتافه.
إنها حيرة وجودية، ووقفة متحدية بين الذات المنهوكة باللا أدري، وتداعيات التفاعلات المتواكبة ذات القوانين القاضية بكينونة متبادلة ومتجددة.
فالإنسان لا يرى، ويتوهم أنه يرى، ويمعن في أوهامه ويؤكدها بالفعل الذي يكلفه حياته وما يتصل بها من مفردات ترابية، ومنطلقات روحية، لأنه في معترك الحيرة المستقيدة الداعية إلى حركة متوثبة نحو محطات يحسبها ذات شأن، وهي التي تواكبت وفق منهاج كوني محتوم ومرسوم بإتقان دقيق.
ويعود إلى ذاته ويتساءل عن معنى وجوده، بعد أن أنهكه صوت التراب الذي يريد إفراغه من طاقة التواصل والدوام المتجدد الخلاق.
ويدرك بعد رحلة عناء، أن الوجود ضباب، والحياة مهما تسامقت بنتُ خراب وخياب، ولكل مسيرة ختام، وللحيِّ يوم تمام.
تلك حقيقة أرى التي ما رأى فيها موجود غير ما لا يرى!!
واقرأ أيضاً:
الانطفائية!! / دول آكلة ودول مأكولة!!