معظم التأريخ لم يدون في حينه، بل أن المدوَّن منه مكتوب بعد وقت طويل من حدوثه، وربما بعده بقرون، والقليل من التأريخ المسطور خطته الأقلام في وقت قريب من حدوثه.
والمؤرخون المعروفون لم يشهدوا أحداث ما دوّنوه، بل كتبوا ما تناقلته الأجيال وشاع بينها.
فهل كل ما دونوه صحيح؟
والمشكلة أن الذي يقرأ المكتوب بعد عدة قرون، يضفي رؤيته على ما يقرأ، وكأن الأحداث حصلت وفقا لمقاييس العصر الذي هو فيه.
أي أن أكثر قراء التأريخ يقطعون الحدث عن مكانه وزمانه، ويستحضرونه في الواقع المعاصر لهم، مما يتسبب بقراءات منحرفة وخائبة.
فلا يجوز النظر إلى ما كان بعيون ما يكون الآن.
البشرية اليوم – رغم ما يحصل – أرقى مما كانت عليه قبل قرون.
البشرية تتقدم وتمتلك أدوات وآليات غير مسبوقة، فهل يصح أن نطبق ما عندنا على ما كان قبلنا؟
لابد من الاقتراب الموضوعي والعلمي المنطقي المحايد، بعيدا عن النوازع المطمورة في دياجير النفوس.
ويمكن القول أن النسبة الأكبر من المصادر التأريخية المعتمدة ليست محايدة، بل تغرف من ينابيع العطايا والأموال التي تغدق على أصحابها، وأكثرها تكون هدايا لمقتدر جوّاد، واسألوا الجاحظ عن كتبه المهداة إن كنتم لا تعلمون!!
واقرأ أيضاً:
العلم بدعة والدين متعة!! / مأرخون!!