الطفل هو "الرمز المكثّف" لماضينا وأفكارنا وعلاقتنا مع أنفسنا والآخر
فهو رمز للطفل في داخلنا وأيام طفولتنا
هو رمز لعلاقاتنا الأولى مع الأم والأب أولاً، ثم مع الإخوة والأقارب والمدرسة والحي، ثم مع الوطن عموما...
هو رمز للمستقبل القادم لآمالنا وأحلامنا
هو رمز لنظرتنا لأنفسنا، ورمز لنظرتنا للآخر
هو رمز لنظرتنا للكون من حولنا...
هو رمز لانتمائنا لأسرتنا وأرضنا ووطننا
بل هو رمز يذّكر بالإله الذي خلقه وصوّره
في الطفل تجتمع معاني الحياة بكل تفاصيلها بشكل مكثّف
كيف ولماذا يُقتل الطفل؟!؟
والجواب بناءا على ما سبق، يقتله لأن الطفل يجسد رمزا مؤلما لهذا القاتل:
فقد يكون يجسد طفولة معذبة محرومة جافة من الأحاسيس، تذكره بأبوين (أو من ينوب مقامهم) قساة ظلمة لا رحمة بهم، يجسد نظرة دونية عميقة جدا للآخر المختلف معه في المذهب أو العرق أو...
أو أنه يجسد نظرة استحقار رهيبة لنفسه ولجنس البشر عموما.
هو عداء معلن للإله ولكل شيء مقدّس عند البشر، يجسد "حالة اللاانتماء إلى شيء" وخاصة المكان الذي شهد طفولته "المقتولة"، قتله للطفل هو محاولة للتخلص من تلك الرموز البشعة في الماضي... وجسد هذا الطفل مسرحا لهذا القاتل، كما أنه محاولة لإجهاض مبكر وعنيف لأحلامنا نحن "الأحياء" في المستقبل.
كيف ولماذا يُذبح الطفل؟!؟
أما الذبح فهو قدرة أعلى ومهنية أكبر وتمرّس غير عادي للنفس على اقتراف هذه البشاعة أو الفظاعة اللامتناهية، يبقى مجرد إطلاق الرصاص على طفل أقل صعوبة على النفس من ذبحه، وقد يستطيعه إنسانٌ ما في لحظة طيش.
أما الذبح فلا أتوقع أبدا أن من يقوم بتلك الجريمة البشعة هي الأولى في حياته، بل هي الجريمة البشعة رقم 5 أو 7 على الأقل، و 100 أو 1000 لمن باتت مهنتهم ذبح الأطفال... فهذه الجريمة اللامتناهية البشاعة تحتاج نفس صاحبها إلى تدرّج في سلم الإجرام حتى ينحدر إلى هذا الحضيض.
هل لفكر أو فلسفة ما دور في تسهيل هذه الجريمة؟!؟
بكل تأكيد فلا يوجد سلوك إلا خلفه فكر، وفي كثير من الأحيان يكون ذو طابع ديني، لأنه يعطي التبرير الذي يبلسم ويخدر الضمير الممزق الكاركاتوري عند القاتل وخاصة في الذبح، وما ضميرنا إلا صناعة والدينا وإخوتنا ومدرستنا...، فتاريخ صناعة ضميرنا منذ طفولتنا.
ومن كانت طفولته مقتولة مغتصبة فسيكون ضميره ممزق، لا يحتاج إلا تبريرٌ ما لفعل تلك الفظاعة
"أن أذبح طفلا أفضل من يحيا شقيا بهذا الفكر"
"كلما قتلت أطفالا أو ذبحتهم تتقرب من إلهك أكثر"
لن يقتنع بهذا الفكر الضحل إلا أصحاب الطفولة المقتولة أو المشوّهة أي اللاطفولة، وليمارس هذا الفكر لا بد من تدريب ومهنية ممن هو أقدم منه في هذا الذبح.
(لم يكن طفلا، من يقتل الأطفال، ولم يصبح أبا لأحد. ليس بشرا من يقتل الصغار بالضغط على زر من بعيد. ولكن من يقتل طفلا بلمس اليد، وهو يرى رعبه بالعين ويسمع صراخه بأذنيه هو شيطان بالتأكيد) قول منسوب للدكتور عزمي بشارة
عندما يقتل أحدهم طفلا عمدا هي رسالة شديدة جدا وواضحة جدا لعمق رفضه للآخر وللتعايش معه، يقول له: حتى أطفالك لا أتحملهم ولا أتقبلهم، بل هم - فضلا عنك أنت - لا يستحقون الحياة... أنتم لا تستحقون المستقبل
مما سبق أقول:
إن أي منظومة تدعم هذه العمل وتسهل تطبيقه لهي خطر حقيقي على الوجود البشري جميعا.
إن ما حصل في الحولة/حمص في 25-5-2012 من ذبح للأطفال مع سكوت قادة المجتمع الدولي "المتحضر" لهو مؤشر خطير جدا وسبب مبرر لأي إنسان في أي مكان في العالم أن يخشى على حياته وحياة أطفاله إن استمر قتلة الأطفال بالعيش بيننا
أنقذوا سورية من قتلة الأطفال....... إنقاذها إنقاذٌ لكم
واقرأ أيضاً:
عن سوريا وأزمتها والمخاطر/ نظـرة في الطغيـان/ محور (إسرائيل ـ إيران) المفضوح في سوريا