معظم الإبداعات فردية، ويتحقق استخدامها من قبل عامة الناس، وهذه القاعدة تنطبق على أي نشاط بشري، والتنوير يبدأ بعدد قليل من الأفراد تسمى النخبة، فتنطلق الأفكار وتتكاثف وتتكاتف في رسالة واضحة ذات أهداف ساطعة، يرعاها مَن يؤمن بها ويتواصل في تعزيزها وتطويرها، وابتكار الآليات الكفيلة بتحقيقها والعمل بموجبها.
التنوير عندما تتبناه النخب في ميادين التفاعلات المتنوعة، على أفرادها أن يعتصموا برسالتهم وينطلقوا بها في رحاب المجتمع، لتحفيز عدد من النشطاء القادرين على حمل راياتها، والسعي الجاد لبثها في أوساط الناس.
أما أن تكون النخب متصومعة وتمعن بعزلتها، وكأنها تطرح أفكارها للجدران، ولا تبالي من تواصل دورانها في حلقة مفرغة من الابتعاد عن نهر الحياة، فهذا هو التنوير الأعور.
وما يحصل في واقعنا يمثل ذلك، ولهذا لن تجد للنخب تأثير إيجابي في المجتمع، وما حصل التغيير بتعجيل متواكب مع عصرنا، ولا تزال آليات الترقيد والتخميد فاعلة ولها تداعياتها المضرة بالحاضر والمستقبل، فالماضي يسودنا والأموات تقودنا، والدجل والبهتان يقيدنا، ولا من قدرة على الخروج من قبضة السمع والطاعة، والجهل والتجاهل، والأمية الحضارية.
فأين العلة؟
إنها في النخب العاجزة عن التعبير العملي عن منطلقاتها وجوهر أفكارها، باختصار وكثافة ذات قيمة استنهاضية صحيحة. النخب تكتب، ولا مَن يقرأ، لأنها في حالة انفصال وانقطاع عن واقعها المطلوب تغييره، والأخذ به إلى آفاق الوعي المعرفي الجاد.
فهل أوجدت النخب النشطاء القادرين على نشر الوعي التنويري؟
وهل تمكنت من صياغة التفاعل الهرمي بينها وبين عامة المجتمع؟
إن لم يتحقق التواصل السليم، لن نستطيع الوصول إلى هدف عظيم!!
واقرأ أيضًا:
نزرع لنأكل!! / الضواري تفترس!!