يعتقد الكثير من العلماء والباحثين أن الوليد الجديد لا يعلم إن كان ذكراً أم أنثى، ولا يتطور لديه الإحساس بالتذكر أو التأنث إلا عندما ينضج، لكنه يتلقى مشعرات وتلميحات خاصة للسلوك في الأشهر الأولى من عمره خاصة من قبل أمه. لقد أظهرت الأبحاث المتعلقة بالمواليد الجدد أن معظم الأمهات يعاملن الصبيان والفتيات بشكل مختلف من أول ساعات حياتهم. إن الطفل يعامل ويلاطف تبعاً للجنس الذي حدده الأهل، وهذا ينطبق على الثياب والطعام وكل نقاط السلوك والاتصال الأخرى.
إن الطفل صغير جداً بحيث تكون هذه التجارب والخبرات التعليمية غير مؤذية ولا تسبب أي صراعات، لكنها أول التجارب "البناءة" المقبولة بدون شك، وهي تشكل أساس وبدايات نواة الهوية التجنسية Core Gender Identity التي تمثل أول شعور بأن الإنسان ينتمي حقاً لجنسه التشريحي.
وعندما يكبر الطفل تصل إليه مواقف أكثر فأكثر تتعلق بما يعتبر سلوكاً تذكرياً أو تأنثياً وذلك لتعزيز السلوك المفروض على كل جنس. ويستمر هذا التلقين ويفرض تأثيراً كبيراً على الطفل النامي. إن الأهل يعلمون كل طفل السلوك المناسب لجنسه ويعكسون عليه توقعات مجتمعهم. ويقدم معظم الأهل للطفل المواقف المتوقعة منه بشكل كافٍ ومعتدل، ولذلك فإن القليل من الأطفال يعاني من مشاكل في التعرف على هويته التجنسية الصحيحة.
لكن هناك بالمقابل أهل يفشلون في إعطاء الطفل المشعرات الصحيحة، بل بالعكس يعاملون الطفل بطريقة لا تتناسب أبداً مع جنسه التشريحي. إن هذه الإشارات غير المناسبة تبدو كأوامر رسمية بالنسبة للطفل النامي وتشوش معرفته لهويته التجنسية الصحيحة. ويعتقد العلماء أنه أحياناً يكون التشوش شديداً بحيث يؤدي بالطفل إلى متلازمة تحول الجنس Transsexual ism ، وهي الشكل الأشد من اضطرابات التجنس. يعتقد هؤلاء الأشخاص أنهم من الجنس المعاكس لحقيقة جسمهم.
كمثال، قد يعتقد ذكر طبيعي تشريحياً أنه امرأة وُضعت في جسد رجل، إنه يطلب الإصلاح الجراحي والمعالجة الهرمونية ليصبح امرأة بقدر ما يمكن. رغم أنه ذكر جسدياً وقادر على تمييز ذكورته تشريحياً دون أن تشوه الأوهام هذا التمييز فإنه يملك هوية تجنسية تأنثية. والعكس صحيح في حالات تحول الجنس عند الأنثى والتي تشكل نسبة أقل بكثير.
التشخيص التفريقي Differential Diagnosis
إنّ لبس الذكر المتحول الجنس لثياب المرأة يجب ألا يختلط مع تحول الزي. فالذكر المتحول الجنس لا يشعر باستثارة جنسية فيتشية عندما يلبس ثياب المرأة كما يحدث مع متحول الزي. وكذلك فإن الهوية التجنسية للذكر المتحول الجنس تكون تأنثية، وكذلك يكون سلوكه للدور الجنسي تأنيثياً تماماً في المشي والحديث والحركات. إن تماثله مع النساء لا يحمل خوفاً أو غضباً كما يحمل الذكر الجنسي المثلي "المتأنث" أو ما يدعى (الجنوسي السلبي) في تقليده الكاريكاتوري ومحاكاته الاستعراضية للأنثى.
إن الذكر المتحول الجنس لا يشعر بمتعة جنسية في قضيبه ويتمنى أن يزال جراحياً ويحل مكانه مهبل ليكون قادراً على تحقيق جماع جنسي غيري مع رجال جنسيين غيريين وليسوا مثليين (جنوسيين). إن الذكر المتحول الجنس لا يعتبر نفسه جنسياً مثلياً (جنوسيا) بل امرأة تسعى لأن يحبها رجل كالنساء الأخريات.
في الحقيقة، إنه يشعر بالخجل من قضيبه ومظهره الذكري الذي يعتبره كريهاً بسبب تماثله التأنثي الكامل. وبالعكس تماماً فإن الفيتشيين ومتحولي الزي والذكور الجنسيين المثليين (الجنوسيين) الإجباريين يشعرون كلهم بالمتعة في قضيبهم، ولا يمكن لهم تحمل فكرة أن المرأة لا تملك قضيباً. قد يتخيلون أنفسهم أحياناً كنساء، لكنهم لا يتخيلون أبداً أن يصبحوا بدون قضيب. هؤلاء الأشخاص قد يصبحون نفاسيين أو ذهانيين أو يغمرهم الذنب بشأن جنسياتهم ولذلك قد يطلبون الاستئصال الجراحي للقضيب.
لكن على الطبيب هنا أن يكون حذراً في وضع التفريق الصحيح بين كل هذه الحالات من جهة وبين تحول الجنس من جهة أخرى، ويجب أن يدرك أن الجراحة مضاد استطباب مطلق لمتحولي الزي وكذلك للفيتيشيين وللذكور الجنسيين المثليين (الجنوسيين) الإجباريين.
وهنا أيضا يجب أن نطبق نفس النقاط التشخيصية على الأنثى المتحولة الجنس، التي تكون هويتها التجنسية تذكرية وسلوكها للدور الجنسي تذكرياً تماماً، ولا تبدي خوفاً أو غضباً في تماثلها مع الرجال، بينما تبدي الأنثى الجنسية المثلية (الجنوسية) "السفاحة butch" خوفاً أو غضباً حين تقلد وتحاكي الرجال. إن الأنثى المتحولة الجنس لا تشعر بمتعة جنسية في مهبلها، وتتمنى أن يتحول جراحياً إلى قضيب لتصبح قادرة على الجماع الجنسي الغيري مع امرأة جنسية غيرية لا مثلية (جنوسية). إن المرأة المتحولة الجنس لا تعتبر نفسها جنسية مثلية (جنوسية) بل رجلاً يريد أن تحبه امرأة طبيعية كرجل.
اسباب تحوُّل الجنس عند الذكر Etiology Of Male Transsexualism
رغم كل الأبحاث والدراسات المكثفة التي قام بها العلماء خاصة في النصف الثاني من القرن الماضي، بتقديري لا يزال هناك الكثير لنعرفه عن أسباب تحول الجنس.
لقد افترض بعض العلماء والباحثين وجود اضطراب هرموني أو حتى مورثي سابق للولادة، لكن هذا لم يثبت بشكل قاطع بعد. لقد كتب Robert Stoller كتاباً سماه الجنس والتجنس Sex and Gender وهو يقع في جزأين يبحث الأول منهما في تطور الذكر والتأنث ويبحث الثاني في تجربة تحول الجنس.
وتحدث في كتابه عن سلوك أهل المرضى المصابين بتحول الجنس. وبما أن عدد الذكور المتحولي الجنس أكثر من عدد الإناث، وبما أن Stoller كان قادراً على دراسة أهل الذكور أكثر من أهل الإناث، فإنني سأبدأ بذكر ملاحظاته عن أهل الذكور.
لقد درس Stoller العلاقة الخاصة بين الذكر المتحول الجنس وبين أمه، وذكر أن هذه الأم ـ رغم مظهرها التأنثي ـ كانت مدركة تماماً لشعورها بأنها حيادية (جنسياً) أكثر من كونها امرأة أنثى، ولربما كانت مصابة باكتئاب مزمن، ولم تكن تستمتع بالعلاقة الجنسية لذلك كانت نادراً ما تمارس الجنس. وعندما كانت طفلة كانت تلبس كالصبية وتلعب فقط مع الصبية. لقد فشلت تماماً في تأسيس أية علاقة صميمية مع الفتيات. لكن حدوث البلوغ جعلها ترفض سلوكها التذكري، على الأقل سطحياً. وفيما بعد عندما تصبح هذه المرأة أماً فإنها تختار أولادها الذكور، عادة الطفل الذكر "الجميل"، لتقدم له اهتماماً خاصاً ومميزاً.
لقد غمست نفسها في تماس قريب، وعادة جلد لجلد، مع هذا الطفل المختار وحاولت الاحتفاظ بهذا الاتحاد الجميل مع الطفل. لقد عاملت الطفل كامتداد لها مما أنشأ تعايشاً شديداً بين الأم والطفل. لكن مثل هذا التعايش لابد أن ينتهي ويؤدي لتماثل غامر شديد وباكر جداً للطفل بأمه. إن هذا يمنعه من تأسيس انفصال وتفرد حقيقيين عن الأم ويمنعه من تطوير هوية تجنسية تذكرية وسلوك الدور التذكري والتوجه الجنسي الغيري للنساء.
وهكذا فإن تأنث الذكر المتحول الجنس يبدأ بالتشكل من اليوم الأول للحياة ويتعلق برغبة الأم في جعله جزءاً جميلاً ورشيقاً من جسمها. إنها لا تجد جنسه التشريحي عائقاً في وجه سلوكها لجعل ابنها استمراراً لها، بل بالعكس، إنها ترحب بهذا لأن ابنها يمثل الذكورة والقضيب الثمين الذي طمحت إلى امتلاكه عندما كانت طفلة صغيرة. إنها تحول ابنها لا شعورياً إلى فتاة صغيرة بذلك تبقيه وقضيبه قريبين منها وتنتقم من كل الذكور.
وفوق ذلك فإن آباء هؤلاء الأولاد لم يقدموا أية مساعدة. لقد كانوا غائبين عن المنزل معظم الوقت، ورغم وجودهم الجسدي أحياناً فإن ابتعادهم وسلبيتهم العاطفية جعلتهم غائبين نفسياً، لذلك لم يقدموا أية صورة تذكرية ملائمة يستطيع أولادهم أن يتماثلوا معها ليتجاوزوا تماثلهم التأنثي غير الطبيعي مع الأم. ولم يتعرض هؤلاء الآباء على إلباس أولادهم أو معاملتهم كالفتيات، ولذلك لم يحموا أولادهم من سلوك الأم. إن نتيجة سلوك مثل هؤلاء الأهل يكون مدمراً، ويصبح الطفل غير قادر على تطوير هوية تجنسه تذكرية لأنه غير قادر على مقاومة تعايشه الممتع مع أمه، ذلك التعايش الذي لم يوقفه أحد، لا الأب ولا الأم.
بشكل عام، نتعامل مع الوالدية، خاصة الأمومة بهالة قدسية وكأنها شيء مقدس ممنوع التحدث عنه أو نحوه إلاّ بالتبجيل والحنان والعطاء والتفاني والقيم الفاضلة و... الخ، وهذا غير دقيق وكأن كل الأمهات والآباء يتصرفون بشكل جيد مع أولادهم، وكأن رابطة الدم تتجاوز أي نمط من إساءة السلوك من جانب الأهل.
لسوء الحظ على أرض الواقع نجد حالات وحقائق مختلفة، إذ نلاحظ في بعض الحالات أهل لا يتمنون الخير فعلاً لأبنائهم، وهناك أهل أقل ما يمكن أن يقال أنهم يستعملون ويستخدمون أطفالهم لأهداف غير مناسبة، ولا أبالغ إن قلت إنها تتعلق بأمراضهم النفسية، وشيء من هذا هو ما نجده في حالة أهل الذكر المتحول الجنس.
إن الأم تصنع الهوية التجنسية للطفل النامي بحيث تمنعه من أدنى اهتمام بقضيبه، وتطور لديه هوية تجنسية تأنثية لا يمكن أن تهتز. إن تاريخ هؤلاء الأشخاص يثبت أنهم في عمر الثالثة كانوا يلبسون كالإناث ويلحون على ذلك. إنهم يعدلون الثياب المتوفرة لديهم بحيث تبدو أنثوية إن لم تكن هذه الأخيرة متوفرة.
وأكثر من ذلك يصر هؤلاء الأولاد على الجلوس أثناء التبول! إن أهلهم لا يعارضون بجدية أبداً مثل هذا السلوك، وفي الحقيقة يعتبرونه "ظريفاً" حتى عندما يبدأ هؤلاء الأطفال بالتحدث عن أنفسهم كفتيات ويؤكدون اعتقادهم بأنهم سيكبرون ليصبحوا نساءً لا رجالاً وكنتيجة لذلك فإن الذكر المتحول الجنس يقدم لنا قصة تبدأ مع بدايات ذاكرته وتشير إلى أنه كان دائماً يعتبر نفسه أنثى رغم امتلاكه أعضاءً جنسية ذكرية.
أما متحول الزي فله قصة مخلفة تماماً في طفولته. إن التلميحات والمشعرات التي تلقاها أثناء أشهره الأولى وفي مرحلة اللاصراعات (أي قبل أن يصبح قادراً على فهم الذكورة والأنوثة) تختلف تماماً عن متحول الجنس. لقد عومل متحول الجنس كأنثى بشكل مطلق ودون الاهتمام بمظهره التشريحي، بينما عوامل متحول الزي كذكر بشكل أساس لكن بطريقة غامضة وعدائية أحياناً، لذلك صدع تذكره المتطور لكنه تثبت ورسخ مع ذلك. وربما شُجع في طفولته على ارتداء ملابس الفتيات من قبل أخت أو أم أو أية أنثى أخرى في محاولة لاذلاه ولإضعافه ومهاجمة تذكره، لكنه بقي محافظاً على هوية تجنسية تذكرية، رغم أنها بالتأكيد مليئة بالصراعات.
إن الفيتشية وتحول الزي قريبان من بعضهم كما أشرت سابقاً. إن الطفل ما قبل البلوغ، والذي سيصبح فيما بعد متحول الزي، قد يلبس ثياباً أنثوية وغالباً بعلم والدته، فإذا ما سُرت الأم باستمتاعه بهذه الثياب فإنها لن تعارض استعماله لها.
بطبيعة الحال إن مثل هذه الحادثة لن تتكرر كثيراً وبالتالي سيعتبر الطفل طبيعياً. لكن بعد البلوغ يرافق ارتداء ثياب النساء استثارة جنسية كبيرة مع انتصاب وممارسة للعادة السرية. إن هؤلاء المتحولي الزي الذين يلبسون قطعة أو اثنتين من ثياب النساء هم الأقرب للرجال الفيتشيين في سلوكهم. لكن العديد من متحولي الزي يلبسون ثياب المرأة كاملة ويحبون أن ينتحلوا شخصيتها، لذلك يظهرون سطحياً كمتحولي الجنس.
لكن متحول الزي، وبالعكس تماماً من متحول الجنس، يثار دائماً جنسياً بالتنكر كامرأة. إنه مدرك تماماً لكونه ذكر عندما يلبس كامرأة، لكنه يثار جنسياً بارتداء ملابسها. بالإضافة لذلك، إنه لا يستطيع أن يحتفظ بتخيله لنفسه كامرأة لفترة طويلة لذلك سرعان ما يفضح نفسه بحركات كشف هويته التذكرية. وعندما يلبس كرجل بشكل طبيعي يكون متذكراً تماماً في مظهره وتصرفاته، وينجذب نحو النساء. إنه لا يلبس ثياب النساء إلا بشكل متقطع عندما يقع في قبضة دافعة الذي يمكن أن نعتبره دافعا قهريا.
أسباب تحول الجنس عند الأنثى Etiology of Female Transsexeualism
لم يستطع Stoller وزملاؤه خلال سنوات عملهم المديدة في هذه المتلازمة أن يحددوا مجموعة سببية واضحة في أهل الإناث المتحولات الجنس، أي أم ذا نمط محدد وأب ذو نمط شخصية محدد.
لكن وجد Stoller العديد من أمهات الإناث المتحولات الجنس يبدون منسحبات ومكتئبات في الفترة الأولى من حياة بناتهن، ولا يقوم الآباء بدعم زوجاهم أو بتشجيع تأنث بناتهم، بل يشجعون فتاتهم الصغيرة على القيام ببعض واجباتهم كآباء وأزواج، وبذلك تبدأ هذه الفتاة الصغيرة بالشعور بأنها تحمي أمها، وتملؤها أفكار شعورية بأنها تعني بها كزوج، وتقوم بتطوير سلوك تذكري متزايد لا يعارضه الأب أو الأم.
برأيي حتى الآن لا نزال ننتظر أن يتم إثبات أو نفي هذه الموجودات البدئية وذلك من خلال الأبحاث والدراسات اللاحقة.
معالجة تحول الجنس Treatment of Transsexualism
لقد تحدثت عن الأهمية الحاسمة للتشخيص السليم وعن ضرورة التمييز بين تحول الجنس وتحول الزي والجنسانية المثلية (الجنوسة).
هذا الأمر صعب جداً في بعض الأحيان، إن لم يكن مستحيلاً، بسبب القصص المرضية المشوشة، وبسبب تشويه وسوء تقديم القصة من قبل المرضى الذين يطلبون جراحة تغيير الجنس لطيف واسع من الأسباب المختلفة، وكذلك بسبب حالات يكون هناك فيها مزيج حقيقي من هذه الملازمات.
من الواضح أنه لا ينصح بالجراحة إلا في الرجال الشديدي التأنث أو في النساء الشديدي التذكر، وبدون وجود حالات مختلطة، أي باختصار في الحالات التي يكون فيها تشخيص تحول الجنس أكيداً تماماً. لكن حتى في هذه الحالات، يجب البدء بمعالجة هرمونية مستمرة ومعالجة نفسية داعمة مع الحياة والعمل بدور الجنس الآخر وذلك قبل القيام بأي إجراء جراحي.
من المهم أيضاً أن نتذكر أن نسبة نجاح التداخلات الجراحية ليست متساوية في كل العمليات. لقد ساعدت التقنيات الجراحية الحديثة والمعالجة الأستروجينية المتطورة في إنجاح عمليات تنمية الثدي وخلق مهبل صنعي عند الذكور متحولي الجنس.
لكن كما أشار Stoller وآخرون فإن المهابل المصنعة ليست كلها ناجحة في عملها. وكقاعدة، فإن هذه المهابل قصيرة جداً وتميل للتقلص وحتى للانغلاق على نفسها إن لم تستعمل باستمرار، ولذلك قد يكون التوسع المتكرر ضرورياً، وغالباً ما ينزف المهبل المصنع أو يصاب بإنتان لاحق. لقد ذكر أيضاً النمو الزائد للنسيج الندبي الذي قد يكون خطراً بالإضافة لحدوث نواسير مهبلية مستقيمة والتهاب مثانة والتهاب إحليل.
بالنسبة للإناث المتحولات الجنس فإن المعالجة الأندروجينية يمكن أن تؤدي لظهور خصائص جنسية ثانوية ذكرية وبظر ضخم. ويمكن بعدها إجراء استئصال للثديين والرحم. لكن حتى الآن لم تنجح تماماً محاولات التصنيع الجراحي للقضيب عند هؤلاء الإناث، ويجب تحضير هؤلاء المرضى لتقبل هذه الحقيقة.
لقد علق Stoller وآخرون على عدم كفاءة دراسات المتابعة لهؤلاء المرضى من الناحية الكمية والكيفية. إن ما نعرفه حول المرضى الذين استفادوا فعلاً من هذه العمليات لا يزال قليلاً نسبياً، ذلك لأن الأشخاص الذين تنجح عملياتهم تماماً غالباً ما ينتقلون لأماكن جديدة ويؤسسون حياة جديدة ويندمجون بمجتمعاتهم، لذلك فهم لا يرغبون أن نذكرهم بماضيهم أو أن نشير إليهم كمتحولي جنس، وبالتالي فهم يضيعون على المتابعة. إننا أيضاً لا نعرف إلا القليل نسبياً عن الاختلاطات الجراحية والاختلاطات النفسية البعيدة لهؤلاء المرضى.
لقد قام Meyer و Reter في عيادة Johns Hopkins للهوية التجنسية بمتابعة 100 مريض بين عامي 1971 و 1979، بعضهم أخضع للجراحة والبعض الآخر لم يخضع، ورغم أن الأشخاص الذين خضعوا للجراحة لم يبدوا ندماً بل أظهروا تحسناً اجتماعياً وجنسياً تال لها، فقد استنتج الباحثان إن التحسن التالي للجراحة لا يخلف كثيراً عن التحسن الحادث في الأشخاص الذين لم يخضعوا للجراحة، ولم يأخذا في الحسبان التحسن الملحوظ الذي لاقاه المرضى بواسطة المعالجة الهرمونية والحياة بدور الجنس الآخر وذلك قبل إجراء الجراحة.
وبعد هذه الدارسة بفترة قصيرة أعلن رئيس قسم الجراحة في مشفى Johns Hopkins عدم إجراء أية جراحة لإعادة تحديد الجنس بعد الآن في مؤسسته.. بقي أن أقول إن كافة الدراسات والأبحاث التي جرت حتى نهاية القرن الماضي كانت متوافقة تقريبا مع النتائج التي توصل إليها Meyer و Reter.
من المهم أن أذكر أن الموجودات والاستنتاجات التي توصل إليها الباحثان Meyer و Reter يعتبرها بعض الباحثين والعلماء متناقضة ومشكوك بها لحد كبير، وقد انتقضها العديد من الباحثين بشدة لأسباب منهجية مختلفة. مهما يكن حتى لو ثبت تماماً أن عملية غير الجنس مفيدة جنسياً واجتماعياً لبعض المرضى المختارين بدقة، فإن علينا أن ندرك، كما قال Money: "إن عملية إعادة تحديد الجنس بحد ذاتها، مع الجراحة التي ترافقها، لا تحل كل مشاكل الحياة التي ترافق تشوش الهوية التجنسية".
لقد استطاع Stoller أن يتابع القليل من المرضى لعدة سنوات، ومن خلالهم ظهرت له المأساة الحقيقية لهذه المشكلة. حتى لو نجحت الجراحة وشعر المريض بارتياح نفسي كبير. فإن عليه أن يعيش حياته الجديدة في خوف مستمر من أن يكشف.
إذاً لمن عليه أن يمنح الحب الذي يسعى إليه؟ هل يستطيع أن يخبر شريكه الجنسي الغيري بالحقيقة ويستمر في العلاقة؟ وإن لم يخبره فكيف يستطيع العيش مع شعوره بأنه غير صادق مع الشخص الذي أحبه؟.
إن هؤلاء المرضى لا يتوهمون ولا يستطيعون ببساطة إنكار الماضي. فهل يستطيعون أن ينسوا تماماً أن حياتهم بدأت بجنس آخر وأنهم "في عمق هويتهم" يعلمون أنهم لا يزالون أفراداً في مجموعة الجنس التشريحي الذي ولدوا به؟. إحدى مرضى Stoller ، وهي أنثى منحرفة الجنس، حاولت الانتحار بعد أن عاشت وعملت كرجل بنجاح لعدة سنوات. وقد قالت تعليقاً على محاولتها للانتحار "لقد لبست كامل ثيابي لكن لا يوجد مكان أذهب إليه". على كل حال لا يزال هناك الكثير لنعرفه حول هذا الاضطراب الجنسي.
واقرأ أيضًا:
المتحولون جندريا : ظاهرة الألفية الثالثة (1-3)