إهـــــداء إلـــــــى:
ـ كل من ساهم في حركة الشعوب، في البلاد العربية، ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ الشعوب، في البلاد العربية، التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
ـ إلى الشعبين العظيمين: في تونس، وفي مصر، الحريصين على الذهاب بثورتهما إلى أن تتحقق كل طموحاتهما.
ـ من أجل أن تستمر الثورة في البلاد العربية، حتى يتم القضاء على معاقل الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ من أجل الرفع من وتيرة تعبئة الشعوب، حتى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
بين ثورة الطبقة وثورة الشعب:.....9
وثورة الشعب، بتحقيقها للأهداف المذكورة، والتي لم تذكر، لا يمكن أن تحل محل ثورة الطبقة. وكل ما تفعله، أنها تعمل على إنضاج شروط قيام صراع طبقي حقيقي، بين الطبقات الممارس للاستغلال، والمستفيدين منه، وبين الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
فثورة الشعب ذات طابع عام، تعمل على نفي الحكام الذين تحملوا مسؤولية الحكم، بعد خروج الاحتلال الأجنبي، لتقيم دولة الاستقلال الفعلي. ولذلك، فهي ليست ثورة الطبقة، التي تأتي في إطار الصراع القائم بين الطبقات الممارسة للاستغلال، والمستفيدة منه من جهة، والطبقات التي يمارس عليها الاستغلال من جهة أخرى. أي بين مالكي وسائل الإنتاج، ومن يدور في فلكهم من جهة، وبين العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من جهة أخرى. ومادامت ثورة الشعب ليست هي ثورة الطبقة، فإن مهمتها تنتهي، بمجرد تحقيق أهدافها المرسومة، والتي أتينا على ذكر بعضها، والتي تتوج بقيام دولة الشعب، باعتبارها دولة وطنية مدنية ديمقراطية علمانية، ودولة المؤسسات، ودولة الحق والقانون.
ودولة الشعب ليست دولة طبقة معينة، بقدر ما هي دولة جميع الطبقات، التي يجب أن لا تتحيز لأية طبقة، بقدر ما هي تحرص على أن تصير دولة تعمل على تمتيع جميع أفراد الشعب بجميع الحقوق، ودولة تحرص على تطبيق القانون في بعده الوطني، وفي بعده الدولي، وفي بعده الإنساني. وفي إطار هذه الدولة، يجري الصراع بين الطبقات القائمة في الواقع، والذي يتخذ أبعادا إيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، واقتصادية، وثقافية، وطبقا لما هو منصوص عليه في القانون، في أبعاده المذكورة. هذا الصراع الذي قد يصل في مرحلة معينة، عندما تنضج الشروط، إلى القيام بثورة عمالية، ضد مالكي وسائل الإنتاج، من أجل تحويل تلك الملكية، إلى ملكية جماعية. ومادام العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يشكلون الأغلبية، فإن على دولة الشعب، أن تخضع لثورة الأغلبية، وتعمل على تحويل الملكية الفردية، إلى ملكية جماعية.
وهكذا، يتبين لنا أن ثورة الشعب، ليست هي ثورة الطبقة، ولا تتناقض معها، ولا تنفيها، بقدر ما هي تعمل على إنضاج شروط قيام صراع طبقي حقيقي، قد يتحول في يوم ما، إلى ثورة الطبقة، الساعية إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، بدل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، كما هو الشأن بالنسبة لثورة الشعب. فثورة الشعب ذات طابع عام، وثورة الطبقة ذات طابع خاص، وكلاهما يسعى إلى تحقيق كرامة الإنسان، التي تعتبر غير كاملة، فيما تحققه ثورة الشعب، وكاملة في ثورة الطبقة، التي يقودها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
والفرق بين ثورة الطبقة، وثورة الشعب، يتمثل في:
1) أن ثورة الطبقة، تخوض صراعا إيديولوجيا، وإذا كانت هذه الطبقة هي الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، التي تقتنع بالإيديولوجية القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، فإنها تخوض صراعا إيديولوجيا، ضد إيديولوجية الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للكادحين، بينما نجد أن ثورة الشعب، لا إيديولوجية لها، حتى وإن كانت لمكوناتها منطقات إيديولوجية معينة، لأنها ثورة الشعب بأكمله، ضد الحكام الذين ينهبون ثروة الشعب، وبقوة الحديد والنار، سعيا إلى التخلص منهم، والتفرغ إلى بناء دولة الشعب باعتبارها دولة المؤسسات، ودولة الحق، والقانون.
2) أن ثورة الطبقة، يقودها حزب سياسي معين، أو تحالف حزبي معين، أو جبهة وطنية للنضال، من أجل الديمقراطية. وإذا كانت هذه الطبقة هي الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن حزب الطبقة العاملة، الذي يدخل في تحالف مع الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، أو يسعى إلى تكوين جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، هو الذي يقود صراع الطبقة العاملة، وحلفائها، ضد الطبقات التي تمارس الاستغلال على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل الوصول إلى القضاء على الاستغلال، من خلال تحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، إلى ملكية جماعية، وبناء الدولة الاشتراكية، التي تقوم بحماية الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، بينما نجد أن ثورة الشعب، لا علاقة لها لا بالأحزاب، ولا بالمنظمات الجماهيرية، ولا قيادة لها؛ لأن الشعب الملتف حول مطالب معينة، يقود نفسه بنفسه، في أفق إبعاد الحاكمين عن الحكم، وبناء دولة المؤسسات.
3) أن ثورة الطبقة، تسعى إلى تحقيق أهداف سياسية، تهم طبقة معينة. وإذا كانت هذه الطبقة هي الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن الثورة التي يقودها حزب الطبقة العاملة، وحلفاؤه تسعى إلى القضاء على الاستغلال، عن طريق تحويل الملكية الفردية، إلى ملكية جماعية، وبناء الدولة الاشتراكية، التي تشرف على توزيع فائض القيمة، على جميع أفراد المجتمع، وتحول دوت حدوث تراكم رأسمالي، يقود إلى عودة النظام الرأسمالي، والحرص على أن تكون الديمقراطية، بمفهومها الاشتراكي، هي السائدة، حتى يتمكن الشعب من إفراز مؤسسات الدولة، التي تعمل على تطوير الاشتراكية، التي تصير في خدمة مجموع أفراد الشعب، حسب القاعدة التي تقول: "لكل حسب حاجته، وعلى كل حسب قدرته". بينما نجد أن ثورة الشعب، تقف عند حدود إزاحة الحكام، من سدة الحكم، وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية، ودولة الحق، والقانون، ووضع حد لنهب ثروات الشعب، ودون أن تمس جوهر الاستغلال، الذي هو ملكية وسائل الإنتاج، لتبقى الدولة الرأسمالية هي القائمة.
4) أن الثورة الطبقية، تعمل على أساس تحقيق الأهداف القريبة، والمتوسطة، والبعيدة. وإذا كانت الثورة الطبقية هي ثورة الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن هذه الثورة، تسعى إلى تحقيق الأهداف القريبة، التي لها علاقة باليومي من الحياة، كمحاربة الفساد الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي، والسياسي، وكالمطالبة بتمكين العمال بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما تسعى إلى تحقيق الأهداف المتوسطة، المتعلقة ببناء المؤسسات الديمقراطية، التي تضمن السير العام للحياة، وفي كل المجالات، انطلاقا من برنامج مرحلي معين، من أجل أن تصير تلك المؤسسات، في خدمة جميع أفراد الشعب، بقطع النظر عن انتمائهم الطبقي، أو العرقي، أو الديني، أو اللغوي، حتى يطمئن أفراد الشعب على مستقبلهم، بينما نجد أن ثورة الشعب، لا تعمل إلا على تحقيق أهداف، لا توصف لا بالقريبة، ولا بالمتوسطة، ولا بالبعيدة، لكونها تحتمل أن تكن قريبة، وأن تكون متوسطة، وأن تكون بعيدة، حسب القدرة التي يمتلكها الشعب.
وهل يستطيع أن يسقط الحاكم في الأمد القريب، أو في الأمد المتوسط، أو في الأمد البعــيد؟
وكيفما كان الأمر، فإن ثورة الشعب، تسعى إلى تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والثورة الطبقية التي ينجزها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عندما يملكون وعيهم الطبقي، تسعى إلى تحقيق الديمقراطية، وبنفس المضامين. غير أن ثورة الشعب، تسعى إلى تحقيقها في ظل استمرار الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، والثورة الطبقية، تسعى إلى تحقيقها، في ظل تحويل الملكية الفردية، إلى ملكية جماعية.
والديمقراطية، عندما تتحقق، بعد تحقيق ثورة الشعب لأهدافها، تصير الديمقراطية المتحققة، مجالا لممارسة الصراع الطبقي، في مستوياته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والإيديولوجية، والتنظيمية، وبطرق ديمقراطية، بهدف تحقيق الأهداف الآنية، والمرحلية، وتحقيق تراكمات تؤسس لانجاز ثورة الطبقة، الهادفة إلى تحقق الأهداف الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
ذلك أن المجتمع الديمقراطي، يتيح الفرصة أمام إمكانية تحقيق الأهداف القريبة، والمتوسطة، والبعيدة؛ لأنه لا يتم فيه إلغاء الرأي الآخر، ومصادرته، ولأنه عندما تتحقق الديمقراطية، يقوم حوار بين الأطراف المتصارعة، وتتحقق أهداف قريبة، أو متوسطة، كنتيجة لذلك الحوار، مما يترتب عنه إحداث تراكم في المكاسب، يترتب عنه تعميق الوعي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وتحول ذلك الوعي في مستوياته المختلفة، إلى وعي طبقي، يؤهل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لخوض الصراع في مستواه التناحري، من أجل سيطرة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، التي يتم تحويل ملكيتها، من ملكية فردية، إلى ملكية جماعية، تحت إشراف دولة اشتراكية، تكون مهمتها حماية الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، من أجل أن تصير في خدمة الشعب الكادح.
وثورة الطبقة، تقوم بخوض مستويين من الصراع:
المستوى الديمقراطي، الذي يعرف إجراء حوار بين الحزب، أو الأحزاب، أو الجبهة الوطنية للنضال من اجل الديمقراطية، وصولا إلى انتزاع مكاسب آنية، أو مرحلية، لصالح الطبقات التي يمارس عليها الاستغلال، وعلى مدار قيام صراع ديمقراطي، بين الطبقات الممارسة للاستغلال، والطبقات التي يمارس عليها الاستغلال.
والمستوى التناحري، الذي يبقى رهينا بتوقف الصراع الديمقراطي، وبعد أن يصير ميزان القوى، لصالح قيام صراع تناحري، ينتهي بالقضاء على الاستغلال، بتحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، إلى ملكية جماعية، ليصير فائض الإنتاج لمجموع أفراد الشعب، تشرف الدولة الاشتراكية على توزيعه توزيعا عادلا على الجميع بدون أن تكون هناك فروق، نظرا لانتفاء الطبقات، والامتيازات.
ويتبع>>>>>>>>>>> : ماذا تعني الثورتان: التونسية، والمصرية، بالنسبة للشعوب؟.....14