اضطراب الهوية الجنسية Gender identity disorder
مقدمـــــة Introduction
تباين الجنس ذكر وأنثى من ضروريات الحياة، وهام جداً للتكافؤ والحفاظ على النوع واستمرارية الحياة على وجه الأرض، وفي كل المخلوقات نجد العضو الذكر والعضو المؤنث وهذا حتى تستقيم حياة كل المخلوقات.
قال تعالى في كتابه العزيز "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات:13).
ولوحظ أن العلماء اهتموا بالجنس ووصفوا مراحل النمو بدقة، واهتموا اهتماماً شديداً بالهوية الجنسية Gender identity.. كما بينا في مقدمة هذا الباب (الطب النفسي الجنسي).
الهوية الجنسية بصورة مبسطة هي أن يعرف الطفل أو الشخص أنه ذكر أو أنثى، وينتمي لجنسه في الشكل والمضمون قلباً وقالباً، فنحن نؤكد على أهمية مرحلة الطفولة في حياة الفرد وذلك للتعرف على الهوية الجنسية وتأثير تلك المرحلة فيما بعد في دوافع وسلوكيات الفرد “Instinct model”، مع أهمية تناول مراحل النمو والتطور عند الطفل ونؤكد على أهمية معرفة الطفل لجنسه.
أنا ولد ذكر XY أرتدي ملابس الذكور، ألعب مع الأولاد الذكور، أميل لأمي أكثر من أبي، ومثلي وقدوتي أبي.
أنا بنت أنثى XX أرتدي فساتين الإناث، ألعب مع الإناث، أميل إلى أبي، ومثلي الأعلى أمي.
النقاط التشخيصية للاضطراب كما ورد في جمعية الطب النفسي DSM IV:
اضطرابات الهوية الجنسية
أ. تماهٍ شديد ومستديم بالجنس الآخر (وليس مجرد رغبة بأية مزايا ثقافية مفهومة لأن يكون المرء من الجنس الآخر).. يظهر الاضطراب عند الأطفال بأربعة أو أكثر من المظاهر التالية:
1. رغبة يُكرر التصريح عنها، أو إصرار على أن يكون أو تكون من الجنس الآخر.
2. عند الصبيان: تفضيل ارتداء ملابس الجنس الآخر أو تقليد الزي الأنثوي.
عند البنات: الإصرار على ارتداء الملابس الذكورية النمط فقط.
3. تفضيلات شديدة ومستديمة للعب أدوار الجنس الآخر في الألعاب الخيالية أو التخيلات المستمرة لأن يكون من الجنس الآخر.
4. رغبة شديدة بالمشاركة في الألعاب النمطية وتسالي الجنس الآخر.
5. تفضيل رفاق اللعب من الجنس الآخر.
يتظاهر الاضطراب عند المراهقين والبالغين بأعراض مثل الرغبة الصريحة في أن يكونوا من الجنس الآخر، أو محاولات متكررة للتنقل بوصفهم من الجنس الآخر، أو الرغبة في أن يعيشوا أو يعاملوا على أنهم من الجنس الآخر، أو القناعة بأن لديهم مشاعر نموذجية وردود أفعال الجنس الآخر.
ب. انزعاج مستديم من جنسه أو الإحساس بعدم ملاءمته في الدور الجنسي لجنسه الفعلي.
يظهر الاضطراب عند الأطفال بأي من المظاهر التالية:
عند الصبي: الإصرار على أن القضيب أو الخصيتين مقززة أو أنها ستختفي، أو الإصرار على أنه من الأفضل عدم امتلاك قضيب، أو النفور من الألعاب الخشنة ورفض الألعاب والأنشطة الذكرية النمطية.
عند البنات: رفض التبول في وضعية الجلوس، أو الإصرار بأنه سينمو لديها قضيب، أو الإصرار أنها لا تريد أن ينمو ثدياها أو أن تحيض، أو نفور صريح من اللباس النسوي المعهود، ودائماً ما تجلس جلسة الأولاد الذكور منفرجة الساقين.
يظهر الاضطراب عند المراهق والبالغ بأعراض كالانشغال بالتخلص من الخصائص الجنسية الأولية والثانوية مثل:
1. التماس الهرمونات أو الجراحة أو إجراءات أخرى لتبديل الخصائص الجنسية مادياً من أجل محاكاة الجنس الآخر، أو الاعتقاد بأنه قد ولد ضمن الجنس الخطأ.
ج. لا يتوافق الاضطراب مع حالة خنثوية جسدية.
د. يسبب الاضطراب اختلالاً في الأداء الاجتماعي أو المهني أو الأكاديمي.
اضطراب الهوية الجنسية وفقًا للمرحلة العمرية
1. اضطراب الهوية الجنسية عند الأطفال.
2. اضطراب الهوية الجنسية عند المراهقين أو البالغين.
وأيضاً يحدد إذا كان للأشخاص الناضجين جنسياً:
* منجذب جنسياً إلى الذكور.
* منجذب جنسياً إلى الإناث.
* منجذب جنسياً إلى الاثنين.
* غير منجذب جنسياً لأي منهما.
الإحصاء Epidemiology:
وجد أن حدوث هذا الاضطراب في الأطفال يحدث في المراحل المبكرة للطفولة عند سن دخول المدرسة، فنجد الآباء يشكون من أن حدوث تبادل سلوكيات الهوية الجنسية في الأطفال تكون واضحة غالباً قبل سن 3 سنوات، وهذا السن الطبيعي الذي يبدأ فيه الطفل في التعرف على نوعه إن كان ذكراً أم أنثى.
ولوحظ أن الأطفال الذكور عند سن 12 سنة حوالي 10% منهم يعانون من الرغبة في الجنس الآخر، وبالنسبة للإناث حوالي 5%، ونجد هذا الاضطراب بالنسبة للأطفال حوالي 4 – 5 ولد لكل بنت، وبالنسبة لحدوث هذا الاضطراب في البالغين:
من أدق الإحصائيات على مستوى العالم، مع مراعاة أن المجتمع الغربي يختلف عن المجتمع الشرقي في عاداته وتقاليده:
معدل الانتشار في الذكور 1 : 30000 لـ 1 : 100000 الإناث.
معظم المراكز الطبية تفيد بأن 3 – 5 رجل يعاني من الاضطراب لكل سيدة، ولوحظ أيضاً أن معظم البالغين الذين عانوا هذا الاضطراب عانوه من الطفولة.
الأسبـــــــــــاب Etiology:
1. العوامل البيولوجية:
إن هرمون الأندروجين يلعب دوراً أساسياً في تشكيل الجنس وتحديد نوعه، فهو مهم لنمو الخصيتين، كما هو مهم جداً كروموسوم Y .
إن بعض الهرمونات Sex steroid المسؤولة عن التعبير عن السلوك الجنسي في الذكر والأنثى، فنجد هرمون التستوستيرون هو المسؤول عن زيادة إحساس النشوة والرغبة الجنسية في المرأة، أما الإستروجين فهو يقلل هذا الإحساس عند الرجل.. ولكن الملامح الخاصة بالهوية الجنسية عند الرجل أو السيدة ترتبط بشدة بأحداث الحياة المحيطة والبيئة المحيطة بالطفل بعد الولادة.
2. العوامل النفس اجتماعية Psychosocial factors
من المهم أن نعي جيداً أن الهوية الجنسية تنمو عادة عند الطفل منذ الصغر ومن خلال طريقة الرعاية والتربية على أنه ولد أم بنت، فالهوية الجنسية تعتمد على التفاعل بين إحساس الطفل بنفسه والرعاية المقدمة من قبل الوالدين.
منذ قديم الأزل نجد الطفل الولد يلعب الألعاب الخشنة أما البنات فتلعب بالعروسة، ولكن لوحظ في الأعوام السابقة تداخل الاهتمامات النوعية، فبعض الذكور يتعاملون بما يشبه طريقة الإناث في التعامل (الرقة والنعومة)، وبعض الإناث يتعاملن (بخشونة وعنف) وذلك في مواقف لا تستدعي ذلك..
والمحلل النفسي يعتقد أن هناك علاقة بين مشاكل الهوية الجنسية والصراعات الداخلية نتيجة تجارب تُظهر أن هناك ما يتعارض مع حب الطفل للجنس الآخر فمثلاً:
الولد (ذكر) يميل إلى أمه (أنثى)، والبنت (أنثى) تميل إلى الوالد (ذكر)
علاقة الأب والأم تفاهم وارتباط وحب، ويمثل الأب بالنسبة للبنت الحماية والقوة.. بينما تمثل الأم للولد الحب والعطف والحنان.
هذا يحدث في مرحلة معينة (3 – 6 سنوات) وخلال هذه المرحلة نجد أن الطفل يتحسس العضو الذكري ويعاقبه الآباء على ذلك بالرغم من أن هذا طبيعي، من الطبيعي أن يتحسس الطفل جسده ويعرف إذا كان ذكراً أم أنثى.
إن مدى قوة العلاقة بين الأم والطفل خلال المراحل الأولى من الطفولة مهمة جداً في تدعيم وبناء الهوية الجنسية، فالأم تسهل طبيعياً مدى انتباه الطفل لهويته الجنسية.. فمثلاً يمكن من خلال علاقة الأم بأطفالها أن ينتبه الطفل أنه أكثر أهمية إذا كان ذكر أو العكس إذا كان أنثى، ويمكن أن تتزايد مشاكل الهوية الجنسية عند الطفل في حالة غياب الأم أو وفاتها فيحاكي الطفل شخصية أمه وذلك يقوم باستبدال دورها، وأيضاً لا نستطيع إغفال دور الأب وأهميته في حياة الطفل.
التشخيص والملامح الإكلينيكية Diagnosis and clinical features
0 إن تشخيص اضطراب الهوية الجنسية ينقسم إلى مجموعتين:
1. cross gender identification
2. Discomfort with assigned gerder role
0 تفضيل ارتداء ملابس الجنس الآخر.
0 الرغبة الشديدة في المشاركة في الألعاب النمطية للجنس الآخر.
0 تفضيل رفاق اللعب من الجنس الآخر.
0 الرغبة المتكررة في الانتماء للجنس الآخر.
0 تفضيل لعب أدوار الجنس الآخر حيث يلعب الأولاد أدوار البنات (عروسة مثلاً) وتلعب البنات أدوار رجال (عريس مثلاً).
اضطراب الهوية الجنسية في الأطفال
هناك تجاوزات في اضطراب الهوية الجنسية في الأطفال، فالبرغم من أن بعض الأطفال الذكور الذين نشأوا في بيئة متوازنة يتعاملون بطريقة أنثوية أكثر من أنوثة البنات، والأطفال الإناث اللائي نشأن في بيئة متوازنة يتعاملن بخشونة وسلوك ذكوري أكثر من الذكور.
بالنسبة للإناث، ترفض البنت التبول في وضعية الجلوس، وتصر على أنه سيكون لديها قضيب، وترفض الإحاضة أو أن ينمو ثدياها. أما الذكور فينشغلون بالأنشطة النمطية للبنات، فيفضلون ارتداء ملابس الإناث ويشاركون في ألعاب الإناث.
مفارقات التشخيص في الأطفال:
1. البنت المسترجلة Tom boys with gender identity disorder
في البنات لا يوجد مشكلة بالنسبة لارتداء ملابس البنات بصورة وظيفية على العكس في بنات اضطراب الهوية الجنسية اللواتي يرفضن ارتداء ملابس الإناث، وفي التشخيص لا بد أن نستبعد أن البنت فقط مسترجلة شكلاً.
2. مخنث الهيرمافرودايت Anatomical intersex
اضطراب الهوية الجنسية في البالغين والمراهقين
تتشابه الأعراض والعلامات للاضطراب في البالغين والمراهقين في صورة رغبة الفرد أن يعيش أو يعامل كالجنس الآخر، وبعضهم يعتقد أنهم ولدوا في الجنس الخطأ.. فمثلاً نجد بعض منهم يقولون (أنا ست "سيدة" بس في قالب رجل) أو (أنا رجل بس في قالب ست "سيدة").
نجد أن بعضاً منهم يلجأ إلى العمليات الجراحية لتغيير المظهر الخارجي. تلجأ بعض الفتيات إلى إخفاء الثدي بقطع من الملابس الضيقة جداً أو أحياناً باستعمال ما يسمى بالـ "كورسيه"، وأنا بنفسي رأيت فتاة أحضرها أهلها للعيادة وقد وضعت شارباً مستعاراً وأقامت علاقات عاطفية مع كل بنات الحي الذي تسكن فيه بصفتها ولد.
حلاقة الشعر مثل الأولاد تماماً.
ينشغل الفرد بتغيير الملامح الأولية والثانوية للجنس واكتساب الملامح الجنسية للجنس الآخر المرغوب فيه.
اضطراب الهوية الجنسية أكثر حدوثًا في الرجل عنه في المرأة فمثلاً نجد 1 : 30000 للرجال ، 1 : 100000 للنساء.
حالــــــــــة
سيدة عمرها 27 سنة اشتكت من الآتي:
1. بأنها تشعر منذ الطفولة أنها مختلفة عن باقي البنات.
2. أنها كانت لا تعرف مصدر هذا الإحساس بالاختلاف.
3. كانت تستمتع باللعب مع الأولاد مثل الرياضة والكرة.
4. تفضل ارتداء الملابس التي تشبه ملابس الأولاد الذكور أو الملابس التي لا يغلب عليها الطابع الأنثوي.
5. العديد من الناس قالوا عنها (بنت مسترجلة).
6. لديها رغبة دائمة في إخفاء ثدييها وارتداء الملابس الفضفاضة.
7. بدأت تنجذب في آخر عشر سنوات جنسياً للسيدات ولكن أيضاً لم تشعر براحة فهي تشعر بأنها رجل.
8. غيرت اسمها إلى اسم رجل وأخذت هرمون إندروجين وبدأت تعيش الحياة كرجل.
المسار والتوقع Course and prognosis
1. في الأطفال:
هذا الاضطراب يحدث في الأطفال الذكور ما قبل سن 4 سنوات، والإناث الأكثر حداثة في السن.
ويحدث في الشواذ جنسيًا Homosexuality 1/3 : 2/3
2. في البالغين:
الاضطراب يبدأ من سن الطفولة حيث يشعر الشخص بعدم الراحة، والضيق من الهوية الجنسية الحالية.
2/3 من الحالات الرجال الذين يعانون اضطراب الهوية الجنسية ينجذبون جنسياً إلى الأشخاص من نفس الجنس، أما اضطراب الهوية الجنسية في الرجال الذين ينجذبون جنسياً إلى النساء يكون أقل حدوثاً.
يكون غالباً المسار في هذه الحالات مستمر.
ويتبع>>>>>>>: اضطراب الهوية الجنسية (2)
نقلاً عن موقع الدكتور محمد شريف سالم
اقرأ أيضاً:
خلل الهوية الجنسية Gender Disorders / المتحولون جندريا : ظاهرة الألفية الثالثة3