لكل بناء أساس، وبدون أساس متين لا يتحقق البناء القوي الأمين.
وهذه قاعدة تنطبق على المشاريع والبرامج والتطلعات الإنسانية بأنواعها، ولكي تبني دولة قوية عليك أن تبدأ بوضع الحجر الأساس للقوة المطلوبة، ويأتي في مقدمتها بناء الإنسان فيها، فالإنسان هو اللبنة الرئيسية في أي مشروع استثماري اقتداري يتطلع نحو الغد الأفضل.
إذا أهملنا بناء الإنسان، فلا قيمة في المجتمع لأي بناء، لأنه منفصل عن واقعه ومنقطع عن إرادة الإنسان فيه، فيبدو غريبا أو متطفلا عليه، وبهذا يتحقق الصراع ما بين الإنسان المبتور والبناء المنكور.
ولهذا تجد الدول القوية تركز اهتمامها على بناء الإنسان الذي بواسطته وبإرادته يتحقق أي بناء، ووفقا لتطلعاته يضع الحجر الأساس لمستقبل أزهى وأرقى.
وفي مجتمعاتنا تجد تنافرا ما بين الإنسان والبناء بمفرداته وعناصره ومسمياته، لا أقصد به البناء المادي (العمارة وما يتصل بها)، وإنما البناء الشامل للوجود المعاصر في المجتمع، من ألفه إلى يائه، وبكافة صنوفه وتخصصاته وتطلعاته المستقبلية.
ويأتي في المقدمة البناء العقلي والنفسي للإنسان لكي يكون مؤهلا للتفاعل الأمين مع التحديات وابتكار ما يحتاجه للتغلب عليها وتجاوزها.
وبدون هذا البناء الذاتي للإنسان يفقد أي بناء قيمته ودوره في الحياة، ويتحول إلى ثقل كبير على كاهل الإنسان الذي تحين الفرصة المناسبة للانقضاض عليه.
وتجدنا في معظم دولنا في محنة البناء المبتور، والخوف من الإنسان وعدم العمل الجاد على صياغته بما يؤهله لإطلاق طاقاته وقدراته الكامنة فيه، والسبب الرئيسي في ذلك هو العلاقة السلبية ما بين الكراسي والمواطنين، والخوف المهيمن على أصحاب الكراسي، مما يدفعهم إلى السلوك المعادي للمواطنين، ورهنهم بالحاجات وقهرهم بتعويق حقوقهم الإنسانية المشروعة، مما يؤدي إلى اضطراب العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتدمير الوجود الوطني وإلغاء الحاضر والمستقبل، بنشاطات إنهاكية استهلاكية، تزيد من تركام التداعيات.
فهل من رؤية للبناء المعاصر؟!!
واقرأ أيضاً:
رموز رحّالة الأمة!! / العقل المتوحل باللامعقول!!