أسس النظرية النفسية الإسلامية الأولى3
4 . قضايا مثيرة للجدل:
أ- أنواع القلق النفسي وهل يقلق المؤمن؟
ب- المس وإخراج الجان من الإنسان.
ج- العين
د- السحر
أ – أنواع القلق النفسي وهل يقلق المؤمن؟
للقلق الإنساني ثلاثة أنواع بحسب مصدره أولها القلق الظرفي المرتبط بالخوف من وقوع ما لا يسر أو فوات ما ترغب النفس فيه، وثانيها القلق الوجودي من مثل البحث عن معنى لحياة الإنسان وعن الهداية وهو يشعر بحريته ولا يدري ماذا يفعل بها وبالخوف من الموت والانعدام ومن الخوف من الفقر والاحتياج وما شابه من أسباب للقلق ملازمة للوجود الإنسان، وثالثها القلق المرضي الناتج عن خلل في عمل آلة الفكر والشعور عند الإنسان أي الدماغ وباقي الجسد عموماً.
القلق الظرفي علاجه الإعدا د الجيد والتوكل على لله (إنما عليك الكيس فإن غلبك أمر فقل حسبي لله ونعم الوكيل). روى الترمذي في سننه أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: «قال رَجُلٌ: يَا رَسولَ الله: أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ اعقِلْهَا وَتَوَكَلْ»، وعلاج القلق الوجودي يكون بالإيمان الحق الخالي من الشرك بالله مع الإيمان باليوم الآخر.
أما القلق المرضي فعلاجه دوائي ومعرفي سلوكي.
والمؤمن يقلق والنفس المؤمنة مطمئنة يوم القامة إذ لا خوف عليهم ولا هم يحزنون:
قال تعالى في سورة البلد: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)).
وبذكر الله تطمئن القلوب القلقة لا القلوب المطمئنة، قال تعالى في سورة الرعد: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)).
إذا الأصل في الدنيا القلق واسمه في القرآن الحَزَن (لا تحزن إن الله معنا) ومن نعم الله على أهل الجنة أنهم لا يقلقون أبداً، قال تعالى في سورة فاطر: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)).
ب _ المس وإخراج الجان من الإنسان:
الاعتقاد أن الجني يدخل جسم الإنسان ويتكلم على لسانه اعتقاد موروث مما قبل الإسلام تم فهم النصوص في ضوئه مع أن دلالتها عليه ليست قطعية وكان الدليل الذي رسخ هذا الاعتقاد هو ما يجري على ألسنة المرضى أثناء جلسات إخراج الجن منهم، أي الدليل من الواقع لا من النص وقد يخطىء الناس في تفسير الواقع حتى لو كان واضحاً وضوح الشمس المشرقة.
بالعودة إلى النصوص الصحيحة نتبين أن دلالتها على التلبس غير قطعية على الإطلاق وبالتالي يجب أن لا ندخلها في العقيدة التي يجب أن تبنى على ما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة وما قاربه.
التلبس وكلام الجني على لسان الإنسي هو شكل من أشكال تعدد الهويات مماثل لما يحدث لدى بعض المرضى تحت الضغط النفسي أو تحت التنويم المغناطيسي ويكون الحوار مع شخصية أو هوية أخرى لنفس الشخص.
العين:
العين حق لكنها لا تؤثر من خلال شعاع يخرج من عين العائن بل هي دعوة صامتة أن يزيل لله نعمة رٓاها الشخص على غيره وتمناها لنفسه، لذا عليه أن يقول بارك لله فلا تؤذي نظرته أحد، وعلى صاحب النعمة أن يقول ما شاء لله لا قوة إلا بالله فلن تضرها عين.
العين حق لكن إصلاح أضرارها يكون بطرق العلاج المعروفة وأقول للمرضى لو أن رجلاً أصابته عين فكسرت ساقه هل يذهب إلى المطوع أم إلى المجبر الذي يجبر كسره، وأسألهم لو أن عندك سيارة جديدة جميلة وأصابتها عين فاندعمت أين تأخذها؟ وكذلك لو تسببت العين بالقلق النفسي أو الا كتئاب أو غير ذلك فتعالج كما تعالج هذه الأمراض عادة بغض النظر عن دور العين فيها.
السحر:
أما السحر فإنه القدرة على خلق صورة ووهم لا يطابق الحقيقة، أي قدرة على التأثير في إدراكات الناس للواقع دون القدرة على تغيير هذا الواقع (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)) (سورة الأعراف).
والسحر يضر ولا ينفع (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)).
وأكثر من يدعون القدرة عليه دجالون والحقيقي منه قليل جداً ولا تكشف حتى الكاميرا زيفه، والحكمة منه ضمان حرية الإيمان والكفر حتى في وجود المعجزات التي تخرج عن القوانين الطبيعية المعروفة..
وقياساً على العين لو تسبب السحر بأي مرض نفسي للإنسان فعلاجه طبي ونفسي.
واقرأ أيضاً:
بصائر نفسية إسلامية (4) / ما لنا غيرك يا الله(3) / الطب النفسى شبهات وردود / الطب النفسى الإسلامى