آلية تفاعل لابد من الإيمان بها والرضوخ لنتائجها، وإلا فلا مكان للحديث عن الديمقراطية، والتغني بها، في الخطابات والكتابات وغيرها من منابر التعبير عن الرأي. وفي هذه العملية هناك قبول بالنتيجة حتى وإن كانت لا تتفق وما تريد!
فهل لدينا القدرة على أن نكون ديمقراطيين؟!
في مجتمعاتنا لانزال نتفاعل وفقا لمنهج "إن لم تكن معي فأنت ضدي"، و"إذا إختلفت معي فأنت عدوي"!!
وبهذه الثوابت السلوكية نحقق عوقا ديمقراطيا شديدا، ومدمرا للذات والموضوع. حيث يتم تدمير الحالات المتفاعلة بمسمياتها وتوصيفاتها، وكذلك وعاءها الذي يحتويها وهو الوطن.
وما يجري في واقعنا السياسي، أننا نحطم كل شيء باسم الديمقراطية، التي لا نؤمن بقواعدها وأصولها الأساسية، ونسعى لتفصيلها على قياسات مناهجنا البدائية، الموغلة في الغابية، والتفاعلات السلبية الغير صالحة للحياة، والمتنافرة مع إرادة العصر.
فترانا بعد كل انتخابات ندخل في متاهات الصراعات الدامية والمشلة للحركة الصالحة للمجتمع والوطن، ذلك أننا حسبنا الديمقراطية، انتخابات وحسب، وتجاهلنا آلياتها التفاعلية، والتزاماتنا الوطنية والإنسانية تجاهها.
وفي الدول الديمقراطية العريقة، تختلف الأحزاب وتدخل في حوارات ساخنة، وعندما تفرض الآلية الديمقراطية نتائجها وتقديراتها الحاسمة، يلتزم الجميع بها، فيقبلون النتيجة برغم عدم اتفاقهم معها. فعدم الاتفاق جزء مهم من الفعاليات الديمقراطية، لكنه لا يجوز له أن يؤدي إلى صيرورة تدميرية، أو إضعاف للوطن، أو الإضرار بمصالحه، وتدمير قوامه الإنساني والثقافي والخدمي والاقتصادي.
ولا يمكننا أن نكون ديمقراطيين ومتفاعلين بمعاصرة حضارية واعية، إذا لم نقر بالعملية الديمقراطية، وأن نتعلم السلوك الديمقراطي الصائب.
فهل سنتحرر من قبليتنا وجاهليتنا وأوهامنا الديمقراطية؟!!
واقرأ أيضًا:
القوة والسلوك!! / إرادة الحرب وإرادة السلام!! / أفكار حصان!! / مفاهيمنا العتيقة!! / الديمقراطية في العمل