فاعلية العلاج النفسي الديني في تخفيف أعراض الوسواس القهري لدى عينة من طالبات الجامعة**
فاعلية العلاج النفسي الديني في الوسواس القهري (1)
خامساً: مصطلحات الدراسة:
وتتبلور مصطلحات الدراسة الحالية على النحو التالي:
1- العلاج النفسي الديني: Religion Psychological Psychotherapy
الإرشاد والعلاج النفسي الديني هو مجموعة من الخدمات التخصصية التي يقدمها مختصون في علم النفس لأشخاص يعانون من سوء توافق نفسي أو شخصي أو اجتماعي بهدف مساعدتهم على تجنب الوقوع في مشكلات أو محن نفسية أو اجتماعية أو أسرية، وتقليل آثارها إذا وقعت، وتزويدهم بالمعارف الدينية والعلمية والمهارات الفنية لتحسين توافقهم النفسي مع هذه الظروف استرشاداً بالعبادات والقيم الدينية، مثل : التقوى، والتوكل، والصبر، والإيمان بالقضاء والقدر، والدعاء، هذا من ناحية .. ومن ناحية أخرى استغلال فنيات وأساليب نظريات الإرشاد النفسي بأنواعها كوسائل معينة من مساعدة المسترشد على تحقيق النمو الذاتي وتحمل المسئولية الاجتماعية وتحقيق أهدافه المشروعة من الناحية الدينية في نطاق قدراته وإمكانياته.
وإجرائياً: يقتصر مفهوم العلاج النفسي الديني على الفنيات والأساليب المستخدمة في البرنامج العلاجي الذي قام الباحثون بإعداده وتطبيقه على عينة من طالبات الجامعة، وهي: فنية وقف الأفكار – الاستغفار– فنية إعادة البناء المعرفي– فنية التعريض ومنع الاستجابة – فنية التحصين التدريجي- فنية صرف الانتباه – الطرق الاقتدائية- فنية لعب الدور – فنية قلب الدورـ المناظرة والحوار - فنية التعزيز – فنية الاسترخاء والتدريب على التنفس – تقليل الحساسية التدريجي –الاعتراف بالذنب– فنية إعادة العزو - أسلوب المحاضرة والوعظ – أسلوب المناقشة الجماعية، الواجبات المنزلية.
الوسواس القهري : Obsessive Compulsive
"الوساوس obsessions هي:" أفكار متسلطة، والقهر compulsion هو: سلوك جبري يظهر بقوة لدى المريض، ويلازمه ويستحوذ عليه، ويفرض نفسه عليه، ولا يستطيع مقاومته؛ رغم وعيه وتبَصٌّره بغرابته وسخفه وعدم فائدته، ويشعر بالقلق والتوتر إذا قاوم ما توسوس به نفسه، ويشعر بإلحاح داخلي للقيام به." (زهران،1999، ص423 ) ويعتمد الباحثون علي المحكات التشخيصية الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للإضطرابات العقلية ®DSM IV.
إجرائيا: هو الدرجة التي يحصل عليها الفرد على قائمة مودزلي للعصاب القهري Moudsley Obsessional Compulsive Inventory (MOCI)، ومقياس يل براون للوسواس القهري (YBOCS) ترجمة صفوت فرج وسعاد البشر، 2002.
سادساً: الإطار النظري
يتناول الإطار النظري للدراسة باديءُ ذي بدءِ "العلاج النفسي الديني" من خلال عدة زوايا، بداية بالتعريف وانتهاء بالتقييم، ومروراً بالمبادئ والمراحل وخطوات العلاج، يليه "اضطراب الوسواس القهري".
مفهوم الإرشاد والعلاج النفسي الديني :
الإرشاد النفسي الديني عند صبحي (1980، ص 220 ) هو أحد المساعدات الإرشادية التي تستخدم كأداة للتغلب على العقبات التي تقف في سبيل التوافق النفسي، وتحقيق الحاجات النفسية والفسيولوجية لدى الأفراد بصفة عامة، والشباب بصفة خاصة، وذلك عن طريق الإفادة من محتوى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كأحد المساهمات في تصحيح الأفكار والتصورات الخاطئة.
فالإرشاد والعلاج النفسي الديني عند فهمي ( 1987، ص36 ( هو أسلوب توجيه واستبصار يعتمد على معرفة الفرد لنفسه، ولربه، ولدينه،وللقيم والمبادئ الروحية والخلقية، وهذه المعرفة غير الدنيوية المتعددة الجوانب والأركان تعتبر مشعلاً يوجه الفرد في دنياه، ويزيده استبصاراً بنفسه، وبأعماله، وطرائق توافقه في حاضره ومستقبله. وقد أشار هذا التعريف إلى عمليتي التوافق والاستبصار كهدفين مهمين للإرشاد والعلاج النفسي الديني.
وعرّف زهران ( 1995، ص 377) الإرشاد والعلاج النفس الديني بأنه أسلوب توجيه وإرشاد وتربية وتعليم، يقوم على معرفة الفرد لنفسه ولدينه ولربه والقيم الروحية والأخلاقية، وقد عرّف عبد الحميد، وكفــافي ( 1995،ص 3243 ) العلاج النفسي الديني بأنه عـلاج نفسي تدعيمي، يوفـر نوعاً من الإرشـاد الدعوي.
لذا يرى الباحثون أنه من المداخل الصحيحة لتعريف العلاج النفسي الديني تناوله من مدخله الأوسع وهو: الإرشاد النفسي الديني، فالإرشاد أعم من العلاج،وينضوي العلاج النفسي الديني تحت عنوان أكبر وهو الإرشاد النفسي الديني. وهناك اتجاهان في تناول العلاج النفسي الديني، يسعى الاتجاه الأول إلى تحديد فنيات بعينها لتكون هي فنيات العلاج النفسي الديني والمميزة لهذا النوع من العلاج النفسي. بينما يرى الاتجاه الثاني أن العلاج النفسي الديني له مبادؤه وأسسه المميزة له، والتي لا تمنع من الاستفادة بفنيات العلاج النفسي جميعها، والتي تتفق وتلك المبادئ والأسس.
وتتناول الدراسة فيما يلي مفهوم وأسس ومبادئ وأساليب وفنيات العلاج النفسي الديني.
وعرّف مرسي (1995، ص 68) الإرشاد والعلاج النفسي الديني الإسلامي بأنه عمليات تعلم وتعليم نفسي اجتماعي، تتم في مواجهة Face to Face بين شخص متخصص في علم النفس الإرشادي ( مرشد )، وشخص أخر يقع عليه التوجيه والإرشاد (المسترشد)، ويستخدم فيه فنيات وتقنيات وأساليب فنية ومهنية، ويهدف إلى مساعدة المسترشد على حل مشكلاته ومواجهتها بأساليب توافقية مباشرة، ومعاونته على فهم نفسه، ومعرفة قدراته وميوله وتشجيعه على الرضا بما قسم الله له، وتدريبه على اتخاذ قراراته بهدي من شرع الله حتى ينشأ عنده طلب الحلال بإرادته، وترك الحرام بإرادته، ويضع لنفسه أهدافاً واقعية مشروعة، ويفيد من قدرته بأقصى وسعها في عمل ما ينفعه وينفع الآخرين، ويجد تحقيق ذاته من فعل ما يرضي الله فينعم بالسعادة في الدنيا والآخرة.
وعرّف إبراهيم (1998، ص 26) الإرشاد والعلاج النفسي الديني بأنه عملية توجيه وإرشاد وعلاج وتربية وتعليم تتضمن تصحيح وتغيير تعلم سابق خطأ، وهو إرشاد تدعيمي يقوم على استخدام القيم والمفاهيم الدينية والخلقية، ويتناول فيه المرشد مع العميل موضوع الاعتراف والتوبة والاستبصار، وتعلم مهارات وقيم جديدة تعمل على وقاية وعلاج الفرد من الاضطرابات السلوكية والنفسية.
ويرى الباحثون أن هذا التعريف يتضمن عدداً من النقاط المهمة، فقد أشار التعريف الى تصحيح وتغيير التعلّم السابق الخاطئ واستبداله بالتعلّم الصحيح وهو مبدأ مهم من مبادئ النظرية السلوكية والعلاج المعرفي السلوكي، كما أشار التعريف إلى العلاج التدعيمي كأحد الاتجاهات العلاجية الحديثة، فضلاً عن إشارة التعريف إلى الاستبصار والوقاية كنقاط مهمة مميزة للارشاد والعلاج النفسي الديني، فالإرشاد وقاية، والعلاج يهدف إلى الاستبصار. وبهذا المعنى يكون تعريف إبراهيم (1998) قد أضاف إلى تعريف صبحي( 1980) وصفاً لعملية الإرشاد النفسي الديني من حيث : كيف تتم ؟ وأهميتها في وقاية الفرد من الاضطرابات السلوكية والنفسية.
وعرّف خضر (2000،ص 220) الإرشاد النفسي الديني بأنه محاولة مساعدة الفرد لاستخدام المعطيات الدينية للوصول إلى حالة من التوافق تسمح له بالقدرة على ضبط انفعالاته إلى الحد الذي يساعده على النجاح في الحياة، و ترى ياركندي ( 2003، ص 156) أن الإرشاد النفسي الديني هو استخدام مبادئ وأحكام الدين في توجيه سلوك الأفراد بحيث يتفق مع هذه المبادئ والأحكام، بينما عرّف الأميري ( 2004، ص363) الإرشاد النفسي الديني بأنه مجموعة من الأساليب والمعارف والخدمات يقدمها أخصائيون في الإرشاد معتمدين على القرآن والسنة؛ بهدف تحقيق الصحة النفسية.
ويعرّف الحبيب (2005،ص12 ) الإرشاد النفسي الديني بأنه طريقة من الطرق الإرشادية التي تستخدم فنيات الدين وقيمه ومفاهيمه في إصلاح عيوب النفس وإرجاعها إلى فطرتها السليمة التي فطرها الله عليها، في حين يرى المهدي(2005) أن الإرشاد النفسي الديني هو إرشاد روحي بمعناه الغيبي غير المحسوس بالإضافة إلى الاهتمام الملحوظ بالعلاج النفسي الذي أخضع للدراسة على صعيد العلم والتجربة أحياناً، وبذلك يجمع بين الأخذ بالأسباب واللجوء إلى خالقها، لقوله تعالى : "وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ") سورة الشعراء، آية رقم80(.
كما عرّف ليهي (2006، ص 93 ) العلاج النفسي الديني بأنه شكل من أشكال العلاج النفسي الحديث يقوم على أساليب ومفاهيم ومبادئ دينية وروحية وأخلاقية بهدف تصحيح وتغيير الأفكار المشوهة، والتصورات المختلة وظيفياً لدى الفرد في أمور الحياة كلها، ومساعدته على تحمل مشاق الحياة، ويبعث الأمن والطمأنينة في النفس،وراحة البال ويغمره الشعور بالسعادة.
كل هذه التعريفات عرضت للإرشاد والعلاج النفسي الديني كعملية لها أهدافها وفنياتها ومبادؤها ومراحلها، ولكن لم تحدد أي الأديان، ولذلك يقصد الباحـثون بالإرشـاد النفسي الديني الإرشاد النفسي الديني الإسلامي؛ لأن الإرشاد النفسي الديني يشتمل على كل الرسالات السماوية، حيث أعطى الدين الإسلامي تصوراً كاملاً عن النفس الإنسانيـة في صحتها ومرضـها، كما أنه الرسالة الخاتمة، التي جاءت لتناسب كل زمـان ومكان وللإنسانية عامـة. ويتضح من العرض السابق لمفهوم الإرشاد النفسي الديني من المنظور الإسلامي أنه ركز على أنه شكل من أشكال الإرشاد النفسي الحديث يستمد أساسياته وفنياته من الإسلام، وأنه ذو فعالية في تخفيف الاضطرابات النفسية، الأمر الذي يسهم في تحقيق الاتزان الروحي والاستقرار النفسي في نهاية المطاف. ويري الباحثون أن العلاج النفسي الديني هو أحد أنواع العلاج النفسي المحددة المبادئ،والمفاهيم، والأسس، والخطوات، والفنيات التي تهتم بتوجيه المريض إلى الاهتمام بعلاج الاضطراب الذي يعاني منه وفق المفاهيم الدينية الصحيحة، والأفكار السليمة التي تساعده على التوافق النفسي، والاجتماعي، والروحي.
المراجع:
- فضة، حمدان "دراسة مقارنة لمستويات الأنا العليا لدى العصابيين القهريين والأسوياء", رسالة ماجستير ، كلية التربية ، جامعة بنها (1989).
- فضة، حمدان "كفاية التواصل المُدْرك لدى طلاب الجامعة وعلاقتها بمستوى نمو الأنا لديهم", مجلة كلية التربية ببنها ،المجلد "10"، العدد "39" ،ص 261 – 328. (1999).
- فضة، حمدان "الأحكام السبقية لدى طلاب الجامعة على متصل السلوك الاجتماعي", بحث مقبول النشر،مجلة الإرشاد النفسي، مركز الإرشاد النفسي،جامعة عين شمس (2002).
- فرج، صفوت؛ وسعاد البشر "المقارنة بين كل من العلاج السلوكي بأسلوب التعرض ومنع الاستجابة وبين العلاج الدوائي لمرضى الوسواس القهري", مجلة دراسات نفسية، م "12
- هولاند " اضطراب الوسواس القهري"، فى: ليهي، روبرت (مترجم، 2006) : دليل عملي تفصيلي لممارسة العلاج النفسي المعرفي في الاضطرابات النفسية، ترجمة جمعة يوسف ومحمد الصبوة. القاهرة : ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع (مترجم،2006).
- عكاشة، أحمد "الطب النفسي المعاصر"، القاهرة : الأنجلو المصرية (2003).
- بيك، آرون؛ ووليامز، مارك؛ وسكوت، جان " العلاج المعرفي والممارسة الإكلينيكية (موسوعة علم النفس العيادى؛ 5 )"، ترجمة حسن عبد المعطى القاهرة : دار زهراء الشرق ( مترجم، 2002).
- مخيمر، صلاح "تناول جديد في تصنيف الأعصبة والعلاجات النفسية", القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية (1977).
** د. حمدان محمود فضة د. آمال إبراهيم الفقي، والباحث: سليمان رجب سيد أحمد
واقرأ أيضاً:
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري / أسس النظرية النفسية الإسلامية الأولى3