بول فرديناند شيلدر (Paul Ferdinand Schilder) (1886- 1940) أميركي من أصل نمسوي، اشتهر بدراساته الفصام، وفي تصدع الشخصية عموماً، كما في ازدواج الشخصية، وفي فقدان الشخصية depersonalization، وله بحوث في الحالات المرضية للجهاز العصبي، ومنها وصفه الكلاسي للمرض المعروف باسمه مرض شيلدر Schilder's disease، وهو التهاب في الدماغ حول المحوري المتناثر encephalitis periaxalis diffusa.
وكانت له قدرة عجيبة ومهارة يعتدّ بها على التخاطب والتواصل مع المرضى بالفصام، وقد جعله ذلك يقبل على دراسة شكل ومحتوى التفكير الفصامي، مستعيناً بالتحليل النفسي الفرويدي، وكانت النتيجة كتابه "الهذاء والمعرفة Wan uns Erkenntnis"، وهو تحليل مقارن لديناميات الفصام وعمليات التفكير البدائية. وأصدر كذلك "الرموز عند مرضى الفصام Symbols in Schizoprenics"، و"الشعور بالذات وبالشخصية Consiousess of One's Self and One's Personality".
وشيلدر تعلم وعلّم بجامعة فيينا، ودعاه أدولف ميير للعمل معه في الولايات المتحدة، وعيّن مديراً للقسم الطبي النفسي بإحدى مستشفيات نيويورك، وتزوج من الدكتورة لوريتا بندر التي شاركته الكثير من بحوثه، إلى أن توفاه الله في حادث سيارة وهو في الخامسة والأربعين. وكانت لكتاباته ردود فعل ضخمة، سواء عندما كان في النمسا أو في الولايات المتحدة، ومن ذلك كتابه [مقدمة في طب التحليل النفسي] (Introduction to a Psychoanalytic Psychiatry] (1928]، و[التنويم Hypnosis) [1927)، و[المخ والشخصية Brain and Personality] [1931]، و[الصورة والمظهر للجسم الإنساني The Image and Appearance of the Human Body] [1935]، و[الطب النفسي Psychotherapy] [1938]. وظهرت ثلاثة كتب بعد وفاته هي ((إسهامات في تطور الطب النفسي العصبي))، و((العقل: الإدراك الحسي والتفكير من جوانبهما البنائية))، و((أهداف ورغبات الإنسان)) (1942).
ومن أعماله الهامة تطوير مفهوم الصورة الجسمية، وجعله هذا المفهوم مدار سيكولوجية خاصة بالشخصية، وربطه لهذا المفهوم بمفاهيم فرويد في الأنا والنرجسية والليبيدو. وانتقد في كتاباته مفهوم فرويد في غريزة الموت، وحلل أحلام المرضى بالصرع وأثبت أنها تدور حول فكرة واحدة هي فكرة البعث أو الميلاد من جديد، وشرح سيكولوجية الهوس. ومنهجه رغم لجوئه إلى التحليل النفسي الكثير، هو منهج كلي يقوم على المواءمة بين النظرتين العضوية والنفسية، ولعل ذلك أظهر ما يكون عنده عندما يحاول تفسير الذهان العضوي بطريقة التحليل النفسي.
ولم يكن شيلدر على منهج فرويد تماماً، بل إنه كان أقرب إلى أدلر وسولفان وهورني والآخرين الذين أكدوا على تأثير البيئة عند تشخيص العصاب وفي علاجه، ولذلك فقد ذهب إلى التقليل من شأن الدوافع الغريزية والكبت اللا شعوري من أجل إبراز الجوانب الاجتماعية والثقافية في الإصابة بالأعراض العصابية. وأدى به هذا الاهتمام بالناحية الاجتماعية إلى الأخذ بالعلاج النفسي الجماعي لأنه أكثر إظهاراً لاتجاهات المريض نحو المثل العائلية ونحو صورته عن جسمه ومعتقداته الشخصية، واستحدث أمرين في العلاج، الأول أن يجيب المريض على استفسار مكتوب، وأن يكتب المريض سيرته الذاتية بطريقة التداعي الحر.
٠ نشرت في الشبكة العربية للعلوم النفسية (المصدر: المركز الرقمي للعلوم النفسية www.DCpsy.com).