ماذا تعني الثورتان: التونسية، والمصرية، بالنسبة للشعوب؟.....2
إهداء إلـى:
ـ كل من ساهم في حركة الشعوب، في البلاد العربية، ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ الشعوب، في البلاد العربية، التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
ـ إلى الشعبين العظيمين: في تونس، وفي مصر، الحريصين على الذهاب بثورتهما إلى أن تتحقق كل طموحاتهما.
ـ من أجل أن تستمر الثورة في البلاد العربية، حتى يتم القضاء على معاقل الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ من أجل الرفع من وتيرة تعبئة الشعوب، حتى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
مفهوم الثورة:.....2
4) بناء اقتصاد وطني، متحرر من الارتباط بالرأسمال الأجنبي، عن طريق المؤسسات المالية الدولية، وعن طريق تحكم الشركات العابرة للقارات فيه، وعن طريق إملاءات الدول الرأسمالية العالمية.
فتحرر الاقتصاد الوطني من الرأسمالية العالمية، ومن مؤسساتها المالية، ومن شركاتها العبارة للقارات، يقتضي من دولة الشعب، المترتبة عن انجاز الثورة:
أ ـ دعم، وتشجيع قطاع الإنتاج العمومي، الذي تعود ملكيته للشعب، والذي يشمل القطاعات الأساسية: الصناعية / الخدماتية، والزراعية، والتجارية، التي تعمل على خدمة مصالح الشعب، عن طريق تلبية حاجيات السوق الأساسية، والضرورية، التي يحتاج إليها المواطن في كل مجالات الحياة، حتى لا يضطر إلى استهلاك البضائع المهربة، والتي تهدف إلى ضرب جودة، ومصداقية الإنتاج الوطني.
ب ـ دعم، وتشجيع القطاعات الخدماتية في التعليم، والصحة، والسكن، والسياحة، وغيرها، مما تعود ملكيته إلى الشعب، حتى تقوم بدورها، كاملا، في تقديم الخدمات المجانية، وغير المجانية، لجميع أفراد الشعب، من أجل تجنيبهم السقوط في متاهات الاستغلال الهمجي، الذي تتعرض له قطاعات عريضة من الشعب، لصالح الشركات العابرة للقارات، ولصالح المؤسسات المالية، ولصالح النظام الرأسمالي العالمي، ولصالح الوسطاء، في نفس الوقت.
ج ـ دعم المقاولات الصغرى، والمتوسطة، الساعية إلى خدمة الاقتصاد الوطني المتحرر، سواء تعلق الأمر بالمقاولات الصناعية، أو الزراعية، أو التجارية، نظرا لدور هذه المقاولات في عملية التشغيل، وفي رفع مستوى الإنتاج الوطني، وفي جودة هذا الإنتاج، وفي الاستجابة لحاجيات السوق الداخلية، التي تغني دولة الشعب، عن استيراد البضائع لصالح الشعب، مما يغنيها عن إهدار أموال الشعب، في أمور لا يستفيد منها إلا الرأسمال الأجنبي .
د ـ ترشيد النفقات، حتى لا تصرف أموال الشعب، إلا في الأمور التي تعيد الشعب، في تشغيل العاطلين، والمعطلين، وتقديم الخدمات العمومية، ودعم المقاولات الصغرى، والمتوسطة، ومحاربة النفقات التي لا داعي لها، وتوظيف قيمتها في إيجاد التجهيزات الأساسية، المساعدة على قيام نمو اقتصادي، واجتماعي، وثقافي.
هـ ـ استثمار فائض النفقات، في إيجاد مشاريع اقتصادية، واجتماعية، تساهم في رفع وثيرة النمو الاقتصادي، والاجتماعي، وتساعد على التطور المادي، والمعنوي، وتدعم الملكية العامة للشعب، بما يحقق الرفاهية لجميع أفراده، دون تحول تلك الرفاهية الى وسيلة لتبذير الثروات، في أمور تتناقض مع الطبيعة الإنسانية للـــشعب.
و ـ الحرص على أن لا يتسرب الفساد إلى الاقتصاد الوطني المتحرر، حتى لا يتحول إلى اقتصاد منخور وغير قادر، على مواجهة حاجيات، ومتطلبات الشعب، وذلك عن طريق المراقبة الصارمة، لسير مختلف المؤسسات الاقتصادية: الصناعية، والتجارية، والزراعية، والخدماتية، ولسيرها العادي، ومحاسبة المسؤولين عنها، والعمل على اتخاذ الإجراءات الضرورية، في حق كل من أخل بالمسؤولية تجاه المؤسسة، التي يشرف عليها، وتجاه دولة الشعب، وتجاه الشعب في نفس الوقت، وتفعيل القوانين الضرورية لأجل ذلك.
وخلاصة ما رأينا، فإن بناء اقتصاد وطني متحرر، يقتضي دعم، وتشجيع قطاع الإنتاج العمومي، الذي تعود ملكيته للشعب، ودعم، وتشجيع القطاعات الخدماتية، ودعم المقاولات الصغرى، والمتوسطة، وترشيد النفقات، واستثمار فائض النفقات، في إيجاد مشاريع اقتصادية، وخدماتية، والحرص على أن يتسرب الفساد الى الاقتصاد الوطني، في قطاعه العمومي. وهذه الخلاصة، توحي بان اقتصاد الثورة، يرتكز أساسا على ملكية الشعب للمؤسسات الإنتاجية، والخدماتية الكبرى، دون القطع مع اقتصاد المقاولات الصغرى، والمتوسطة، من أجل إعطاء فرصة لأن يقوم القطاع الخاص بدوره كاملا، في اتجاه إحداث حركة اقتصادية معينة في المجتمع، دون أن يتحول إلى وسيلة للهجوم على ملكية الشعب لوسائل الإنتاج الأساسية، ودون أن تتحول المقاولات الصغرى، والمتوسطة، إلى مقاولات كبرى، تنافس المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، التي يملكها الشعب المغربي.
5) إيجاد ثقافة وطنية متحررة، ومتقدمة، ومتطورة، ومساهمة في إنتاج القيم الإنسانية، المناسبة لما بعد الثورة، حتى تقوم بدورها كاملا، في بناء منظومة القيم الجديدة، المناقضة لقيم ما قبل الثورة.
والثقافة الوطنية المتحررة، لا يمكنها أن تكون كذلك، إلا إذا كانت:
ا ـ ثقافة ديمقراطية، متفاعلة مع مختلف القيم الثقافية، القائمة في المجتمع، حتى تمتلك القدرة على إنتاج القيم المتطورة، والمنسجمة مع الواقع الجديد، من أجل أن ترسخ الممارسة الديمقراطية، في الملكية الفردية، والجماعية.
ب ـ ثقافة حقوقية، متفاعلة مع المواثيق الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع ما يجري في الواقع، من أجل مناهضة ما يتناقض مع المواثيق المذكورة، وعاملة على تنمية ما يتلاءم معها، سعيا إلى قيامها بترسيخ احترام حقوق الإنسان، من خلال إنتاج الملكية الفردية، والجماعية.
ج ـ ثقافة تقدمية، تسعى إلى ترسيخ قيم التقدم، والتطور، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يتأتى للمجتمع البشري أن يعيش عصره، في البلد التي تتحقق فيه الثورة، كما هو الشأن بالنسبة لتونس، ومصر، وفي أي بلد آخر، يتحقق فيه تغيير ثوري معين، في مرحلة معينة.
د ـ ثقافة جماهيرية، تسعى إلى الرقي بالقيم الجماهيرية المشتركة، حتى تصير تلك القيم، مقاومة للتخلف، في تجلياته المختلفة، ومناهضة للفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في ملكية الأفراد، والجماعات، على حد سواء، ومرسخة للرغبة في مقاومة الفساد المتعدد الأوجه، والمظاهر، سعيا إلى تخلص المجتمع في عصر الثورة، من مظاهر الفساد المختلفة.
هـ ـ ثقافة مستقلة عن الدولة، وعن الأحزاب، والتوجهات التي تحاول أن ترسخ في المجتمع قيما معينة، تتناسب مع سعيها إلى السيطرة على المجتمع، وعلى ملكياته الفردية، والجماعية، حتى ينساق وراءه، في أفق السيطرة عليه. ذلك أن استقلالية القيم، تعتبر مسالة أساسية بالنسبة للشعب، بعد تحقيق الثورة، حتى يستطيع أن يكون متحررا، وديمقراطيا، ومتقدما، وقادرا على اتخاذ القرار، وتنفيذه، وساعيا إلى أن يكون اختياره حرا، ونزيها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتقرير مصيره.
و ـ ثقافة إنسانية، منطبعة بالعمل على تحقيق سمو الإنسان، من خلال الحرص على احترام حقوقه المختلفة، وتمكينه من التوزيع العادل للثروة الوطنية، وإتاحة الفرصة أمامه، من اجل تمكينه من المساهمة في تدبير الشأن العام، من خلال وصوله الى المؤسسات المنتخبة، انتخابا حرا، ونزيها، على مستوى الجماعات المحلية، وعلى مستوى البرلمان، أو على مستوى الحكومة، سواء تعلق الأمر بالتقرير، أو التنفيذ. ذلك أن احترام إنسانية الإنسان، تعتبر مسالة أساسية، بالنسبة للثقافة ذات البعد الإنساني، كنتيجة للسعي المتواصل، إلى ترسيخ القيم الإنسانية، في الملكية الفردية، والجماعية.
ومن خلال اعتبار الثقافة الوطنية المتحررة، ثقافة ديمقراطية، وثقافة حقوقية، وثقافة تقدمية، وثقافة جماهيرية، وثقافة مستقلة، وثقافة إنسانية، لتصير هذه الثقافة مصدرا للتقدم، وللتطور، والتفاعل المنتج مع الواقع، في تجلياته المختلفة، من أجل إغنائه بقيم جديدة، تنسجم مع طبيعة التحولات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي ترفع شان الإنسان، وتجعله محور الكون في هذا الوجود.