ماذا تعني الثورتان: التونسية، والمصرية، بالنسبة للشعوب؟.....20
إهـــــداء إلـــــــى:
ـ كل من ساهم في حركة الشعوب، في البلاد العربية، ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ الشعوب، في البلاد العربية، التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
ـ إلى الشعبين العظيمين: في تونس، وفي مصر، الحريصين على الذهاب بثورتهما إلى أن تتحقق كل طموحاتهما.
ـ من أجل أن تستمر الثورة في البلاد العربية، حتى يتم القضاء على معاقل الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ـ من أجل الرفع من وتيرة تعبئة الشعوب، حتى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
دروس الثورتين التونسية والمصرية:.....3
وانطلاقا مما كان قبل الثورتين: التونسية، والمصرية، ومما صار بعد قيامهما، يتبين أن الثقافتين: التونسية والمصرية، سوف ترسخان في الواقع التونسي، والمصري:
1) قيم وحدة الشعب، التي تنبذ الطائفية في المجتمعين: التونسي، والمصري، في الوقت الذي كان فيه النظام السابق في تونس، وفي مصر، يسعى إلى تطييف المجتمع التونسي، والمجتمع المصري.
ومن معالم هذه الوحدة:
ا ـ التعامل مع جميع تيارات الدين الواحد، على أساس المساواة فيما بينهم، في إطار ثورة الشعب، وعلى مستوى الشعارات المرفوعة، وعلى مستوى الأهداف المتحققة، فلا شيء يفرق بين التيارات الدينية، حتى وان كانت محزبة.
ب ـ التعامل مع جميع الأديان، التي يؤمن بها أفراد المجتمع، حتى وإن كان بعضها يشكل أقلية، فلا فرق بين دين، ودين، على مستوى المساهمة في الثورة، وفي الشعارات المرفوعة، وعلى مستوى الأهداف. وإذا ظهرت هناك نعرات طائفية في مصر، بالخصوص، فلا علاقة لها بطبيعة القيم الطائفية، القائمة في مجتمع متعدد، والتي يتحلى بها ثوار مصر، وثوار تونس.
ج ـ التعامل مع الأحزاب السياسية، والنقابات، والجمعيات الثقافية، والحقوقية، على أساس أن الثورة، سواء في تونس، أو في مصر، في حاجة إلى مختلف تجارب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات الثقافية، والحقوقية. تلك التجارب التي تغذي فكر، وممارسة الثوار، الذين وجدوا أن الجمعيات، والنقابات، والأحزاب السياسية، تخلت عن رؤاها الضيقة، وعملت على اعتبار برنامج الثورة، سواء في مصر، أو في تونس، هو برنامجها.
د ـ التعامل مع المكونات اللغوية، والثقافية، على أساس المساواة فيما بينها، من منطلق أن التعدد اللغوي، والثقافي، يعتبر قوة لتأييد وحدة الشعب، سواء في تونس، أو في مصر.
هـ ـ التعامل مع الاختلاف الاقتصادي، والاجتماعي، المترتب عن اختلاف الجهات في تونس، أو في مصر، على أنه وسيلة لإغناء وحدة الأرض، ووحدة الشعب، ووحدة القيم الثقافية، ووحدة المصير، ووحدة الأهداف. فقيم وحدة الشعب، لا بد أن تنتصر على القيم الطائفية، وعلى قيم التفتيت، وعلى الثقافات الطائفية، والعرقية، واللغوية، الهادفة إلى جعل المصير المشترك في مهب الريح. وقيم وحدة الشعب، عندما تنتصر، تجعل المصير المشترك حاضرا في الزمان، وفي المكان، لتتحقق في إطاره وحدة الأهداف، المتمثلة في سيادة الشعب، في كل بلد من البلاد العربية، واعتباره مصدرا للسلط المختلفة.
2) قيم التعاضد، والتضامن، والتوحد، وتبادل المنفعة بين جميع أفراد الشعب، كما تبين ذلك من خلال قيام الثورتين: التونسية والمصرية، التي صارت فيهما المصلحة المشتركة فوق كل اعتبار، من خلال النضالات اليومية، ومن خلال برامج تلك النضالات، ومن خلال الأهداف القريبة، المتمثلة في إسقاط النظام، والأهداف المتوسطة: المتمثلة في إسقاط النظام، والأهداف المتوسطة المتمثلة في إعادة بناء هياكل الدولة الحديثة، باعتبارها دولة مدنية / ديمقراطية، ابتداء بانتخاب مجلس تأسيسي، لوضع دستور جديد، يحد من ملامح الدولة الحديثة، وسمات مؤسساتها التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، والبعيدة، المتمثلة في الالتزام بتحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، حتى يصير الشعب في كل من تونس، ومن مصر، مجالا لإشاعة القيم الثقافية النبيلة، التي تنقل الإنسان من مكانة متدنية، إلى مكانة متقدمة، ومتطورة.
3) قيم التحرر، والتقدم، والتطور، التي تصير حاضرة في الفكر، وفي ممارسة جميع أفراد الشعب، في كل من تونس، ومصر، من أجل أن يصير التحرر من الأوهام، ومن الخرافات، ومن الغيب، ومن الطبقات الممارسة للاستغلال، ومن الحكام المستبدين، ومهما علا شأنهم، ومن التبعية للأجانب، على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن يحتل الشعبان: التونسي، والمصري، مكانتهم بين الشعوب، وبين الدول.
4) قيم الحرص على التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهو ما لم يكن موجودا من قبل، على جميع المستويات، حيث كانت حقوق الإنسان مهدورة، سواء في تونس، أو في مصر، كما في باقي البلدان العربية، مما يجعل الإنسان التونسي، أو المصري، يقبل هدر حقوقه المختلفة، دون مناقشة، قبل قيام الثورة في تونس، أو مصر. إلا أن الثورة جعلت الجميع، الآن، بعد الثورة في تونس، ثم في مصر، يحرصون على التمتع بحقوقهم المختلفة، لتأكيد أن إنسانيتهم حاضرة في الزمان، وفي المكان.
5) قيم الحرص على التضامن مع الشعوب العربية المناضلة، من أجل الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ومع باقي الشعوب المضطهدة في جميع أنحاء العالم، سواء كان ذلك الاضطهاد أجنبيا، أو بسبب الحكم المستبد، الناهب لثروات الشعوب المضطهدة، التي تتحرك من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعـــدالة الاجتماعية.
6) قيم الاهتمام، والتتبع، لما يجري محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، وعالميا، حتى تصير الشعوب الثائرة مستوعبة للأحداث، ولمختلف التحولات التي تقع هنا، أوهناك، من أجل أن تترتب عن كل ذلك، مواقف معينة، تنسجم مع طبيعة القيم الثقافية، التي صارت سائدة بين أفراد الشعب التونسي، أو الشعب المصري.
فالدرس الثقافي الذي نستفيده من الثورتين: التونسية، والمصرية، حتى وإن لم يبلغ التحول الثقافي مداه، ليصير ثورة ثقافية، تقلب القيم الثقافية في تونس، وفي مصر، رأسا على عقب، هو درس وجيه يقتضي منا التمعن فيه والقف على تأثيره على البنيات الاجتماعية على المدى البعيد.
وهذا الدرس الثقافي، كغيره من الدروس الأخرى، المستفادة من الثورتين: التونســية، والمصرية، لا ينحصر تأثيره في تونس، وفي مصر، بل يمتد ليشمل جميع الشعــوب في البلاد العربية، كما تدل على ذلك الانتفاضات التي قامت هنا، أو هناك، والتي انتــقل بعضها إلى مستوى المواجهة، كما حصل في ليبيا، وفي سوريا، وبقي البعض الآخر الذي مورس علــيه التقتيل من جهة واحدة، كما حصل في اليمن وفي سوريا في بداية الثورة السورية، وكما حصل في البحــرين.
وتأثير ثقافة الثورة في تونس، وفي مصر، على الشعبين في تونس، وفي مصر، وعلى بقية الشعوب في البلاد العربية، يبقى إلى حين، في انتظار قيام ثورة ثقافية حقيقية، في كل بلد من البلاد العربية، وفي مجموع البلاد العربية، لاجتثاث دواعي استمرار ثقافة التخلف، والانحطاط، والارتداد وكل ما يجعل أي فرد من أفراد الشعب، في أي بلد من البلاد العربية، لا يهتم بما يجري في الحياة، ولا يحرص على وحدة الشعب، ولا يتضامن مع الشعوب المضطهدة، ولا يحرص على التمتع بحقوقه، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة. فاجتثاث تلك الدواعي، تعتبر شرطا للقطع مع ثقافة التخلف، والانحطاط، كما تعتبر مدخلا لإنتاج ثقافة التقدم، والتطور، والتغيير، التي تصير ضرورية لإيجاد إنسان آخر، يحرص على التحرر من كل أشكال الاستلاب، التي ضيعت الإنسان في البلاد العربية، لعقود طويلة، لم يستفد منها إلا الحكام، وأذنابهم، المنكبون على نهب ثروات الشعوب، في كل بلد من البلاد العربية، كما بينت ذلك الوقائع، والأحداث.
ويتبع>>>>>>>>>>> : ماذا تعني الثورتان: التونسية، والمصرية، بالنسبة للشعوب؟.....22