المفهوم الحالي للوسواس القهري مفهومٌ ما يزالُ في مرحلة التطور والتغير بشكل يجعلُ المرْءَ غير قادرٍ على التعميم اللازم لنحت المصطلحات، لكنَّ الواضح حتى الآن على الأقل أن اعتبار هذا الاضطراب واحدًا من اضطرابات القلقِ كما فعل الأمريكان إنما هوَ اعتبارٌ بعيدٌ عن الصواب، لأن اعتبار وجود القلق بوضوح في معظم مرضى الوسواس القهري سببًا كافيا لضمه إلى اضطرابات القلق إنما يجعلُ المرءَ يتساءَلُ لماذا لا نضعُ النسبةَ الأكبرَ من مرضى اضطرابات الاعتماد على العقاقير مثلاً أو مرضى اضطراب الاكتئاب الجسيم أيضًا مع اضطرابات القلق.
إلا أن ما فعلهُ الأمريكيون كانَ له فضلٌ من ناحيةٍ أخرى على بلورة الفهم المعاصر لاضطراب الوسواس القهري، لأن عديدا من الدراسات أجريت لبيان اختلافه عن اضطرابات القلق، وتزامنتْ معها ملاحظاتٌ ودراساتٌ للأطباء النفسانيين تشيرُ إلى وجود علاقةٍ جوهريةٍ ما بينَ اضطراب الوسواس القهري وما بينَ اضطراباتٍ كثيرةٍ أخرى غير اضطرابات القلق تتميزُ بوجود أفكار تسلطيةٍ وأفعالٍ تشبهُ أو تتطابق مع الأفعال القهرية، وخرجَ إلى الوعي العلمي مفهومٌ جديدٌ هوَ مفهوم اضطرابات طيف الوسواس القهري، فهم في ذلك التوجه يجمعونَ الاضطرابات النفسية التي تحدثُ ضمنَ أعراضها أفكارٌ تسلطيةٌ أو أفعالٌ قهريةٌ ويعترفونَ باعتمادهم الطريقةَ الوصفيةَ في التصنيف بمعنى أنهم يصنفونَ لا بناءً على سبب الاضطراب أو المرض كما هوَ الحالُ في معظم إن لم يكن كل فروع الطب التي يوجدُ فيها إجماعٌ علميٌّ على أسباب الأمراض، ولأن مثل هذا الإجماعِ غائبٌ في حالة الاضطرابات النفسية أي التي تتعلقُ بالسلوك البشري، فقد رأى الأمريكيونَ أن يصنفوا الأمراضَ بناءًا على ما يمكنُ أن يتوفر من الإجماع بشأنه ما يكفي لاعتباره اضطرابًا مستقلاً بغض النظر عن نوعية الأسباب التي تؤدي إليه، وهم يعتبرونَ ذلك بدايةً للبحث العلمي المنتظم والمتواصل عن الأسباب من خلال الدراسات العلمية (المحايدة)، ويرونَ أنهم بمتابعتهم للمرضى من نفس التشخيص وملاحظة كيفية ونوعية استجاباتهم لطرق العلاج المقننة المختلفة سيصلونَ إلى تصنيف نهائي يريدونَ تعميمهُ على بني البشر كلهم.
والحقيقةُ التي لا ينكرها أحد هيَ أن هذه الطريقةَ التي اعتمدت في تصنيف الاضطرابات النفسية هيَ نفسها الطريقةُ التي كانت تصنفُ بها كل الأمراض التي تصيبُ بني آدمَ قبل اكتشاف الكائنات الدقيقة التي تسبب الأمراض وقبل تطور طرق البحث العلمي التي تسمحُ بمعرفة الأسباب، أي أنها هيَ نفسُ الطريقة التي كانَ ابن سينا والرازي وابنُ الهيثم وأبو زيد البلخي يصنفونَ بها الأمراض، فهم يصفونَ ما يجدونه من أعراض في مرضاهم ويسمون كل مجموعة متلازمةٍ من الأعراض تظهرُ بشكل متكرر باسم ما يقترحهُ أحدهم ويتفق الباقونَ معه عليه.
وربما يكونُ هذا التوجهُ الحديثُ لاعتبار الوسواس القهريِ واحدًا من مجموعة الاضطرابات النفسية الجديدةِ إلى حد ما (أو التي بدأنا نفهمها ونجمعها ونصنفها حديثا) والتي تسمى باضطرابات طيف الوسواس القهري توجهٌ أفضلُ بكثيرٍ من اعتباره واحدًا من اضطرابات القلق، وهذه المجموعة من الاضطراباتُ في الحقيقة هيَ اضطراباتٌ تتعلقُ بمتصل شعوري معرفي آخرَ هو متصل الاندفاعية "أو التسيب" في مقابل القهرية "أو التحكم" أي أنها تتعلقُ بقدرة الشخص على التحكم في رغباته واندفاعاته، ويوضعُ مريضُ الوسواس القهري بالطبع على أقصى طرف القهرية أو التحكم بينما تتوزعُ بقيةُ الاضطرابات على هذا المتصل إلى أن نصل إلى اضطرابات العادات والنزوات في أقصى الطرف الآخر للمتصل أي طرف الاندفاعية أو التسيب.
والذي يتأملُ مريض الوسواس القهري من قربٍ بعد أن يلمَّ بمعطيات البحث العلمي الجديدة، إنما يقفُ حائرًا عند نقطةٍ كثيرًا ما يعتبرونها الجوهرَ المميز لاضطراب الوسواس القهري وهيَ مقاومة المريض للفكرة التسلطية أو للفعل القهري وكانَ مفهوم بقاء البصيرة مركزيا بالطبع عند الجميع حتى وقتٍ قريب لكنه اهتزَّ الآن بعنف واهتزت معهُ فكرةُ أن المقاومة ضرورية للتشخيص وأصبحنا نراجعُ الكثير من حساباتنا في الطب النفسي، بينما يكتشفُ المتأملُ من قربٍ أن المشكلةَ أعمقُ من مجرد التحكم والمقاومة، إنما هيَ خللٌ في عملية التحكم نفسها، فمريضُ الوسواس القهري كثيرًا ما يتأرجحُ بينَ التحكم والتسيب وكثيرًا ما نراهُ عاجزًا عن ضبط هذا البعد من أبعاد نفسيته، ومن يتأملُ التاريخ المرضيَّ للعديد من الحالات التي ورد ذكرها في هذا الكتاب يعرفُ معنى هذا الكلام فتلك السيدةُ التي كانَ كل ركن في بيتها يلمعُ كما تلمع المرآة وحياتها كلها كانت تنظيفًا في تنظيف، يمكنُ أن تَتخذَ قرارًا مفاجئًا بالكف عن تنظيف بيتها بل وعدم السماح للآخرين بتنظيفه لأنها ببساطة أصبحت تشعرُ بالقرف من هذا البيت أو من نفسها أو لأنها وقعت فريسةً للتخزين القهري لأكياس القمامة! بل وأكثر من ذلك أننا لو تأملنا طريقةَ الانتحار الذي نادرًا ما يفعلهُ مريضُ الوسواس القهري لوجدناهُ دائمًا من أكثر أشكال الانتحار اندفاعيةً!
ولعل هذا ما يدفعني إلى القول بأن مريض الوسواس القهري لديه مشكلةٌ في عملية التحكم نفسها، وليس الأمر كما يبدو لأول وهلةٍ تحكمًا زائدًا فقط أو رغبةً في التحكم الزائد فقط، فهناكَ إحساسٌ أساسي داخلي بفقد الأمان هو ما يجعلُ من تمسكه المفرط بالقواعد محاولةً لمواجهة ذلك الشعور الدفين بعدم الأمان الأساسي، ومن المفيد أيضًا هنا أن نتأمل الطريقةَ الفريدةَ التي يتعاملُ بها مريض الوسواس القهري مع الأعراف الاجتماعية فهيَ ليسَت دائمًا الالتزام الصلب بالتقاليد والعرف بل إنها كثيرًا ما تكونُ عكسَ ذلك، فهل لذلك من معنى؟
إن مريض اضطراب الوسواس القهري الذي يفرطُ في تنظيف جسده عادةً ما لا يمتلكُ العاداتِ المفضيةَ إلى الصحة الجسدية، كما أن مريضَ الوسواس القهري الذي يصرُّ على الانضباط والنظام في حياته غالبًا ما لا يفعلُ ذلك بغاية تحسين أدائه في حياته وإنما يفعلهُ لأن الانضباط والنظام غايتان في حد ذاتهما! كما أن متابعةَ حياة مريض اضطراب الوسواس القهري من الطفولة حتى الكهولة كثيرًا ما تُظْهِرُ تباينًا كبيرًا في تحكمه مقابل تسيبه فهوَ متسيبٌ مثلاً جداً في طفولته ومتحكمٌ جدا في كهولته أو العكس، وكانتْ هذه ملاحظةً شخصيةً لي حتى اكتشفتُ من الدراسات ما يؤيدُ وجهةَ نظري تلك، خاصةً في حالات اضطراب الوسواس القهري المصحوبة أو المصاحبة لاضطراب العرات حيثُ اتضحَ وجودُ اندفاعيةٍ عاليةٍ بالفعل في هؤلاء المرضى.
ثمَّ أن موقفَ مريض الوسواس القهري في مواجهة المواقف الحياتية التي تتسم بالجدة عليه إنما يبينُ تأرجحَ موقفه ما بينَ الاستسلام التام وما بينَ الاعتراض العدواني أحيانًا بالشكل الذي يؤكدُ افتقاده للمرونة في مواجهة المواقف الحياتية وعدم معرفته كيف يتعاملُ معها، ونفس الكلام يمكنُ أن يستنتجَ من عدم إقبالهم أو ترحيبهم بالجديد عموما لأنهم لا يعرفونَ أو يخافونَ من التعامل معه، المهم أن ذلك كلهُ يجعلُ وضعَ اضطراب الوسواس القهري ضمنَ مجموعةٍ مستقلةٍ من الأمراض السلوكية والنفسية هيَ اضطراباتُ طيف الوسواس القهري، هوَ الوضع الأقربُ إلى الواقع، ونحنُ ما نزالُ في مرحلةِ الفهم فيما يتعلقُ بهذه المجموعة من الاضطرابات.
ومن الأمور الجديرة بالذكر هنا أن فكرةَ طيف الوسواس القهري ليست كما يعتقد أهل الطب النفسي حديثةً أو ابتداعًا غربيا، فقد فوجئتُ أثناءَ بحثيَ عن "أكل الطين" على الإنترنت لأجد ما يرشدني إلى التراث العربي الإسلامي في أحد اضطرابات الأكل وهو اضطرابُ العقعقة (أو أكل مواد غير مغذية أو أكل ما لا يؤكل عادةً) إذ تبينَ لي ما يشيرُ إلى أكثرَ من أن العرب والمسلمينَ انتبهوا لوجود الظاهرة، فهم لم ينتبهوا فقط وإنما ربطوها بالوسواس!
لقد وجدتُ على مواقع الشيعة المسلمين العديد من الآثار والأحاديث التي تتناولُ تحريم أكل الطين، بل وأكثر من ذلك كما يتبينُ من الحديث التالي، فقد جاءَ في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي ابن أبي طالب كرمَ الله وجهه ما يلي: قال صلى الله عليه وسلم: "يا علي، ثلاثة من الوسواس: أكل الطين، وتقليم الأظفار بالأسنان، وأكل اللحية"، ولهذا الحديثِ روايةٌ أخرى تعد أربعةً من الوسواس كما ورد في كتاب بحار الأنوار إضافةً إلى الرواية السابقة للحديث روايةٌ أخرى نصها "أربعة من الوسواس: أكل الطين وفت الطين، وتقليم الأظفار بالأسنان وأكل اللحية".
هل نستطيع نحنُ تصنيفَ مرضانا؟
تصنيفٌ مقترحٌ:
ولعلني أقدمُ كل هذا التقديم لأبينَ أن مفهوم اضطراب الوسواس القهري ما يزالُ في حاجةٍ إلى المراجعة والتصنيف، ومما أجدهُ في تراثنا العربي الإسلامي وأراهُ مناسبًا كأساس للبناءِ عليه ما ذكرَهُ أبو زيد البلخي (850-934 ميلادية) في كتابه "مصالحُ الأبدان والأنفس في الباب الثامن في الاحتيال لدفع وساوس الصدر وأحاديث النفس" فقد قالَ:
"أن هناكَ أحاديثَ النفس ووسواسها وهيَ أمرٌ طبيعيٌّ يحدثُ في كل إنسان، وأما الوسواس الذي يمنعُ الإنسانَ عن التفكير في ما سواه ويشغلهُ عنْ أكثر أعماله أو عن قضاءِ أوطاره فهوَ منَ الأعراض النفسية التي لابد من علاجها"؛ وتلكَ الأحاديثُ والوساوس المرضية ربما وقعت في جنس ما يحبُّهُ المرءُ ويتمناهُ وربما وقعت في جنس ما يخافُهُ ويخشاهُ، أي أن أبا زيد البلخي يقسم الوسواسَ المرضيَّ من حيث الموضوعات التي يتعلقُ بها إلى نوعين:
النوعُ الأول:
هوَ الوسواس المتعلقُ بما يحبهُ الإنسانُ ويتمناهُ ويضربُ المثلَ هنا بكبار العشاق من الشعراء العرب أمثال مجنون ليلى وكثير عزةَ وجميلُ بثينةَ أي أنهُ يعني بهذا النوع من الوساوس التعلق وشدة الولع والحب الشديد لشخص ما لدرجة المشي وراءه ومتابعته وملاحقته في كل مكان إلى درجةٍ تثيرُ المشاكلَ لأن هذا النوع من الحب غالبًا ما يكونُ من طرفٍ واحد؛ وهذا النوع من السلوك هو ما يطلقُ عليه بعضُ علماء النفس المحدثين وسواس الحب Love Obsession أو ما يسمونهُ أحيانًا بالملاحقةَ أو المطاردةَ Stalking.
وأما النوعُ الثاني:
فيقولُ البلخي "هوَ مثلُ تحديثِ نفس الإنسانِ بأمرٍ مخوف لعله يحلُّ به عن قريب وأشد من ذلك هوَ تحديثها إياهُ بمكروهٍ قد ينزلُ به في بدنه وحياته، وهذا أصعبُ المخاوفِ وأشدها تمكنًا من القلب واستيلائها عليه".
ولما كانت الطريقةُ التي اعتمدت في تصنيف الأمراض النفسية هيَ الطريقةُ الوصفية فإنني لا أرى مانعًا من أن يكونَ لنا إسهامنا في ذلك كأطباء نفسيين عرب، لأن من المؤكد لو أننا نظرنا بعيوننا نحنُ إلى نوعية الأعراض والشكاوى التي يشتكي منها مرضانا وفي إطار معطيات ثقافتنا ومجتمعنا لرأينا ما يتفقُ في أشياءَ ويختلفُ في أشياءَ عن التصنيف الأمريكي أو العالمي للاضطرابات النفسية، ولما كنتُ في هذا المقال أحاولُ رأبَ الصدع الموجود ما بينَ مفهوم الوسواس القهري في الطب النفسي وما بينَ مفهومه في الدين الإسلامي والثقافة العربية المستمدة منه، فإنني سأحاولُ أن أصنفَ مجموعةً من الاضطرابات النفسية منها ما يعتبرهُ المصنفونَ الغربيونَ وسواسًا قهريًّا ومنها ما يعتبرونهُ منتميًّا لصنفٍ آخرَ من الاضطرابات النفسية؛
والجزءُ التالي من حديثي هنا يتعلقُ باضطرابات الوسواس القهري أو الوساوس المرضية بعد استثناءِ وساوس النفس البشرية وبعد استثناء وساوس الشيطان أيضًا، وهذان نوعان من الوساوس عاملان ومؤثران في مشاعر وسلوك البشر جميعا طبقًا للفهم الإسلامي (وإن كنتُ لا أرى ما يمنعُ من أن تكونَ هذه الثلاثة أنواع من الوساوس عاملةً في مرضى اضطراب الوسواس القهري، بحيثُ يكونُ نوعان منهما وهما وسوسة النفس ووسوسة الشيطان مرتبطين بطبيعة البشر جميعًا بينما يكونُ النوع الثالث وهوَ الوسواس القهري خاصًا بالمرضى دونَ غيرهم من البشر).
وسوفَ أضعُ في السطور التالية تصورًا مختصرًا لتصنيف اضطرابات طيف الوسواس القهري كما يمكنُ أن تتبلورَ في ذهن طبيب نفسي عربي مسلم، يمارسُ طبه النفسي في مجتمع عربي مسلم، متمنيًّا أن يكونَ ذلك بدايةً لعمل بحثيٍّ يفند هذا التصنيفَ المقترح والذي أعتبرهُ امتدادًا لتصنيفِ أبي زيد البلخي (850-934 ميلادية)، وانعكاسًا لخبرتي الشخصية في ممارسة الطب النفسي، ورؤيةً لاضطرابات طيف الوسواس القهري من منظور عربي إسلامي:
أولاً: وساوسُ الخوف والريبة: وتشملُ الأشكالَ التاليةَ من الوساوس:
1- وسواس المرض
2- وسواس التشوه
3- وسواس الحرص
4- وسواس الاجتناب
5- وسواس الشك أو الغيرة
ثانيًا : وساوسُ الحب والرغبة: وتشملُ الأنواعَ التاليةَ من الوساوس:
1- وسواس الحب
2- وسواس الجنس
3- وسواس الأكل
4- وسواس العادات والنزوات
وأما ما أستندُ إليه أنا في هذا التصنيف فهوَ وجودُ أفكار تسلطيةٍ وأفعالٍ قهرية في كل هذه الاضطرابات كما سأبينُ في السطور التالية، بحيثُ تكونُ هذه الأفكارُ التسلطيةُ والأفعالُ القهرية بمثابةِ العرض الجوهري أو المبدئي أو تكونُ بمثابة أحد العوامل المثبتة Perpetuating Factors للاضطراب النفسي المعين، كما أنني أحبُّ أن أبينَ أن وجودَ تداخل ما بينَ صنفٍ وآخرَ من أصناف الوسواس التي أذكرها هنا هوَ أمرٌ واردٌ بل لعلهُ أمرٌ لابد منه، لأن الكلام كله إنما يتعلقُ بظاهرة واحدة في الأساس أو بصيغة تعبير أخرى: لأن الجذر واحدٌ والأغصانُ قد تتشابك.
والأصنافُ التي أذكرها هنا يشترطُ لاعتبارها اضطرابا تسلطيًّا قهريًّا أن تستوفي الظاهرةُ القهريةُ فيها الشروطَ التالية:
- رفض الظاهرة القهرية ولو جزئيًّا من جانب المريض.
- الرغبةُ في والإصرارُ على مقاومة الظاهرة القهرية ولو من حين لآخرَ.
- إلحاحُ الظاهرة القهرية فكرةً كانت أو فعلاً على وعي المريض.
- إيقان المريضِ بأنها إنما تنبعُ من داخل كينونته النفسية وليستْ بفعل مؤثِّـر خارجي.
والشرطُ الأول والثاني يتميزان بكونهما متغيران إما في بداية الاضطراب أو في المراحل المتقدمة منه، فمثلاً في حالة وسواس الحرص على النظافة أو الطهارة الذي يضطر المريض بسببه إلى الوضوءِ مثلاً خمسينَ مرةً قبل كل صلاة، يمكنُ أن يتغيرَ موقفُ المريض الفكري من الفكرةِ ما بينَ الرفض المطلق لصحتها في بداية الاضطراب إلى القبول بها والاستسلام لها في المراحل المتقدمة منهُ، وعكسُ ذلك يمكنُ أن يحدثَ في وسواس الحب أو الجنس أو الأكل مثلاً فقد يقبل المريضُ الفكرةَ التسلطيةَ أو الفعل القهري في بداية الاضطراب ولكنهُ يرفضها ويعترفُ بعدم صحتها في المراحل المتقدمة منه، وهكذا تتأرجحُ مقاومته لها.
ويتبع>>>>>>>>>: طيف الوسواس القهري :: وساوسُ الحب والرغبة
اقرأ أيضاً:
ما هو مصدر الفكرة التسلطية (الوسواسية) الأولى؟ (1-2) / هل الوسواس القهري لا يعالج؟ / الوسواس القهـري جنـون العقلاء