أرسلت مايا (ربة منزل، سوريا، 26 سنة) تقول:
تربية مجانين مشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
شكراً يا دكتور وائل على ترحيبك بي وأعتذر على تأخري في التواصل معكم؛ سأخبرك بسر أتمنى أن يبقى طي الكتمان ولا ينشر على الموقع.......... وعلى فكرة أنا أتابعكم منذ ذلك اليوم
أنا إحدى المجنونات المتابعات بهدوء لإنجازاتكم العظيمة.
لا أحب أن أثقل عليكم بالرسائل وهذا هو السبب في أنني لم أتابع، فأنا أشعر بأنكم مثقلون بالأعباء و(كتر خيركم) أنكم تجدون الوقت لكتابة هذه المقالات الرائعة.. ماذا سأضيف إن شاركت؟ أسئلة طبعاً.. ولكنني تعلمت معكم أن أتمتع بالصبر الجميل.. فكلما خطر لي سؤال انتظرت لأجد مقالة ما تشفي غليل الأسئلة في نفسي.. وأنا أتابع أيضاً قسم التربية على إسلام أون لاين كلما سنحت لي الفرصة.
كنت من أشد المتابعين لإسلام أون لاين قبل أن يرى مجانين النور.. ومنذ بدأت في تصفح مجانين لم أعد أزور إسلام أون لاين إلا نادراً... ربما لأنني شعرت بأنكم هنا في بيتكم وتكتبون براحة أكبر وبحرية أكبر.
شكراً يا دكتور وائل على هذا الموقع الجميل وشكراً لكل من حمل الهم معك وتبرع بوقته وفكره وعلمه ليفيدنا، وعلى فكرة, أنا أقوم بنشر أفكاركم في المنتديات وبين أصدقائي، والأهم أنني أستثمر ما أقرأه في بيتي...
وبالنسبة لموضوع البحث عن مصادر التعلم عوضاً عن السؤال.. أظن أن هذا ما أقوم به عندما أتصفح مجانين بهدوء دون أن أزعجكم برسائلي... وأتابع أيضاً بعض البرامج على التلفاز المختصة بالتربية, وأتابع مواقع أجنبية في التربية، ولكن لا يغني ذلك عنكم فأنتم أشفيتم غليلي عندما ربطتم بين التربية وعلم النفس والدين، هذا ما كنت أريده..
لن أطيل عليك فأنا أعلم بأن هناك رزمة كبيرة من الرسائل على مكتبك تنتظر الرد.. ولكني سأسأل سؤالاً صغيراً.. كيف توفق بين عملك كطبيب نفسي وبين حملك هم مجانين وتأليف الكتب وكتابة المقالات هنا وهناك وبين بيتك وأولادك؟
أشعر بأنني لو كنت مكانك فسأنسى طعم النوم.. فأنا تخليت عن عملي وطموحي لأنني شعرت بأنني لن أستطيع التفرغ لتربية أبنائي إن استنفدت قواي في العمل...
أعانكم الله على مسؤولياتكم العظيمة، وشكراً مرة أخرى على كل ما تبذلونه من جهد.
3/1/2008
الأخت الصغرى العزيزة مايا أهلا وسهلا بك على مجانين وألف ألف شكرٍ على إطرائك النبيل وعلى إحسانك التعامل والترويج لمجانين وما ينشر عليه من أفكار..... أهلا بك من بلدٍ أحببته وأحببت أهله ولما أزال محروما من التمتع بوقت طويلٍ فيه...... سوريا العزيزة القريبة من القلب..... وبصراحة لدي مع سوريا التي لم أنم بها غير ليلة في انتظار الدخول إلى لبنان المنتصر الكليم في الحرب الأخيرة.... لدي معها تاريخ طويل من الشوق أوله الحلم بأن أزور سوريا منذ سنة 1979 ..... من الآخر كنت أتمنى الحصول على نسخ تسجيلية لأغنيات عبد الحليم حافظ الوطنية التي كانت حيازتها جريمة (ستة أشهر) أيام السادات الأخيرة –رحم الله الأسمرين- ولما يتحقق حلمي ذاك إلا في سنة 2006 ..... عندما مررت بسوريا فدخلتها عند صلاة المغرب وخرجت منها في الصباح المبكر.... وبالتالي لم أتمكن من السؤال أصلا عن أغنيات عبد الحليم تلك.
سوريا بلد أستاذي في الكيمياء العضوية وأنا بالصف الثالث الثانوي بثانوية الأنصار بالمدينة المنورة هذا الرجل الذي ما زلت أحب الكيمياء لأنه علمني كيف أحبها.... الأستاذ المثالي أسأل الله أن يرحمه حيا أو ميتا.... بلد صديقي في مرحلة الثانوي عيسى (ولا أذكر بقية اسمه وكان ممن هربوا بشكل أو آخر من سوريا إلى السعودية ولا أدري أعاد أم يزال)....
سوريا يا مايا باختصار لها بداخلي الكثير وأسأل الله تعالى أن يزيدني منه وأن ينعمني بأخوات مثلك وزملاء صنعة: المستشار الإليكتروني النفسي اجتماعي مثل الأخت العزيزة لمى عبد الله ..... وزملاء مثل الدكتور نديم شعبان المشمش الذي عايشته 5 أيام في البحرين ... والابن الدكتور ملهم الحراكي جامع الحسنيين على مجانين (فهو ابني الإليكتروني الذي استشارني إليكترونيا: أريد أن أشتغل طب نفسي بماذا تنصحني؟... وها هو الآن زميل أصغر في جامعة دمشق وهذه واحدة) ثم هو الآن زميل صنعة: المستشار الإليكتروني النفسي على مجانين.... وباسم الله ما شاء الله ولد عفريت وفنان وشاعر ... ولا أدقق بعده إملائيا.... ربنا يحفظه ويسعده فهو واحد من ورثة مجانين أو مثيلاته في عالمنا العربي.
سوريا بلد الفنان الشاعر نزار قباني.... سوريا.. شوفي يا مايا لا يصح أن أكثر من الحديث عن سوريا هنا ربما آخد هذه الدفقات التي أخرجتها سطورك من قلبي وأكتب مدونة عن سوريا... لكن هنا سألتزم بالتربية ما دمنا في قسم تربية مجانين.
أنا الآن يا مايا مشغول إضافة إلى ما ذكرت من أعباء -أشهد الله أن هناك غيرها يعلمه الله- ولا أرد على أسئلتك كيف أوفق ما بين وبين إلا بأن أرد باختصار أنا لا وقت لدي لأهرش كما نقول في مصر... وما يزال الله ينجزنا سبحانه ويهدينا لفضله الحمد لله...... أنا مشغول بالإعداد والتقديم لبرنامج أسبوعي معلن عنه في مجانين هو تحت العشرين كما أذكر أني قلت لك.... في ردي على مشاركتك، وليل نهار أفكر في منظور جديد ومبدع في طريقة تقديم الحلقات وأجدني في كل حلقة مضطرا لبسط أساليب التربية كما أفهمها من الإسلام إضافة لمعلوماتي العلمية في تخصصي الطب النفسي أو غيره من التخصصات الأخرى... وأنا سأعرض عليك هنا بعضا مما أطرح في ذلك البرنامج.
من أكثر ما يشغلني الآن مثلا تأمل آيات سورة لقمان الكريمة التي يعظ لقمان فيها ولده فيقول: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (لقمان: 18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (لقمان : 19 ) وهو يشير إلى ما قد تنتاب البالغ مشاعر الزهو والاستعراض والاعتزاز، وقد اشتدت قامة الفتى واخشن صوته وظهرت عضلاته واعرض منكباه فصار عريض المنكبين قويا هنا إنباء عما قد يكون عند بعض الشباب البالغين في مرحلة الإنضاج والتكوين أو مرحلة المراهقة وكيف يرد الحكيم لقمان عليه هذه آيات تحتاج دراسة ما تزال مني ومن غيري وإن كنت أعرف أن التربويين انتبهوا لها منذ أمد بعيد ودرستها ضمن مناهجي الدراسية –ولا أذكر.... لكن غالبا في السعودية- وشرحها لنا في الفصل والدي رحمة الله عليه وربما تداعت لرأسه أفكار تشبه ما يتداعى الآن في رأسي وربما لا العلم عند الله..... ولكنني ما أزال أراها بحاجة لبحث نفسي تربوي لاستكشاف ما في الآيات من معانٍ يجب أن نأخذ منها طريقة في التعامل معرفيا مع أولادنا في هذه المرحلة.
كذلك تشغلني ما أسميها المهمة الواجبة الغائبة إذ أن البلوغ في الإسلام هو النقطة الفاصلة بين عدم التكليف وبين بداية التكليف..... وبالرغم من ذلك فإننا كمجتمعات لا نعد أطفالنا لذلك ..... صحيح أن التصنيفات الوضعية تعتبر سن الرشد 18 بالنسبة للذكور لكن الإسلام له رأي مختلف والبلوغ هو المعيار.... طبعا تعدد المرجعيات يسبب مشكلات كثيرة.... فإذا قلنا أن البلوغ هو النقطة الفيصل فهل مؤسساتنا الاجتماعية تتعامل على هذا الأساس؟ بالطبع لا...
وأنا تهمني الأسرة بصورة خاصة فأسرنا تنتج مخلوقات اعتمادية بشكل غريب وكلما مرت السنوات زادت هذه الظاهرة وضوحا....... طبعا هناك حجة جاهزة هي تعقد الحياة المعاصرة وصعوبة عملية التعليم لكن للأسف هذه حجج باطلة لأنه مثلما تعقدت الحياة فقد زادت الوسائل التي يتعين علينا استغلالها للإعداد والتهيئة لكن نحن لا نستغلها مع الأسف!
وأرى أن أفضل المداخل للإعداد للبلوغ وللتكليف هو المدخل الديني.... مهم جدا أن نشرح للولد ماذا سيحدث في جسده من تغيرات وماذا تعني هذه التغيرات... وكيف أنه سيصبح مكلفا ؟ مهم جدا أن نربي في أولادنا منذ سنوات الطفولة مفهوم مراقبة المولى عز وجل... مثلا نقول للولد كلما وجدت نفسك وحدك تذكر أن الله سبحانه وتعالى يراك.... فإذا كبر الولد أو البنت وكبر معه ذلك المفهوم فإن الأمور ستكون أفضل كثيرا خاصة في الزمن الحالي الذي يثبت بامتياز فشل كل أساليب التربية القائمة على المنع والمراقبة المستمرة..... والتي تنقل للولد أو للبنت فكرة خاطئة مؤداها أن أهله هم المسئولون أمام الله... وليس هو! وذلك لأن الأهل يذكرون له دائما أن الله سيعاقبهم إن لم يحولوا بينه وبين المعصية!
فكرة إبعاد النار عن الكبريت أو البنزين فكرة للأسف لم تعد صالحة بأي حال من الأحوال –فضلا عن المصائب التي تنتج عنها- فإنها في زمن الفضاء المفتوح والإنترنت والموبايل فكرة فاشلة ماذا يمكن أن نمنع بالضبط؟؟؟ بصراحة ليس هناك في هذا الزمن تحديدا أسلوب أفضل من أسلوب استشعار وجود الله عز وجل والمسئولية أمامه.
ومن المهم جدا التنبيه لفخ يقع فيه كثير من الآباء والأمهات في هذه المرحلة بسبب اتخاذهم موقع المتحدث الرسمي باسم ربنا.... في الوقت اللي الولد ينظر لنا فيه ويشعر بنا كخانقين له ورافضين لكثير من احتياجاته... وفي الوقت الذي يكون فيه الولد ناقدا لتصرفاتنا وواعيا بالتناقضات بين ما نقول وما نفعل ككبار... ندعي نحن أننا نتحدث باسم الدين أو الشرع أو ربنا جل وعلا... فعندما نتصرف مع البالغ أو المراهق بهذا الشكل للأسف الشديد نحن دون أن ندري ندفع الولد أو البنت لكره الدين أو الشرع أو حتى كره ربنا سبحانه وتعالى!
ما رأيك أن أكتفي الآن بهذا.... فأنا يا مايا مشغول وموضوع التربية في الإسلام موضوع سيطول.. شكرا على مشاركتك الدؤوبة وأهلا بك دائما على مجانين.
اقرأ أيضاً :
قواعد الصحة النفسية للطفل(4) / حتى نعْدل إن عاقبنا / مفهوم اللغة في حياة الطفل