عوامل انتشار الزواج العرفي
الفارق بين الزواج العرفي والزواج السري:
الزواج السري: نوع قديم من الزواج افترضه الفقهاء وبينوا معناه وتكلموا في حكمه، وقد أجمعوا على أن منه العقد الذي يتولاه الطرفان دون أن يحضر شهود ودون أن يعلن ودون أن يكتب في وثيقة رسمية ويعيش الزوجان في ظله مكتوماً لا يعرفه أحد من الناس سواهما.
وأجمعوا على أنه باطل لفقده شرط الصحة، وهو الشهادة فإذا حضره شهود وأطلقت حريتهما في الإخبار به لم يكن سراً وكان صحيحاً شرعاً، تترتب عليه أحكامه. أما إذا حضره الشهود وأخذ عليهم العهد بالكتمان، وعدم إشاعته والإخبار به فقد اختلف الفقهاء في صحته بعد أن أجمعوا على كراهته.
فرأت طائفة أن وجود الشهود يخرجه عن السرية، والشهادة وحدها تحقق العلانية، وإذن فلا تأثير في صحة العقد للتوصية بالكتمان، ويرى الأمام مالك وطائفة معه أن التوصية بالكتمان تسلب الشهادة روحها، القصد فيها وهو الإعلان الذي يضمن ثبوت الحقوق ويزيل الشبه، ويفصل في الوقت نفسه بين الحلال والحرام والشهادة التي تحقق الإعلان المقصود هي التي لم تقترن بالتوصية على الكتمان ومجرد العدد لا يزيل السرية، وكم من سر بين أربعة وبين عشرة لا تزول سريته مادام القوم قد تواصوا بها وبني العقد عليها.
ولعل المجالس الخاصة التي لا يعرفها اليوم أرباب الفجور المشترك من أوضح ما يدل على أن كثيراً ما يكون بين أكثر من اثنين فالزواج السري بنوعيه الذي لم يحضره شهود، أو حضروه مع التوجيه بالكتمان دائر بين البطلان والكراهية ويحمل عنوان الحرام.
الزواج العرفي: أما الزواج العرفي فهو الزواج الذي يكتب في الوثيقة الرسمية التي بيد المأذون وقد تصحبه توصية الشهود بالكتمان وبذلك يكون من الزواج السري الذي تكلمنا عنه وربما لا تصحبه توصية بالكتمان فيأخذ اسمه الخاص وهو الزواج العرفي وقد يعلم به غير الشهود من الأهل أو الأقارب والجيران وهو عقد استكمل الأركان والشروط المعتبرة شرعاً في صحة العقد وبه تثبت جميع الحقوق من حل الاتصال ومن وجوب النفقة على الرجل وجوب الطاعة على المرأة ونسب الأولاد من الرجل، وهو العقد الشرعي الذي كان معهودا عند المسلمين إلى عهد قريب وقد كان الضمير الإيماني كافيا عند الطرفين في الاعتراف به وفى القيام بحقوقه الشرعية على الوجه الذي يقضى به الشرع ويتطلبه الإيمان.
السر في اشتراط القانون توثيق عقد الزواج:
ظل الأمر كذلك بين المسلمين من مبدأ التشريع إلى أن رأى أولياء أمور المسلمين أن ميزان الإيمان في كثير من القلوب قد خف، وأن الضمير الإيماني في بعض الناس قد ذبل، فوجد من يدعي من الزوجين زوراً، ويعتمد في إثباتها على شهادة شهودهم من جنس المدعي، لا يتقون الله ولا يرعون الحق، فما تشعر به المرأة إلا وهي زوجة لمزور أراد إلباسها ثوب الزوجية وإخراجها من خدرها إلى بيته تحقيقاً لشهوته، أو كيداً لأسرتها، كما وجد من أنكره تخلصاً من حقوق الزوجية أو التماساً للحرية في التزوج بمن يشاء، ويعجز الطرف الآخر عن إثباته أمام القضاء وبذلك لا تصل الزوجة إلى حقها في النفقة، ولا يصل الزوج إلى حقه في الطاعة وقد يضيع نسب الأطفال ويلتصق بهم وبأمهم العار إلى الأبد فوق حرمانهم من حقوقهم فيما تركه الوالدان.
وقد رأى المشرع المصري.. حفظاً للأسس وصونا للحياة الزوجية والأعراض من هذا التلاعب أن دعاوى الزوجين لا تسمع إلا إذا كانت الزوجية ثابتة بورقة رسمية وبذلك التشريع صار الذين يقدمون على الزواج العرفي، ويلحقهم شيء من أثاره السيئة هم الذين يتحملون تبعات ما يتعرضون له، كما يتحملون إثم ضياع الأنساب للأولاد وحرمانهم الميراث عند الإنكار، وهم المسئولون عن تصرفاتهم أمام الله وأمام الناس.
انظر المدونة الكبرى جـ 4 ص 44 – 45
ويتبع: ............. شروط انعقاد الزواج العرفي
اقرأ ايضاً على مجانين :
محكمة الأسرة وروح القانون / نفسية المصريين : الزواج :أهم الاحتياجات العاطفية / الأبعاد النفسية للزواج ومشاكله في مصر / سر الخلافات الزوجية المتكررة